تجفيف منابع الإرهاب.. أفغانستان تحاصر طالبان اقتصاديًّا
على مدار السنوات الماضية، لم تكتفِ حركة طالبان الأفغانية، بتصدير التطرف والإرهاب، إلى الدول المجاورة لها في القارة الآسيوية، بل ضاعفت من نشاطها الإجرامي حين اعتمدت منذ سنوات على تهريب الأفيون إلى كل دول العالم؛ وذلك لتوفير التمويل الذي تنفق من خلاله على أعمالها الإجرامية؛ لتصبح يداها ملطختين بالدماء، فإحداهما تُمسك بالسلاح، والأخرى تهرب المخدرات، والضحايا في النهاية هم ملايين الأبرياء الذين يموتون إما بالسم، أو الرصاص.
وفي خطوة هي الأولى من نوعها، انتفض رجال الدين الإسلامي بولاية «ننجرهار» الأفغانية، ضد عناصر حركة طالبان الإرهابية، وأصدروا فتوى بتحريم زراعة نبات «الأفيون» المُخدر، وهو ما يُعد بداية حقيقية في طريق تجفيف المنابع الاقتصادية للحركة الإرهابية، ومن ثّمَّ القضاء عليها نهائيًّا، واجتثاث خطرها من أفغانستان.
تجفيف المنابع الاقتصادية
تحرك رجال الدين بأفغانستان في هذا الاتجاه يأتي سعيًّا لتحقيق عدة أهداف، أولها: تصحيح المفاهيم المغلوطة لدى المزارعين الأفغان، والذين يظنون أن زراعة المخدرات أمرٌ مباحٌ في الشريعة الإسلاميَّة، بعد أن روجت «طالبان» طوال السنوات الماضية لهذا الفهم المغلوط، وثاني الأهداف: تجفيف المنابع الاقتصادية لحركة طالبان الإرهابية، وهو أمرٌ في حال تحقيقه سيقضي على الإرهاب الطالباني نهائيًّا.
ودعا رجال الدين الأفغان، في فتواهم التي حرمت زراعة المخدرات، المزارعين إلى زراعة النباتات التي لا يحرمها الدين الإسلامي ولا يجرمها القانون الأفغاني بدلًا من الأفيون، مؤكدين أن جميع أنواع المخدرات محرمةٌ في الإسلام باتفاق العلماء.
وأكد مسؤولون أفغان، أن نبات الخشخاش يُزرع في المناطق النائية من ولاية «ننجرهار»، وأوضح رئيس قسم مكافحة المخدرات بالولاية، «محمد ساباي»، أن منطقتي «شينفارى» و«خوجياني»، هي المناطق التي تسيطر فيها الحكومة الأفغانية بشكلٍّ أقل، ولهذا يزرع بهما هذا النبات المخدر، مشيرًا إلى أن السلطات وفرت ودعمت برامج أخرى للمزارعين من شأنها ضمان سبل العيش البديلة.
ومن جانبها رحبت الحكومة الأفغانية بفتوى رجال الدين، وأعلنت مضيها في طريق القضاء على زراعة المخدرات بالبلاد، وشدد نائب حاكم ولاية «ننجرهار»، «تميم عارف مهمند»، على أن السلطات ستتخذ الإجراءات القانونية ضد أي شخص يحاول زراعة الخشخاش، سواء كان مسؤولًا حكوميًّا أو مواطنًا عاديًّا.
إحصائيات مرعبة
وأكدت تقارير أممية صدرت في عام 2014، أن أفغانستان تزرع وتنتج 92 في المائة، من الأفيون المتداول في العالم، وهو المادة التي يصنع منها الهيروين، أخطر أنواع المخدرات، مشيرةً إلى أن طالبان تهرب سنويًّا إلى دول القارة الأوروبية، وروسيا، والهند، والصين، قرابة 900 طن من مخدر الخشخاش، و350 طنًا من الهيروين.
وفي العام ذاته (2014)، قال رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات آنذاك، يوري فيدوتوف: «إن المساحات المزروعة بنبات الخشخاش في الأراضي الأفغانية بلغت مستوى قياسيًّا، ونحن كنا متخوفين من وقوع هذه الكارثة، وللأسف حدث ما كنا نتخوف منه؛ فلأول مرة في التاريخ وصلت مساحة الأراضي المزروعة بهذا النبات 209 آلاف هكتار».
وفي عام 2016، أكدت الأمم المتحدة أن حركة طالبان الإرهابية تنتج 80 في المائة من الأفيون المتداول في كل دول العالم، مشيرةً إلى أنها أنتجت قرابة 4 آلاف و800 طنًا من مخدر الهيروين، محققة بذلك مكاسب اقتصادية قُدرت بثلاثة مليارات دولار.
وفي عام 2017، ارتفعت نسب زراعة وإنتاج الأفيون في الأراضي الأفغانية بنسبة 87 في المائة، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 9 آلاف طنًا، مقارنة بالنسب التي سجلت في عام 2016، وذكرت هيئة مكافحة المخدرات الأفغانية، ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، في تقرير صدر أول نوفمبر من عام 2017، أن المساحة المزروعة بالخشخاش في أفغانستان اتسعت رقعتها لتسجل 328 ألف هكتار، خلال العام الماضي، وذلك بزيادة بلغت 63 في المائة عن عام 2016، الذي زُرع فيه مساحة تقدر بـ201 ألف هكتار.
تدمير معامل طالبان
وللحد من إرهاب مخدرات طالبان التي تقتل ملايين الأشخاص مطلع كل عام، نفذت مقاتلات أمريكية من طراز «إف-22»، في نوفمبر من العام 2017، حملة جوية مشتركة مع القوات الأفغانية، بإقليم «هلمند» جنوب البلاد، استهدفت خلالها المعامل التي تنتج بداخلها الحركة الإرهابية المخدرات.
وأكدت وكالة أنباء «رويترز»، أن القوات الأمريكية والأفغانية، وسعت في أبريل من العام الجاري 2018، مجال ضرباتها الجوية على معامل إنتاج المخدرات التابعة لحركة طالبان، لتصل إلى غرب أفغانستان، وذلك بهدف تقليص المصادر الاقتصادية للحركة الإرهابية.





