بعد تصنيف «الثوري» الإيراني إرهابيًّا.. سيناريوهات المستقبل والمآلات المحتملة

شكل إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، الإثنين 8 أبريل، إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة المنظمات الإرهابية، خطوة مفاجئة لم تقدم واشنطن عليها من قبل رغم كل الأزمات التي شابت العلاقات بين البلدين، إذ من المنتظر أن تتبع تلك الخطوة إجراءات أخرى كفرض عقوبات على أي مؤسسات مالية أو مصارف تتعامل مع الحرس الثوري وإحجام دول العالم عن إقامة أي علاقات اقتصادية أو تجارية مع طهران.

وعقب إصدار القرار حذّر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو كل الشركات والمصارف حول العالم، من التعامل مع الحرس الثوري، وقال إن «الشركات والمصارف حول العالم أمام مسؤولية واضحة تقضي بالتأكّد من أن كل المؤسسات التي يتعاملون معها ماليًّا، ليست على أي علاقة مادية بالحرس الثوري الإيراني».
وتجدر الإشارة إلى أن تلك الخطوة تعد الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات الدوليَّة، عندما يتم تصنيف جيش نظامي كإرهابي، وهي خطوة لها ما بعدها في التعاملات الدوليَّة، وتعد سابقة مهمة قد تحذو حذوها بعض الدول.

من جانبه قال الكاتب الصحفي، أسامة الهتيمي، الخبير في الشؤون الإيرانية، إنه على الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعتبر إيران ومنذ السنوات الأولى لثورة الخميني دولة راعية للإرهاب، خاصة وقد قام أنصار هذه الثورة باحتجاز الرهائن الأمريكيين في السفارة الأمريكية بطهران لمدة 444 يومًا، إلا أن واشنطن لم تقدم على خطوة تصنيف الحرس الثوري الذي، جاء تأسيسه بعد استتباب الأمر للخميني بأشهر قليلة، كمنظمة إرهابية آنذاك.
وأوضح الهتيمي في تصريحاته لـ«المرجع» أن إحجام واشنطن عن اتخاذ تلك الخطوة من قبل، يرجع لاعتبارات كثيرة ربما أهمها أن الدور الخارجي والمثير الذي بدأ يلعبه «الحرس» لم ينشط إلا مع تأسيس «فيلق القدس» في بداية التسعينيات، وثانيًا أن الولايات المتحدة نجحت ورغم الخلافات مع إيران، خلال تلك الفترة، في أن توظف إيران وأجهزتها الأمنية ومن بينها الحرس الثوري لتحقيق الكثير من الأهداف الأمريكية في المنطقة.
ولفت إلى أن من بين الأسباب أيضًا، أن إيران استطاعت أن تقنع الولايات المتحدة بالدور المهم الذي تقوم به وأجهزتها في محاربة الإرهاب في المنطقة إلى جانب أن واشنطن لم تكن ترغب في حدوث مواجهات حقيقية بين قوات الحرس الإيراني والقوات الأمريكية المنتشرة عبر القواعد الأمريكية في المنطقة، وهذا لا يعني أن أمريكا تتخوف من هذه المواجهات بقدر ما يعني أن أمريكا كانت تريد أن توفر البيئة الملائمة للحد من قدرات هذه المؤسسة الأمنية التي تمكنت من ترسيخ أقدامها في العديد من بلدان المنطقة.
وأضاف «الهتيمى» أن ثمة سيناريوهين يمكن أن يترتبا على الخطوة الأمريكية بتصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية خارجية: الأولى أن تتعاطى إيران بالمثل مع هذا القرار، وفق ما جاء على ألسنة العديد من القادة الإيرانيين السياسيين والعسكريين، فتعتبر إيران الجيش الأمريكي منظمة إرهابية ومن ثم تكون القوات الأمريكية عرضة لعمليات هجوم إيرانية في حال تعرض عناصر الحرس الثوري الإيراني لهجوم أمريكي، وهو الأمر الذي يمكن أن يصعد التوتر بين البلدين.

أما الاحتمال الثاني، فهو أن تقتصر إيران وفي رد فعلها على القرار الأمريكي بالإدلاء بالتصريحات المضادة الحادة التي لا يصاحبها مواقف عملية أو فعلية، في إطار الرهان على الوقت وإجراء انتخابات رئاسية أمريكية جديدة يرجح أن تستبعد ترامب من سدة الحكم، وفي الوقت نفسه تعمل إيران وبشكل منظم ودؤوب على التأكيد على دور الحرس الثوري ولفت انتباه كل المؤسسات الأمريكية والغربية لأهمية هذا الدور، ما يفتح الباب على مصراعيه أمام كل الاحتمالات، كأن تدفع إيران إلى إعادة استئناف نشاط تنظيمات العنف في المنطقة وتهديد المصالح الغربية، أو إثارة التوترات والقلاقل في عدد من بلدان المنطقة، أو شن العديد من الهجمات التي تؤثر سلبًا على مصادر الطاقة وغير ذلك مما يمثل دفعة للمؤسسات الغربية الاقتصادية والسياسية والحقوقية لممارسة ضغوط على أمريكا بتغيير موقفها من الحرس الثوري.

وأشار أسامة الهتيمى إلى أن الاحتمال الثاني يعني ببساطة أن تداعيات القرار الأمريكي لن تنحصر فحسب فى الجانب الأمريكي وإنما تنسحب إلى دول المنطقة بأكملها، وهو أمر لا تتحرج إيران منه كون أن لديها يقينًا كاملًا أن دول المنطقة؛ وخاصة دول الخليج ساهمت بشكل كبير في استحثاث واشنطن على اتخاذ هذه الخطوة، ومن ثم فإن العقاب المترتب عليها يستلزم أن يشمل الطرف المحرض أيضًا.
وحول النتائج المتربة على كلا السيناريوهين، قال الخبير فى الشأن الإيرانى: إنه طبقًا للسيناريو الأول فإن اندلاع مناوشات بين الطرفين الأمريكي والإيراني يعني أن يتكبد كلاهما خسائر، وهو ما يمكن أن يسفر عن احتمالين آخرين، فإما أن تستمر هذه المناوشات لوقت طويل على أن يحافظ كلاهما على خطوط معينة لا يتجاوزاها لحرب شاملة، كون أن إيران تدرك أنها ستكون الخاسرة من هذه الحرب، وأمريكا لا تريد أن تنزلق لها، لأنها حريصة على بقاء النظام الإيراني لحسابات أخرى، وأما الاحتمال الآخر فهو أن يضطر ذلك طهران إلى القبول بوساطات بعض الأطراف لإجراء مباحثات والتوصل إلى صيغة توافقية تنهي ما بين الطرفين من نزاع، مردفًا بأن السيناريو الثاني سيكون في صالح إيران، لأنها في حال تحقق لها ما تريد من هذا السيناريو، ستضطر الولايات المتحدة إلى أن تعيد النظر في موقفها من تصنيف الحرس الثوري، بل سيكون من المحتمل أن تستعين به للتخلص مما يمكن أن يثير مخاوف الغرب من تنظيمات العنف التي أصبحت عابرة للحدود.