ووكر ليند.. عميل «طالبان» الحائر بين أيرلندا والولايات المتحدة الأمريكية
وسط تنامي موجات العنف والعنصرية في بقاع العالم المختلفة، أصبح المتطرفون ومضطربو الهوية «هواجس مرعبة» لدى المجتمعات المرشحة لاحتضانهم، وبالأخص مع اقتراب نهاية أبشع تنظيم عنصري خلال السنوات الأخيرة وهو «داعش»، وانفراط عقد مسلحيه، علاوة على تصاعد نفوذ حركة «طالبان» وحضورها على الطاولات السياسية إلى جانب توحش المجموعات العرقية واليمينية المتطرفة.
وفي خضم تلك الأحداث المتسارعة الوتيرة تصطدم المجتمعات الغربية بالالتزامات القانونية الخاصة بها، والتي تحتم عليها الإفراج عن الإرهابيين بعدما أسرفت الكثير من الوقت والجهد للقبض عليهم، ولكن انقضاء مدد احتجازهم يقف عائقًا أمام استدامة التخلص من إزعاجهم.
ويعد المتطرف الأمريكي «جون ووكر ليند» من أحدث النماذج التي يُنتظر الإفراج عنها قريبًا وتحديدًا خلال مايو المقبل، وليند هو أحد متشددي حركة طالبان، وقد ألقت القوات الأمريكية القبض عليه في أفغانستان بعد شهور من أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وحكم عليه حينها بالسجن لمدة 20 عامًا، وتم احتجازه في سجن «ايد دي إكس فلورنس» «ADX Florence» الشديد الحراسة والواقع بولاية كولورادو الأمريكية، ومن ثم أطلق عليه اسم «المعتقل 001»، ويذكر أن «أبوحمزة المصري» يقبع أيضًا بنفس السجن، والذي يشتكي من سوء المعاملة بداخله.
للمزيد حول أبوحمزة المصري.. اضغط هنا
وكلما يدنو التقويم من شهر مايو المقرر به الإفراج عن ليند تتأهب المنظمات الأمريكية والأوروبية المتخصصة بمكافحة الإرهاب لدراسة الآلية التي سوف يتم من خلالها التعامل مع المتطرف المفرج عنه، وبالأخص مع توارد التقارير حول عزمه الاستمرار في نشر الأيديولوجية المتطرفة بعد تحرره من الاحتجاز.
إذ ذكرت مجلة السياسة الخارجية «Foreign Policy» في 2016 خلال تقرير لها حول جون ووكر أن المدعو لايزال يكتب ويترجم المضامين المتطرفة بداخل موضع احتجازه، كما أنه محتفظ بالعقيدة ذاتها وسيمثل الإفراج عنه صداع كبير للأجهزة الأمنية حول العالم، وخصوصًا مع اعترافه لأحد القائمين على التقرير بأنه سيواصل نشر أفكاره بعد الإفراج عنه، وذلك بالإضافة إلى تقرير نشره المركز الوطني لمكافحة الإرهاب في 24 يناير 2017 يتعلق بأن كل مسلحي طالبان المحتجزين بالسجون الأمريكية لم يفرطوا يومًا في أفكرهم أو معتقداتهم.
واللافت في الأمر أن ووكر بعد الإفراج عنه سيترك الولايات المتحدة للسفر إلى أيرلندا، فمن داخل محبسه قدم متطرف جماعة طالبان طلبًا للحصول على الجنسية الأيرلندية التي كانت تتمتع بها جدته، وعليه فمن المحتمل أن يذهب جون إلى القارة العجوز، وبدورها لم ترفض أيرلندا طلبه بل صرحت وزارة العدل بأن أي شخص سيسمح له بدخول البلاد طالما يحمل الجنسية الأيرلندية ولديه جواز سفر.
ومن جانبه، ذكر جون لهيئة «CAGE» اللندنية أنه لا يمكنه البقاء في الولايات المتحدة، ويتمنى أن تتفهم الحكومة الأيرلندية موقفه الاستثنائي، وتمنحه اللجوء إليها حتى يتمكن من العيش بحرية أكبر.
وولد جون ووكر ليند في 9 فبراير عام 1981 في العاصمة الأمريكية واشنطن لأبوين مسيحيين ثم اعتنق الإسلام في الـ12 من عمره بعد تأثره بفيلم مالكولم إكس، وبعد فترة من حضوره للدروس الدينية في مساجد كاليفورنيا سافر لليمن من أجل تعلم اللغة العربية، ولكن في أكتوبر 2000 سافر جون إلى باكستان، وهناك ضل طريق الإسلام المتسامح عقائديًّا والتحق بـ«حركة المجاهدين» التي تنشط في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان منذ 1997.
وفي 2001 اجتاز ليند الحدود الباكستانية واستقر في أفغانستان، وحينذاك تلقى تدريبات عسكرية في معسكر الفاروق التابع لتنظيم القاعدة تضمنت التعرف على الأسلحة وأنماطها وطرق استخدامها، بالإضافة إلى دراسة الخرائط وعلم الطبوغرافيا والتدريب على المعارك في ساحات مجهزة لذلك ودراسة المتفجرات وماهية عملها، كما التقى بزعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن الذي قدم له الشكر على مشاركته في الجهاد المزعوم خلال إحدى المحاضرات قبل أحداث 11 سبتمبر، ولكن بعد الأحداث تولى جون مهمته في الصفوف الأمامية لحركة «طالبان»، وذلك وفقًا لما قدمه مكتب التحقيقات الفيدرالي عن شهادات ووكر قبل أن يتم القبض عليه في نوفمبر 2001 بقندوز الأفغانية.





