استهتار «قسد».. هل يبعث «داعش» للحياة من جديد؟
مع اقتراب سقوط تنظيم «داعش» الإرهابي، كنتيجة متوقعة للمعارك المحتدمة حاليًّا بشمال السوري، تبقى العناصر الغربية التي استقطبتها آلة التطرف والاضطراب عرضة للتساقط المتوالي، وإختبار الأوضاع القاسية، ودفع ثمن الأخطاء الماضية، ومجابهة المصير الغامض؛ إذ كشفت شبكة «rudaw» الكردستانية، اليوم الأحد نجاح قوات سوريا الديمقراطية المعروفة بـ«قسد»، والمدعومة من الولايات المتحدة في إلقاء القبض على 6 عناصر أجنبية بتنظيم داعش في إقليم الباغوز بسوريا.
فيما أعلنت القوات الديمقراطية أسماء أولئك الدواعش وجنسياتهم، وهم محمود سعيد المعروف بـ(أبومصعب العلمي) ألماني الجنسية، وديمتري سيمونوف الشهير
بـ(أبوعيسى الروسي)، وعمر رأفت
أوزانغلو وكنيته (أبوفاطمة التركي)، وأبرار محمد (أبوزبير السويدي)، وهشام
العربي (أبومريم المغربي)، ونيكولاس جوزيف لي من أمريكا اللاتينية وشهرته (أبويوسف العامري).
تحرير محتمل
ومع تزايد إحكام القوات
العسكرية لـ«قسد» المدعومة أمريكيًّا على الأوضاع بسوريا، وتأكيدها على
اقتراب إنهاء داعش، تزامنًا أيضًا مع إعلان «قسد» إطلاق سراح 283
شخصًا ممن كانوا محتجزين بتهم الالتحاق بداعش، تصاعد الارتياب من إمكانية قيام
القوات بتسريح الدواعش الأجانب المقبوض عليهم ليس اليوم فقط، بل والقدامى أيضًا.
فالأمس تناقلت الصحف خبر
تحرير أكثر من 200 عنصر من الدواعش، وصرحت نائبة الرئاسة في المجلس التنفيذي
للإدارة الذاتية لـ«قسد»، روهلات عارف بأن كبار القبائل بالمنطقة تفاهموا مع
القوات لإطلاق سراح الدواعش، وأن الهيئة تأكدت من عدم تورطهم في سفك الدماء.
ولكن الأكثر خطورة في هذه
التصريحات هو قول «روهلات»: إن قوات سوريا الديمقراطية ستستمر في إطلاق
سراح السجناء والمعتقلين بالأراضي السورية كافة، بعد التأكد من عدم اشتراكهم في
عمليات القتل.
للمزيد حول تصريحات ترامب
بشأن العناصر الأجنبية لداعش.. اضغط هنا
ومع
الوضع في الاعتبار تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب حول تحذيره لدول أوروبا
من إطلاق سراح مواطنيهم بداعش، إذا لم يستقدموهم هم ويحاكموهم في بلدانهم، تتجلى في
الأفق بوادر أزمة من الممكن أن تعيد إنتاج «داعش» مرة ثانية، ولكن بشكل
جديد ومختلف وربما بجغرافية استثنائية.
هروب غامض
ومما أثار المزيد من
الشكوك حول أجانب داعش، هو ما تداولته الصحف البريطانية بالأمس حول هروب العروسة
الداعشية الصغيرة ذات التسعة عشر عامًا شميمة بيجوم من مخيم الحول بشرق سوريا،
وذلك بعد أيام من مطالبتها بالعودة مرة أخرى للمملكة المتحدة.
وكانت بيجوم قد ظهرت في
إحدى الوسائل الإعلامية في منتصف فبراير 2019، وتوسلت للعودة إلى بلدها، ولكن سرعان
ما ردت بريطانيا بإسقاط الجنسية عنها، وبعد أيام من ولادة شميمة لابنها هربت من
المخيم الذي كانت تعيش فيه، وبررت المحامية الخاصة بها هذا الأمر بإنه جاء نتيجة
لتهديدها بالقتل هي وابنها من رفيقاتها الداعشيات بالمخيم بعد ظهورها في وسائل
الإعلام.
للمزيد حول شميمة بيجوم..
اضغط هنا
وتعتري حادثة الهروب
الكثير من الشكوك والتساؤلات، ويتمركز التساؤل الأول حول سبب الهروب والذي ساقته
المحامية الخاصة بها وهو ظهورها بالإعلام وتوعد بنات التنظيم؛ حيث إن شميمة لم تكن
الأولى بين الدواعش التي تظهر في وسائل الإعلام، وتطالب بالعودة إلى بلدها، بل ظهر
قبلها الأمريكية هدى مثني البالغة من العمر 24 عامًا والمقيمة بالمخيم ذاته والتي
توسلت أيضًا للعودة إلى بلدها ولكن ترامب رفض، كما ظهر أيضًا البريطاني جاك ليتس
ومواطنه محمد أنور ميا.
أما التساؤل الثاني
فيرتبط بالتقرير الصحفي الذي تم بثه اليوم الأحد عن أحدث العناصر الداعشية التي
تتوسل للعودة؛ إذ نشرت شبكة «بي بي سي» البريطانية حوارًا تم تسجيله مع الداعشي
الهولندي «ياغو ريديك» والبالغ من العمر 27 عامًا والمحتجز بأحد السجون بسوريا
والذي توسل أيضًا للعودة إلى موطنه هولندا، ولكن بصحبة زوجته وابنه، والمفاجأة أن
زوجته هي «شميمة بيجوم».
وطالب ريديك بالسماح له
بدخول هولندا مع زوجته شميمة وابنه المولود حديثًا، وجاء هذا الحديث بعد يوم واحد
فقط من هروب شميمة من المخيم إلى مكان لايزال مجهولًا.
فيما يدور التساؤل الثالث
حول كثرة الأحاديث الصحفية وتواترها خلال الفترة الأخيرة، والسهولة التي يتم بها
إدخال الكاميرات إلى السجون والمخيمات؛ لنشر الرسالة ذاتها بتكرار متتالٍ في واقعة
تشبه التمثيل العملي لنظريات الإعلام الخاصة بترتيب الأولويات، ووضع الأجندات، أي
توجيه آراء الناس حول قضية بعينها، وبتكرارية مستمرة.
أوضاع صعبة
وبين مطالبات العودة
والتهديد بإطلاق السراح تعاني العناصر الأجنبية من أوضاع سيئة بداخل المخيمات
وأماكن الاحتجاز؛ إذ نشرت «سكاي نيوز» تقريرًا بالأمس حول ما وصفته بالبؤس الذي
يعيش به مواطنو الغرب في المخيمات، وبالأخص مخيم الحول، وأبرز الموقع الإخباري
مشاهد النفايات والأوساخ التي تحيط بالصغار، وتأكل صحتهم بمساعدة التغذية غير السليمة، وتحولهم رويدًا رويدًا إلى مرضى ضعفاء لا يستطيعون الحياة، خصوصًا وسط رفض
دولهم عودتهم مرة أخرى، وذلك على الرغم من أن هناك دولًا تقبل الأطفال، وترحب
بعودتهم كروسيا.
كما نشرت صحيفة
«تليجراف» البريطانية في منتصف فبراير 2019، تقريرًا آخر وصفت فيه مخيم
«الحول» الذي يضم النسبة الأكبر من مواطني الغرب بأنه مخيم الموت، وأنه
ليس مكانًا للحياة، بل هو مخزن يُوضع فيه البشر بالجملة.
وفي السياق ذاته أشارت
صحيفة «NL Times»
إلى وجود نحو 30 امرأة هولندية تعيش بالمخيمات السورية وبصحبتهن أولادهن، لافتة
إلى الأوضاع المعيشية الصعبة نفسها التي تحيا بها الأطفال والعناصر، والتي ستقودهم
حتمًا نحو الموت.





