«البناء والتنمية».. مساعي ما قبل الحل
الثلاثاء 17/أبريل/2018 - 04:45 م

سارة رشاد
لا تكف الجماعة الإسلاميَّة هذه الأيام عن تصدير معلومة مفادها: أن حزب البناء والتنمية (الذراع السياسيَّة لها) هو نتاج أصيل لمبادرة وقف العنف، التي طرحتها الجماعة في 1997، وأجرت بمقتضاها مراجعات لأفكارها ساعدتها في الاندماج الاجتماعي إلى حد كبير.
الحرص الذي يبدو في جهود الجماعة؛ لترسيخ هذه المعلومة يمكن فهمه، إذا ما ربط بترقبها حكم المحكمة الإدارية العليا التي ستنظر مصير الحزب في الجلسة المقرر لها، السبت المقبل، في قضية حل الحزب لقيامه على أساس ديني بالمخالفة للدستور، ويبرز هذا الترقب في محاولات واتصالات تجريها الجماعة؛ لانتشال حزبها من محنته.

من «تويتر» لـ«الزمر».. سُبل البقاء
أول ما طرح الربط بين الحزب ومبادرة الجماعة كانت «المؤامرة»، وهي الكلمة التي اختارها حزب البناء والتنمية لتكون عنوانًا لحسابه على موقع التغريدات القصيرة «تويتر»، وعليه فقد تناول الحساب -فيما لا يقل عن 18 يومًا بدأها في 13 يناير الماضي، وحتى 31 من الشهر نفسه- ما سماه «أبعاد المؤامرة على حزب البناء والتنمية»؛ حيث عرض الحساب دور الحزب في الحياة السياسيَّة منذ تأسيسه في 2011 وحتى الآن، معتبرًا أنه دور وطني داعم لاستقرار الدولة المصريَّة.
وشدد الحساب -عبر مقاطع فيديو قصيرة- على نفي الصفة الدينيَّة عن الحزب، وهى إحدى التهم التي تلاحقه في القضية المرفوعة ضده.
القيادي التاريخي بالجماعة الإسلامية، عبود الزمر، كان المحطة الثانية، والأهم؛ إذ تحدث عن علاقة طبيعية بين الحزب والمبادرة، عندما وجه رسالة لمحكمة القضاء الإداريَّة بتاريخ 12 من أبريل الحالي، ملتمسًا منها التعامل مع حزب البناء والتنمية بنوع من الخصوصية، وبرر طلبه بما فسره كثير من المراقبين، بأنه تهديد خفي وتلويح بالعنف؛ إذ إن «الزمر» أشار إلى أنه في حل الحزب ضرب لمبادرة وقف العنف، قائلًا عن قرار الحل: «تتجاوز كونها حل حزب سياسي فقط؛ بل تمتد لتوجيه ضربة لمبادرة وقف العنف والمراجعات الفكرية التي أطلقتها الجماعة في الـ5 من يوليو، واتجهت بموجبها لممارسة العمل السياسي، وتأسيس حزب سياسي يعتبر ثمرة هذه المبادرة».
ووفقًا لحديث «الزمر»، إذن فوجود حزب سياسي يعبر عن الجماعة الإسلاميَّة، أمر كفلته مبادرة المراجعات الفكرية التي طرحتها الجماعة الإسلاميَّة وتمكنت بمقتضاها من إنهاء تجربة العنف التي بدأتها منذ سبعينيات القرن الماضي.. هل هذا صحيح؟

القيادي التاريخي، وأحد المشاركين في المراجعات، فؤاد الدواليبي، قال: إن حديث «الزمر» غير صحيح، مصرحًا لـ«المرجع» بأن المبادرة لم تنص بأي شكل من الأشكال على تحول الجماعة الإسلاميَّة من مساحة العنف إلى مساحة العمل السياسي عبر حزب، وأكد أن كل ما تضمنته المبادرة هو رجوع الجماعة عن أي أفكار عنف كانت تناهض من خلالها المجتمع.
ودلل على كلامه بأن المراجعات الفكرية تمت منذ 1997 وحتى بداية الألفينيات، متسائلًا: «إذا كان الحزب نتيجة للمبادرة لماذا لم يؤسس إلَّا في 2011؟».
وأوضح لـ«المرجع» أن دافع «الزمر»، هو فقط خوفه على الحزب، فحله يمثل خسارة كبيرة للجماعة الإسلاميَّة، وخطوة إلى الخلف ستقاد إليها بحكم قضائي.
وتفهّم «الدواليبي» حالة القلق المسيطرة على قيادات الجماعة الإسلاميَّة إزاء تلك القضية؛ إذ يتنامى بداخلهم كل لحظة ما يشبه اليقين بمصير حزبهم وهو الحل.
وقيّم القيادي التاريخي بالجماعة التجربة السياسيَّة لها بأنها «فاشلة، وشهدت تعجلًا كبيرًا من قِبَل مسؤولي الجماعة الحاليين في الإقدام على المشاركة السياسية».
وذهب إلى أن الجماعة الإسلاميَّة تفتقد بعد للخبرة التي تؤهلها لممارسة العمل السياسي؛ مشيرًا إلى أنها «وقعت في أخطاء، تتسبب الآن في إنهاء التجربة السياسية للحزب»، ورصد هذه الأخطاء في موافقة الجماعة وحزبها على المشاركة في اعتصام رابعة العدوية الذي نظمته جماعة الإخوان، اعتراضًا على الإطاحة بحكمها في يونيو 2013؛ ما تسبب في النظر للجماعة الإسلاميَّة وحزبها كتابع للإخوان ويسري عليها ما يسري على جماعة الإخوان المحظورة بحكم قضائي صدر بتاريخ 23 سبتمبر 2013، عن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة.
وتطرق «الدواليبي»، إلى التصريحات التي وصفها بـ«العنيفة» من قِبل بعض المحسوبين على الجماعة الإسلاميَّة و«البناء والتنمية»، متسائلًا: «هل منطقي أن يخرج رئيس حزب ليقول إننا سنثأر ونقتل؟»، في إشارة إلى طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية السابق، المقيم حاليًّا في تركيا ويدعم جماعة الإخوان.
وصرح الدواليبي بأنه أَرَسَل للجماعة الإسلاميَّة خلال الأسبوع الأخير رسالة يطالبهم فيها بإعلان تبرئهم من قيادات الخارج التي تجلب على الجماعة ضررًا، مثل عاصم عبدالماجد، وطارق الزمر، وإسلام الغمري. وأشار إلى أنه طالب بموقف رسمي من الجماعة والحزب، موضحًا أنه لم يتلقَ إجابة عن طلبه حتى الآن.
ويواجه حزب البناء والتنمية، مصير الحل بعد رفع دعوى قضائية تتهم الحزب بمخالفة البنود «ثانيًا وثالثًا ورابعًا وخامسًا وسادسًا» من المادة الرابعة من القانون المصري للأحزاب السياسيَّة، وتنص هذه البنود على «عدم تعارض مبادئ الحزب أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع الدستور أو مع مقتضيات الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى والنظام الديمقراطى»، لاسيما اشتراط أن تكون للحزب برامج تمثل إضافة للحياة السياسيَّة، وألَّا يقوم على أساس ديني أو طبقي في أهدافه أو اختياره لأعضائه.
يشار إلى أن «البناء والتنمية» أسس بعد أحداث 25 يناير 2011م، حين شهد المناخ السياسي المصري وقتها صعودًا لافتًا للإسلاميين، تُرجم في اقتحامهم للساحة السياسية عبر أحزاب من بينها «النور» السلفي، و«البناء والتنمية»، و«الوطن»، و«الأصالة».