يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

طهران تترنح.. و«کرباسیان» كبش فداء لاحتواء تداعيات الانهيار الاقتصادي

الخميس 30/أغسطس/2018 - 10:47 م
حسن روحاني
حسن روحاني
عمر رأفت
طباعة

أتى تصويت نواب البرلمان الإيراني على عزل وزير الاقتصاد الإيراني، مسعود کرباسیان، ليعمق ما يعانيه الإيرانيون في ظل فشل حكومة طهران وإخفاقها في احتواء مشكلات اقتصادية وانهيار العملة الإيرانية؛ حيث صوت البرلمان بـ137 صوتًا مؤيدًا لهذا القرار في مقابل 121 صوتًا وامتناع اثنين على عزل وزير الاقتصاد الإيراني.

دونالد ترامب
دونالد ترامب

أسباب وتداعيات العزل

عزل كرباسيان جاء على خلفية الأزمات، التي شهدتها إيران في الآونة الأخيرة؛ خاصةً بعد انهيار العملة الإيرانية (التومان) بعد عودة العقوبات الأمريكية، على خلفية انسحاب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب من الصفقة النووية الإيرانية؛ حيث أتى التصويت على هذا القرار بعد أسبوعٍ واحدٍ من عزل وزير العمل الإيراني، علي ربيعي، الذي حذر من أنه مع بدء العقوبات ستشهد إيران مليون عاطل عن العمل خلال أشهر، بينما تسود البلاد حالة من الهلع وعدم الاستقرار مع دخول الجولة الأولى من العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ. واتهم ربيعي المتشددين في البرلمان باستهداف حكومة روحاني، الذي تعرض لضغوط متزايدة في الأسابيع الماضية لإجراء تعديل على فريقه الاقتصادي.

إن السياسة النقدية الخاطئة، وبدء انهيار الاحتياطي النقدي في البلاد من الذهب وبيع البعض منه، في مواجهة الأزمة الخارجية والتضخم وفقدان رأس المال كان من أهم الأسباب التي أدت للإطاحة بكرباسيان.

طهران تترنح.. و«کرباسیان»

انهيار التومان كلمة السر

شهد التومان الإيراني انهيارًا كبيرًا؛ حيث كسرت العملة الإيرانية أرقامًا قياسية في الهبوط أمام الدولار، إذ بلغت قيمة الدولار الواحد 11000 تومان في سوق طهران، وبجانب انهيار العملة، كانت الضغوطات الاقتصادية سببًا من الأسباب الرئيسية التي أدت لعزل وزير الاقتصاد الإيراني.

كانت حكومة الرئيس حسن روحاني، حددت مطلع أبريل 2018، سعر الدولار بقيمة 4200 تومان إيراني، لكن البنك المركزي لم يستطع توفير الدولار بهذه القيمة للإيرانيين، كما أن مراكز الصرافة في المطارات مغلقة منذ بدء عملية تدهور العملة المحلية في مارس الماضي.

موقف أثبت فشل النظام الإيراني، الذريع، في معالجة الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد في تلك الآونة، فالبلاد تأثرت كثيرًا بالعقوبات الاقتصادية في البلاد. وهو ما اعترف به نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني مسعود بزشكيان، بعبارة واحدة قال فيها: «نحن مسؤولون عن الوضع الحالي».

النظام الإيراني لم يفشل في اختبار التومان فقط، بل كان الفشل أيضًا نصيب محاولة إقناع بعض المستثمرين في الاستمرار في البلاد، أبرزها شركة توتال الفرنسية؛ حيث أعلنت شركة النفط والطاقة توتال أنها قد تنسحب من المرحلة 11 في حقل بارس الجنوبي «إس.بي 11» في الخليج العربي على ضوء خروج أمريكا من اتفاق نووي دولي مع إيران.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فقد أعلنت شركة الخطوط الجوية البريطانية (بريتش إيرويز) أنها ستنهي رحلاتها إلى العاصمة الإيرانية، في سبتمبر المقبل، حسبما ذكرت صحيفة «ايفيننج ستاندرد» البريطانية (1)، فيما ستنهي الخطوط الجوية الفرنسية هي الأخرى رحلاتها إلى طهران في 18 سبتمبر (2)، وستكون رحلة الخطوط الجوية البريطانية الأخيرة إلى طهران ستكون في 22 سبتمبر.

 

من ناحية أخرى، فإن عزل كرباسيان ليس حلًّا لإنقاذ الاقتصاد الإيراني من الانهيار، فإيران تمر بأسوء مراحلها في تاريخ بلاد فارس، حيث تشهد منذ ديسمبر 2017 مظاهرات بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد شملت أكثر من 80 مدينة وبلدة وأسفرت عن سقوط 25 قتيلًا. وتواصلت منذ ذلك الحين الاحتجاجات لكن بشكل متقطع بقيادة سائقي الشاحنات والمزارعين والتجار في سوق طهران، وأسفرت في بعض الأحيان عن مواجهات عنيفة مع قوات الأمن.

وفشلت الحكومة الإيرانية في القيام بما يكفي لدعم الاقتصاد مع عودة العقوبات الأمريكية، فيما ألقى المتشددون الإيرانيون باللائمة في الأزمة على الرئيس الإيراني حسن روحاني، المعتدل نسبيا الذي أعيد انتخابه العام الماضي. (3)

ولن تفيد تلك السياسات التي يتبعها النظام الإيراني في الاقتصاد الخاص به إلى أي نتائج في الوقت القريب، فتحدي الولايات المتحدة والتي تعتبر المسيطر الأول على الاقتصاد الدولي لن يأتي بفائدة، ولن يكون إقالة وزير الاقتصاد الإيراني هو الحل.

مسعود کرباسیان
مسعود کرباسیان

ضربة للإصلاحيين

الصفقة النووية الإيرانية كانت الورقة الأخيرة، التي يراهن بها الإصلاحيون في إيران لتدعيم موقفهم أمام الشعب من جهة وضد المتشددين من جهة أخرى بعد أن أثبتوا فشلهم الذريع في عدد من الملفات وعلى رأسها الاقتصاد المتدهور.

وقد انتقد المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، سياسات روحاني، كما كان للمتشددين رأيهم (3)، حيث قالوا إن حكومة روحاني فشلت بشكل كبير في إدارة الملف الاقتصادي في البلاد، ما أدى إلى تشويه سمعة الإصلاحيين في إيران بشكل عام وروحاني بشكل خاص.

إن تقويض روحاني سيؤدي إلى تمكين المتشددين من إيران وعودتهم للساحة الإيرانية مرة أخرى (4) ويقول المتشددون إن القوة المطلقة في إيران لا تكمن في الرئيس وإنما لخامنئي، المرشد الأعلى هو وقاسم سليماني، الجنرال الزئبقي الذي يتولى قيادة قوة القدس الإيرانية المنتخبة، الجناح المستهدف للحرس الثوري الإيراني، الذي يعتقد أنه له الكلمة المطلقة حول البرنامج النووي الإيراني وأنشطته العسكرية في سوريا.

وقد نجح متشددون، عن طريق وسائل التواصل الخاصة بهم، في تصوير الإصلاحيين على أنهم عملاء للغرب، وأن إيمانهم بالثورة ضعيف بل وتحميلهم مسؤولية ما يحدث الأن في البلاد. (4)

 

على جانب آخر سيتعين على حكومة روحاني تقديم تفسير للركود الاقتصادي للبلاد، وسيكون الرئيس الإيراني في حالة سيئة إذا فشل في إيجاد ردود مماثلة أمام البرلمان الإيراني، وهو ما سيضعه في موقف محرج أمام المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي.

روحاني في آخر حديث صحفي له، دعا إلى التوقف عن توجيه الانتقادات له من كل جانب بسبب الأزمة الاقتصادية.

وكالعادة حمل روحاني مسؤولية انهيار الاقتصاد إلى المؤامرات الخارجية على البلاد من قبل الولايات المتحدة وآخرين بهدف إسقاط النظام الإيراني.

وبدأ روحاني في فقدان الكثير من قاعدته الانتخابية بين سكان المدن ذوي العقلية الإصلاحية، في حين شهدت مناطق الطبقة العاملة شهورًا متقطعة من الإضرابات والاحتجاجات التي تحولت أحيانًا إلى العنف (5). وقد جاء بعض من أشد الانتقادات ضراوة من المؤسسة الدينية المتشددة التي عارضت لفترة طويلة جهود روحاني لإعادة بناء العلاقات مع الغرب.

وفي 16 أغسطس الجاري، كانت هناك احتجاجات واسعة الانتشار نظمها طلاب في مدينة قم؛ حيث حذرت إحدى اللافتات من أن روحاني سيواجه نفس مصير الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي عثر عليه ميتًا في بركة سباحة العام الماضي (6)

وسعى روحاني إلى التقليل من حجم الخلافات القائمة بالفعل، قائلًا: «إن المؤسسات الدينية والدينية والحكومة متجاورتان، ملقيًا باللائمة على المتشددين في تأجيج الاحتجاجات الاقتصادية التي تحولت في بعض الأحيان ضد النظام الإسلامي ككل. ولا يزال روحاني يحظى بتأييد خامنئي الذي يقول إنه يجب عليه البقاء في السلطة لتجنب المزيد من الفوضى.إلا أن خامنئي اتهم الحكومة الإيرانية بسوء الإدارة، بدلا من إلقاء الكرة فى ملعب المؤامرات الامريكية والعداء الأجنبي لإيران.

 

وتعهد روحاني قائلا: «نحن على علم بألم الناس ومعاناتهم ومشاكلهم وكل جهودنا تهدف إلى الحد من هذه المشاكل». وقد أظهرت التظاهرات صراخ المتظاهرين ضد النظام ورفع لافتات مكتوب عليها «الدكتاتور» في إشارة إلى خامنئي.

وتعتبر الاحتجاجات العديدة هي استمرار لأنواع من الحركة المناهضة للحكومة على مستوى البلاد، التي بدأت تكتسب أرضية في أواخر ديسمبر واستمرت في الاحتجاج بشكل متقطع على مدار العام.

الرئيس الإيراني حسن
الرئيس الإيراني حسن روحاني

روحاني يفشل

صوت البرلمان الإيراني بأغلبية ساحقة، بعدم قناعته بالأجوبة التي عرضها الرئيس الإيراني حسن روحاني على الأسئلة الأربعة المتعلقة بالأزمة الاقتصادية «البطالة، سعر العملة، الركود الاقتصادي وتهريب السلع»، حسبما أبرز «راديو فردا»(7). ورفض البرلمان الردود المتعلقة بالأسئلة الأربعة التي تركزت على تراجع سعر العملة وتفاقم البطالة والركود الاقتصادي وتهريب السلع. وأوضحت الوكالة أن «271 نائبًا شاركوا في عملية التصويت على الأجوبة التي عرضها الرئيس حسن روحاني».

وسيكون على النظام الإيراني إيجاد الحلول المناسبة خلال الفترة القادمة لكي يتخطى تلك الكبوة، وإلا سيكون للشعب الإيراني تظاهرات ستكون أكبر من تلك التي وقعت في نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي.

المراجع

1-      https:www.standard.co.uknewstransportbritish-airways-to-halt-flights-to-iran-after-us-sanctions-are-imposed-on-middle-eastern-country-a3919076.html

2-      https:airlinegeeks.com20180825air-france-british-airways-and-klm-to-suspend-routes-to-tehran

3-      https:www.radiofarda.comaf6_iran_khamenei_rouhani28380157.html

4-      هل يضحي المتشددون بروحاني لإنقاذ النظام في إيران؟، العرب اللندنية، 29 اغسطس 2018

5-      المظاهرات الإيرانية… قراءة أولية، صادق الطائي، القدس العربي، 3 يناير 2018

6-      https:fararu.comfanews371158%D8%AC%D9%86%D8%AC%D8%A7%D9%84-%DB%8C%DA%A9-%D8%AA%D8%AC%D9%85%D8%B9-%D8%AA%D9%87%D8%AF%DB%8C%D8%AF-%D8%A8%D9%87-%D9%85%D8%B1%DA%AF-%D9%88-%D8%B2%D9%85%DB%8C%D9%86%D9%87-%D8%B3%D8%A7%D8%B2%DB%8C-%D8%AD%D8%B0%D9%81-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%AA-%D8%B1%D9%88%D8%AD%D8%A7%D9%86%DB%8C

7-      https:www.radiofarda.comarouhani-plmnt29457007.html
"