المُحاكمة مقابل المال.. هل يتكفل العراق بالدواعش الغربيين ؟
الجمعة 12/أبريل/2019 - 01:56 م
شيماء حفظي
على أرض العراق بدأت المعركة مع تنظيم «داعش» وربما ستكون هي أيضًا أرض النهاية، فبعد سنوات من تدفق المقاتلين الأجانب للانضمام إلى التنظيم الإرهابي، سيتولى العراق أيضًا محاكمتهم دون الحاجة لإعادتهم إلى بلادهم.
وفي وقت تخشى أوروبا عودة هؤلاء الإرهابيين إلى أراضيها مرة أخرى حاملين أيديولوجيا التنظيم المتطرف، اقترحت بغداد أن تتولى محاكمة واحتجاز الإرهابيين، مقابل «المال». ودعا الأكراد السوريون في وقت سابق، إلى تشكيل محكمة دولية خاصة لمحاكمة الجهاديين المعتقلين لديهم، فيما تجري الأمم المتحدة تحقيقها حول اعتبار جرائم تنظيم داعش «إبادة جماعية»، التي تعد أخطر الجرائم وفقا للقانون الدولي.
واقترح العراق على دول التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، تولي محاكمة الجهاديين الأجانب المعتقلين في سوريا، مقابل تحمل تكاليف تلك المحاكمات، ما سيتيح لدول عدة تجنب استعادة مواطنيها، لكن هذا الحل يقلق في الوقت نفسه المدافعين عن حقوق الإنسان.
القوات الكردية في سوريا
وقال مصدر حكومي لوكالة «فرانس برس»: إن الدول الأعضاء في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، لم ترد على مقترح بغداد الذي يشمل الإرهابيين الأجانب الذين تحتجزهم القوات الكردية في سوريا، ويشير المصدر إلى أنه على الرغم من ذلك لكن يبدو أن البعض قد اختار بالفعل الاعتماد على القضاء العراقي.
ويعتبر القضاء العراقي، محاكمه ذات اختصاص استنادًا إلى أن الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم «داعش» كانت تمتد على مساحات بين سوريا والعراق.
وتحاول السلطات العراقية، توضيح أنه لاحتجاز هؤلاء الأجانب تكلفة، في وقت تكتظ سجونها اليوم بآلاف العراقيين الذين اعتقلوا خلال الحملة ضد التنظيم إضافة إلى مئات الأجانب المحكوم عليهم بالإعدام أو المؤبد.
وقال مسؤول حكومي عراقي لفرانس برس: إن بغداد اقترحت «خيارًا»، يتمثل بـ«محاكمة الجهاديين الأجانب المحتجزين حاليًّا من قبل الأكراد في سوريا» في العراق، على أن يكون ذلك «مقابل ملياري دولار»، وفي حال تم التوافق على هذا الخيار، فبمجرد محاكمة هؤلاء، تحتفظ بغداد بحق طلب «مزيد من الأموال لتغطية نفقات الإيواء».
ويستعد العراق بالفعل لمحاكمة 12 فرنسيًّا اعتقلوا في سوريا ونقلوا إلى العراق، ويواجه هؤلاء عقوبة الإعدام، لكن ثلاثة فرنسيين سبق وحوكموا في بغداد، حكم عليهم بالسجن المؤبد، وهو ما يعادل 20 عامًا في العراق.
وأشار مسؤول آخر للوكالة، إلى أنه لغرض قيام السلطات العراقية باعتقال ومحاكمة الجهاديين الأجانب على أراضيها، والذين يقدر عددهم بحوالي ألف عنصر وفقًا للقوات الكردية السورية، تم احتساب «التكاليف» بناء على ما طبق في غوانتانامو.
وأضاف أن الدول الأصلية لهؤلاء الجهاديين المشتبه بهم «تواجه مشكلة، ولدينا الحل».
وتشكل عودة الجهاديين الأجانب، الذين هم حاليًّا فى قبضة القوات الكردية في سوريا، مسألة حساسة للغاية بالنسبة للرأي العام في الدول التي ينتمون إليها.
وأشار المسؤول إلى أن فرنسا لم تبدأ حتى الآن تنفيذ خطة مفصلة لإعادة الجهاديين الفرنسيين وعائلاتهم من سوريا، بحسب ما أفادت تقارير صحفية، واكتفت بالتحدث عن "فرضية" للعمل على ذلك.
وذكر مسؤول ثالث لفرانس برس أن هؤلاء الجهاديين قدموا من «52 دولة»، لذلك كان من السهل مخاطبة التحالف الدولي بدلًا من كل عواصم تلك الدول، في وقت لم يعلق الاتحاد على الأمر.
وأشار المصدر إلى أن من بين المواضيع التي يتم التداول بها تشكيل «محكمة خاصة» لإجراء المحاكمات.
وما يشير إلى إمكانية موافقة دول التحالف على اقتراح العراق، أنه في محاكمة هؤلاء الإرهابيين، من المرجح أن تصدر هذه المحكمة أحكامًا بالإعدام، وهي عقوبة مرفوضة من قبل دول الاتحاد الأوروبي، التي ينتمي إليها العشرات من المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش.
وعلى الرغم من المخاطر التي تحيط بدول أوروبا من إعادة إرهابييها، يعترض المهتمون بحقوق الإنسان على تسليم الأمر برمته إلى العراق.
وتقول بلقيس ويلي من منظمة هيومن رايتس ووتش لفرانس برس، إنه وإلى جانب الأحكام القاسية، فإن المحاكمات في العراق «لا تضمن محاكمات عادلة»، وتشكل «خطرًا حقيقيًّا للتعذيب».
وأضافت أنه إذا ما قررت البلدان الأصلية الاعتماد على محاكم بغداد، فعلى تلك الدول «أن تكون أكثر انخراطًا في تطوير النظام القضائي العراقي».





