يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

الصومال «بوابة قطر السحريَّة» لتمويل الجماعات الإرهابيَّة بأفريقيا

الإثنين 16/أبريل/2018 - 08:50 م
المرجع
شيماء حفظي
طباعة
تُعَد دولة الصومال «البوابة السحريَّة» لدخول أفريقيا، فكونها تقع على باب المندب، جعلها تحتل موقعًا استراتيجيًّا في القرن الأفريقي؛ ولذلك كانت محل اهتمام إمارة قطر التي اختارت مقديشو؛ لتَعبر من خلالها إلى باقي دول القارة السمراء، وهو ما أتاح للنظام القطري تنفيذ مخططه المشبوه في تمويل الجماعات والتنظيمات الإرهابيَّة، وإشعال فتيل الحروب الأهلية في القارة.
قطر اختارت أن تدعم الجماعات المسلحة في الصومال والقرن الأفريقي، وتخلَّت عن دعم الحكومات الرسميَّة في مواجهة الإرهاب؛ فالنظام القطري لم يكتفِ بتمويل الجماعات الإرهابيَّة؛ بل أعلن عن وجهه الحقيقي حين أوى إلى الأراضي القطرية الرجل الثاني في حركة الشباب الصوماليَّة، محمد علي سعيد أتم.
ومحمد علي سعيد أتم، الذي تؤويه الدوحة في فنادقها، هو أحد القيادات الإرهابيَّة المُدرَجة على قوائم المطلوبين، وهو قيادي بارز انشق عن حركة الشباب الصوماليَّة المرتبطة بتنظيم القاعدة في العام 2014، وأصبح لاجئًا سياسيًّا في إمارة قطر.
إضافة إلى حركة الشباب؛ فإن قطر تدعم تنظيمات إرهابيَّة أخرى مُسلَّحة أبرزها تنظيم داعش، الذي بدأ مؤخرًا في تصدير مقاتليه إلى أفريقيا، كأحد الطرق للحفاظ على عناصره بعد تراجعه الكبير في العراق وسوريا.
وقال رئيس الحكومة الصوماليَّة الانتقالية السابق، شريف شيخ أحمد -خلال اجتماع مع دبلوماسيين أمريكيين في ليبيا- إن حكومة قطر تقدم الدعم المالي إلى حركة الشباب الإرهابيَّة.
ومنذ تولي «محمد عبدالله فرماجو» حكم الصومال، في فبراير من العام 2017، وتقاير صحفيَّة تفيد بأن قطر أنفقت -خلال تلك الفترة- أكثر من 442 مليون دولار أمريكي، في صورة أموال نقدية وسلاح ومعدات وعطايا للجماعات الإرهابيَّة؛ أملًا في أن تنجح هذه الجماعات في إزاحة الحكومة الشرعيَّة للبلاد، والسيطرة على أمور الحكم؛ عن طريق العنف، وقتل الأبرياء، ومن ثَمَّ منْح الحكومة القطرية حق الانتفاع بالسواحل الصوماليَّة.
وقالت تقارير لوزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيَّة، ومراكز ومعاهد دراسات وأبحاث: إن قطر تُعَد أكبر دولة تمول الجماعات المتطرفة والإرهابيَّة في منطقة القرن الأفريقي.
كما ذكرت مؤسسة «دعم الديمقراطية» الأمريكية -في تقرير سابق لها، بعنوان «قطر وتمويل الإرهاب»- أن قيادات من تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، وحركة الشباب الصوماليَّة، تلقُّوا دعمًا من رجال أعمال، وشيوخ قطريين، مقيمين في إمارة قطر.
ويؤكد التقرير أن حركة الشباب الصوماليَّة المتطرفة، تلقَّت تمويلًا من رجل الأعمال القطري المطلوب دوليًّا عبدالرحمن النعيمي، بمبلغ 250 ألف دولار، وأن هناك علاقة قوية كانت تربط «النعيمي» بزعيم الحركة حسن عويس، المُحتجَز حاليًا لدى السلطات الصوماليَّة.
وبحسب ما نقلته «سكاي نيوز عربية»؛ فإن تقارير أمنيَّة أمريكيَّة أكدت أن قطر ضالعة في تمويل حركة الشباب الإرهابيَّة في الصومال، ويدعم تلك التقارير ما كشفت عنه تسريبات «ويكيليكس» بشأن مطالبة الولايات المتحدة -في وقت سابق- من قطر وقف تمويل هذه الحركة الإرهابيَّة.
ولعب ممولون معروفون للإرهاب -يعيشون في قطر بحرية- دورًا محوريًّا في تمويل حركة الشباب الإرهابية، المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، بشكل مباشر وغير مباشر.
ومن جهة أخرى أشارت وثائق مسربة نُشِرت على موقع «ويكيليكس»، أن السفيرة الأمريكية السابقة في الأمم المتحدة سوزان رايس، طلبت من تركيا -في العام 2009- الضغط على قطر؛ لوقف تمويل حركة الشباب الإرهابيَّة.
وقالت «رايس» حسب الوثيقة: إن التمويل القطري لحركة الشباب الإرهابيَّة، كان يتم عبْرَ تحويل الأموال إلى الصومال عن طريق إريتريا.
ويُعَد تمويل قطر لحركة الشباب الإرهابيَّة، التي شنَّت عدة هجمات خارج حدود الصومال، مثالًا واحدًا على التحديات التي يمثلها تمويل النظام القطري للإرهاب، وتحول هذا الأمر إلى أزمة دوليَّة ملحة.
وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، في مذكرة لها أعدتها في العام 2009: إن المسؤولين الأمريكيين، يشكون منذ أيام الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (الأمير القطري السابق)، من عدم تعاون قطر في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، كما وصفت في التقرير ذاته تعاون قطر في مجال مكافحة الإرهاب بـ«الأسوأ في المنطقة».
وكان مجلس الأمن الدولي، أقرَّ بالإجماع، في نهاية ديسمبر من العام 2014، مسودة قرار خاص بمنع تسهيل حركة المقاتلين الأجانب وتمويل الإرهاب، وصدر القرار تحت «الفصل السابع» الذي يُجيز التدخل بالقوة لإنفاذه.
وتحاول قطر -خلال العقدين الماضيين- تعريف نفسها في أفريقيا كوسيط، وداعم للدول في مواجهة الكوارث، وإغراء الدول بالاستثمارات والأموال القطرية، بالإضافة إلى المدخل الديني للمسلمين السنيين، خاصة في الصومال، وجيبوتي، وإريتريا، أو الدول ذات النسب المسلمة العالية، مثل إثيوبيا، كينيا.
وهدف قطر الرئيسي، من التدخل في الصومال؛ يتمثل في الاستفادة من خيرات هذه الدولة المهمة في القرن الأفريقي؛ فهي تطل على خليج عدن، وتُشرِف على باب المندب، كما أنها مقابلة لشبه الجزيرة العربية، والخليج العربي، وملاصقة لإقليم البحيرات العظمى في وسط أفريقيا، والذي يتميز بموارده المائية، والنفطية، والمعدنية.
وبحسب دراسة صادرة عن معهد «الدراسات الأمنية الأفريقية»؛ فإن قطر تسعى -من خلال تغلغلها في منطقة القرن الأفريقي تحديدًا- إلى بسط السيطرة على أحد أهم المناطق التي تؤثر على الملاحة البحرية في المنطقة؛ الأمر الذي جعلها تتدخل في صراعات بين كل من السودان وإريتريا، والصومال وإثيوبيا، وإريتريا وجيبوتي.

الكلمات المفتاحية

"