ad a b
ad ad ad

«خضرة شعيرة» والتأصيل لِفقه التخلي عند الإخوان

الجمعة 01/فبراير/2019 - 10:34 ص
الإخوان
الإخوان
دعاء إمام
طباعة

بينما كان حسن البنا (مؤسس جماعة الإخوان المسلمين 1928) طالبًا في مدرسته الثانوية بمدينة دمنهور التابعة لمحافظة البحيرة (شمال مصر)، أراد أن يقود إضرابًا طلابيًّا؛ اعتراضًا على الأحوال السياسية في مصر آنذاك، فرفض ناظر المدرسة أي مظاهر للإضراب، إلا أن البنّا أصرَّ على موقفه، وكان يعقد اجتماعات مع بقية الطلاب للاتفاق على تنفيذ الإضراب.

حسن البنا
حسن البنا
كانت صاحبة المنزل الذي يقطنه «البنّا» سيدة ريفية لا تعلم كثيرًا عن العمل السياسي، فعددّ لها البنّا مزايا المشاركة في عمل كهذا؛ تقربًا لله بالجهاد حتى ولو بالكلمة، فما كان من السيدة سوى أنها أخفته في منزلها، رغم علمها بالملاحقات الأمنية للمجموعة بأكملها، فماذا كان جزاؤها؟  

قال البنّا (1906-1949)  في «مذكرات الدعوة والداعية»: «اجتمعت اللجنة في سكننا في منزل الحاجة خضرة شعيرة بدمنهور، وداهم البوليس المجتمعين، واقتحم البيت يسأل عنهم، فكان جوابها: أنهم خرجوا منذ الصباح الباكر ولم يعودوا، وأنها مشغولة، ولكن هذا الجواب غير الصادق لم يرقني فخرجتُ إلى الضابط السائل وصارحتُه بالأمر، وكان موقف الحاجة خضرة حرجًا للغاية.

بعدما اعترف الرجل القرآني -كما تلقبه جماعته- بالضرر الذي وقع على السيدة التي آوته ورفضت الوشاية به حتى لو كان ضررًا نفسيًّا من الممكن أن يصل إلى القبض عليها، برَّر فعلته بأنه ناقش أحد الضباط، وقال له إن واجبه الوطني يفرض عليه أن يكون معهم، لا أن يعطل عملهم، ويقبض علينا.

وأردف: «ولا أدري كيف كانت النتيجة أنه استجاب لهذا القول فعلا، فخرج وصرف عساكره وانصرف معهم بعد أن طمأننا، ورجعتُ إلى الزملاء المختبئين وأنا أقول لهم هذه بركة الصدق».

الزعيم الراحل جمال
الزعيم الراحل جمال عبدالناصر
أصّل البنّا -كعادته- لمبدأ نكران الجميل، وسار الإخوان على دربه، فبعد وفاة مؤسس الجماعة (1949) وقيام ثورة 1952 التي أنهت النظام الملكي في مصر وأعلنت النظام الجمهوري، كانت علاقة الجماعة بجمال عبدالناصر، رئيس مصر فيما بعد (1956-1970) علاقة أقرب إلى الصداقة، إذ تم حل جميع الأحزاب عام 1953 باستثناء جماعة الإخوان، وغض «عبد الناصر» الطرف عن نشاطهم.

في البداية، سعى الرئيس الراحل إلى تمكين قيادات الجماعة المعتدلين والاستعانة بهم عند تشكيل الحكومة، فاختار الشيخ حسن الباقوري (عضو مكتب الإرشاد آنذاك، وانشق عن الإخوان فيما بعد) لتولي وزارة الأوقاف، فكان رد الفعل أن عرض المستشار حسن الهضيبي المرشد الثاني للجماعة (1950-1970) على «الباقوري» أن يرفض طلب عبدالناصر وإلا فصلوه، وبالفعل تم فصله من الجماعة.

رغم ما قدمه عبدالناصر للجماعة لكي لا تنحرف عن مسار الدعوة، إلا أنهم أصروا على إثبات سوء نواياهم، فصدر قرار بحل الجماعة 1948، كانت محاولة عبدالناصر لقصم ظهر الجماعة سببًا في التخطيط لاغتياله فيما عُرف بـ«حادث المنشية»، وقطع كل السبل في أن تكون السلمية أو الوفاء بالعهود طريقًا لهذه الجماعة.

كانت محاولة اغتيال عبدالناصر، شاهدًا على دناءة الجماعة تجاه الرئيس من جهة، وتجاه أعضاء التنظيم السري ومنفذي العملية من جهة أخرى؛ فقائد الخلية التي خططت للاغتيال واسمه هنداوي دوير عندما علم بفشل زملائه في قتل الرئيس، توجه إلى الجهات الأمنية، وأبلغ عن محمود عبداللطيف (عضو التنظيم الذي أطلق النار على عبدالناصر) وخليفة عطوة، وتم إلقاء القبض على الاثنين اللذين حاولا إخفاء هويتهما الإخوانية حتى لا يطال الجماعة أي أذى، ثم علموا بالإبلاغ عنهما فقالا: «غرروا بنا وأوهمونا أن الإسلام أباح دم عبدالناصر».

"