يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«الدربي».. «رسول المحبة» بين واشنطن والرياض

الخميس 03/مايو/2018 - 05:06 م
 أحمد بن محمد بن
أحمد بن محمد بن أحمد الدربي، المعتقل السعودي
أحمد سامي عبدالفتاح
طباعة
جاء قرار السلطات الأمريكيَّة، بالإفراج عن أحمد بن محمد بن أحمد الدربي، المعتقل السعودي في سجن «جونتانامو» منذ 2002، وإرساله إلى أحد مراكز إعادة تأهيل بالمملكة العربية السعوديَّة؛ كمكافأة له لتعاونه مع السلطات وتقديمه معلومات مهمة للاستخبارات الأمريكية، ليصبح بذلك أول معتقل يرحل عن «جونتانامو» في عهد الرئيس الأمريكي الحالي «دونالد ترامب».
«الدربي».. «رسول
واعتقل «الدربي» في 2002 بعد تورطه في التخطيط وتقديمه الدعم؛ للاعتداء على ناقلة نفط فرنسيَّة تحمل اسم «ليمبورج» قبالة السواحل اليمنيَّة، الحادث الذي أدى إلى مقتل بحار بلغاري وإصابة العشرات من طاقم السفينة، فضلًا عن التسبب في تسريب نفطي كبير بخليج عدن.

وفي أكتوبر 2017، وقَّع القضاء الأمريكي عقوبة السجن 13 عامًا على الدربي، مع حساب السنوات التي قضاها في «جونتانامو»، وتم ترحيله إثر ذلك إلى السعودية، الأربعاء، 2 مايو 2018، فيما أكدت السلطات السعودية أن الدربي سيخضع للأنظمة المرعية في المملكة، التي تضمن استفادته من برامج مركز «محمد بن نايف» للمناصحة والرعاية. 

سعوديّو جونتانامو
«الدربي».. «رسول
بلغ عدد السعوديين المعتقلين في سجن جونتانامو 163، منذ البدء في استخدامه في 2002، توفي منهم ثلاثة، وهم: ياسر طلال الزهراني، وعبدالرحمن العامري، ومانع العتيبي، في حين تم إطلاق سراح 115 آخرين، منهم إبراهيم الربيش الذي أصبح بعد إطلاق سراحه مفتي تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب، قبل أن يُقتل في أبريل 2015؛ إثر غارة جويَّة لطائرة أمريكية من دون طيار في منطقة المُكلا جنوبي اليمن.

في مقابل ذلك، أبقت الولايات المتحدة على 15 سعوديًّا رهن الاعتقال لديها حتى الآن، أبرزهم «محمد مانع القحطاني»، أحد المشتركين في هجمات 11 سبتمبر، وهو الذي سرب معلومات للاستخبارات الأمريكية عن «أبو أحمد الكويتي»، رفيق «أسامة بن لادن» زعيم تنظيم «القاعدة»، ما ساعد الولايات المتحدة لاحقًا في تنفيذ عملية مداهمة لمقر «بن لادن» وقتله في 2 مايو 2011. 

دلالة الموقف
ويكشف إطلاق سراح «الدربي» تحييد التعاون الاستخباري بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، عن أزمة الثقة التي شهدتها العلاقات السياسية بين البلدين، نتيجة توقيع الولايات المتحدة اتفاق «لوزان» النووي مع إيران في 2015، ما اعتبر نصرًا استراتيجيًّا لإيران، كونه يضمن لها الإفراج عن الأموال والأرصدة التي جمدت في أوروبا والولايات المتحدة بعد الإطاحة بالشاه، واعتقال النظام الإيراني لعدد من أفراد البعثة الدبلوماسيَّة الأمريكية، ما يعني حصول إيران على مصدر تمويل إضافي لحروبها الطائفيَّة في المنطقة.

وتؤكد هذه الخطوة تبني السعودية والولايات المتحدة خطوات مشتركة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب الدولي وتجفيف مصادر تمويله، كما يمكن أن تكون مؤشرًا على سعي إدارة الرئيس دونالد ترامب لإرضاء السعوديين الغاضبين؛ بسبب محدودية الضربة العسكرية الثلاثية التي وجهتها الولايات المتحدة مع كل من فرنسا وبريطانيا ضد مواقع عسكرية للنظام السوري، في أبريل من العام الحالي، بعد اتهامات طالت الأخير باستخدامه للأسلحة الكيميائية في مدينة دوما الواقعة في غوطة دمشق الشرقية.
«الدربي».. «رسول
بالإضافة إلى ذلك، يُشير إطلاق سراح «الدربي» إلى رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الحفاظ على علاقات قويَّة مع السعودية؛ بهدف وضع حد للحروب في المنطقة، ومن ثم تشكيل جبهة مضادة لأنشطة إيران العسكرية في الشرق الأوسط. 

كما تأتي هذه الخطوة في إطار محاولات امتصاص الغضب السعودي الناجم عن عدم إيفاء الرئيس دونالد ترامب بوعده، حتى الآن، والانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، الذي ترى فيه السعودية آلية غير فعَّالة لوقف نفوذ إيران في المنطقة. 

مركز إقليمي لمواجهة التطرف
تسعى السعوديَّة لترسيخ نفسها كقوة إقليمية في مواجهة التطرف لتتجنب بذلك الاتهامات الإيرانية بدعم «الوهابيَّة» للإرهاب في العالم.

كما تأتي هذه الخطوة اتساقًا مع المواقف السعودية الهادفة إلي إعادة تأهيل المتطرفين ضمن مشروع المركز العالمي لمكافحة الإرهاب، والمعرف باسم «اعتدال» والذي تم افتتاحه في 2017. 

وتهدف السعودية من إنشاء هذا المركز إلى مواجهة التطرف فكريًّا، واستخدام القوة في القبض على العناصر الإرهابية، لتقدم بذلك نموذجًا جديدًا في تجفيف مصادر تغذية الإرهاب الفكريَّة، كما ترى «الرياض» أحقيتها في استضافة عناصرها المتطرفة وتقديم الدعمين الفكري والنفسي اللازمين لإعادة إدماجهم مرة أخرى في المجتمع. 

ومن أجل تدعيم مركزها في مواجهة التطرف؛ استقبلت السعودية أعدادًا كبيرة من معتقلي جونتانامو غير السعوديين، منهم 13 يمنيًّا لا تسمح ظروف الحرب في بلادهم باستيعابهم ومعالجتهم فكريًّا، وبريطاني ولد في السعودية، وكذلك تُقدم منحًا مالية لمساعدة العناصر المتطرفة على الاندماج في المجتمع بعيدًا عن محاولات استقطابهم مرة أخرى من قِبل التنظيمات الإرهابية. 
"