مؤشر السلام العالمي.. التكلفة الاقتصادية للإرهاب وخرائط التهديد
الخميس 26/يوليو/2018 - 05:31 م
محمود رشدي
أصدر معهد الاقتصاد والسلام التقرير السنوى الحادى عشر لمؤشر السلام العالمي، وأبرزت بيانات التقرير أن العالم أكثر آمانًا بنسبة تصل لـ30% من العام الماضي، كما حصلت أكثر من 90 دولة على نسب إيجابية، بينما حصلت حوالي 70 دولة على نسب سلبية، مقارنة بتقرير المعهد للعام الماضي.
ورغم تعرض القارة العجوز لعدة عمليات إرهابية أصابت عواصمها الرئيسية في بروكسل وباريس ولندن، إلا أنها تصدرت المناطق الأكثر آمانًا في العالم، بينما تذيلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا القائمة.
ومن الملاحظ أن سقوط تنظيم «داعش» في العراق وسوريا أثر إيجابيًا، إذ انخفضت وتيرة العمليات الإرهابية في 2017 عن سابقتها، الأمر الذي انعكس على تحسن مستويات الدول الأوربية بنسب ايجابيبة نسبيًا، بينما كانت الحروب الأهلية والفراغات الأمنية في الشرق الأوسط سببًا في تدني مستويات دوله في المؤشر، وفيما يلي تحليل لما ورد في التقرير الحادي عشر لمؤشر السلام العالمي.
◄دوافع تزايد العنف العالمي:
- ارتفاع عدد اللاجئين:
شهدت القارة الأوروبية أكبر موجات من المهاجرين واللاجئين عقب اندلاع الثورات العربية عامة، والحرب في سوريا خاصة، ليرتفع عدد النازحين واللاجئين على مستوى العالم ليصل إلى 64 مليونًا- كان 34 مليون شخص عام 2008-، وكانت الدولة السورية الأكثر تضررًا إذ وصل عدد نازحيها ولاجئيها لأكثر من 65% من سكانها.
- ضحايا النزاعات المسلحة:
في عام 2016، وصل عدد الدول التي تعاني من الصراعات الداخلية المسلحة لأكثر من 30% حول العالم، وتزايدت أعداد القتلى بها لتصل لأكثر من 280 ألف، وتعود تلك الفجوة الكبيرة في أعداد الضحايا مقارنة بأعوام سابقة لعدة صراعات منها الحرب السورية، والحرب على الإرهاب في العراق، والنزاعات المسلحة في اليمن وباكستان وأفغانستان.
- الأيديولوجيا الراديكالية:
ومما يشهده العالم من أعمال إرهابية، وتصاعد للأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية على مستوى العالم، والمجتمع الغربي خاصة، نجد أن تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية يرجع لانتشار الأيديولوجيا الراديكالية بشتى أنواعها الدينية والعرقية، ويؤكد مؤشر السلام أن مستويات الراديكالية قد ازدادت لدى 60% من الدول مقارنة بالعام الماضي.
مناطق العنف على مستوى العالم:
أورد مؤشر السلام المناطق الرئيسية على مستوى العالم تبعًا لدرجة العنف الذي تتعرض له، ومرحلة السلام والأمن التي وصلت له تلك الدول، وسنعرضها طبقًا لمستوى الأمان والسلام الذي حازت عليه كل منطقة بحسب إحصائيات المؤشر:
- القارة الأوروبية:
على الرغم من تصاعد العمليات الإرهابية التي تشهدها القارة العجوز؛ إلا أنها لا تزال المنطقة الأكثر آمانًا، وتُعد أيسلندا الدولة الأكثر سلامًا في العالم، كذلك تأتي البرتغال والنمسا والدنمارك في مقدمة الدول الأوروبية، وقد حازت تركيا على المركز الأخير في القائمة الأوروبية، من حيث درجة السلام والدول الأكثر عنفا بأوروبا، ويرجع ذلك إلى تدهور الوضع السياسي في تركيا خلال السنوات القليلة الماضية، وقد وصل الوضع إلى ذروته في يوليو 2016، عندما حاولت بعض وحدات الجيش تنفيذ انقلاب عسكري.
وبحسب مؤشر السلام، حازت فرنسا على المرتبة 51 في قائمة دول العالم الأكثر أمانًا، نظرًا لما شهدته على مدار السنوات الثلاث الماضية من هجمات إرهابية، بداية من حادث صحيفة «شارلي إبيدو» في باريس، إلى هجوم نيس في يوليو 2017.
- منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
حازت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أسوأ إحصائيات مؤشر السلام، ويرجع ذلك لعدة عوامل تعرضت لها المنطقة منذ 7 سنوات، إثر تفجر الربيع العربي في العواصم العربية؛ ما أسفر عن حالة من الفراغ الأمني، استغلتها التنظيمات الإرهابية في التمدد والانتشار وتهديد الدول الأخرى حول العالم، بجانب الحروب والصراعات المسلحة التي شهدتها المنطقة، ووقعت ثلاث دول عربية ضمن قائمة الدول الهشة (اليمن، ليبيا، والصومال).
- أفريقيا جنوب الصحراء:
جاءت دول (جنوب السودان، الصومال، والكونغو الديمقراطية) ضمن الدول الأكثر عنفًا في دول جنوب الصحراء، نظرًا لما تشهده مقديشو من عمليات إرهابية التي تنفذها حركة الشباب الصومالية المتطرفة، أما عن أفريقيا الوسطى فتشهد صراعات طائفية ضد الشريحة المسلمة هناك، وأبرزها مقاطعات «أواكا، وكوتو السفلى، وكوتو العليا، وفي المناطق المُحيطة بتلك المُقاطعات»، وخضعت مساحات شاسعة من البلاد لسيطرة الجماعات المسلحة؛ جماعة «سيليكا» سابقًا (جماعة مقاتلة في أفريقيا الوسطى- تأسست 2012)، وجماعة «المناوئين لجماعة البالاكا».
◄التكلفة الاقتصادية للإرهاب:
بلغت النفقات المالية التي تكبدتها الدول حوالي 15 تريليون دولار على مستوى العالم، بما يعادل 12.5% من الناتج العالمي، وبما يقارب ألفي دولار للشخص الواحد على مستوى العالم، ويرجع ذلك لارتفاع نسبة التسليح العالمية، التي شاركت فيها الدول العربية وحدها بما يقارب 50% من نفقات التسليح على مستوى العالم لعام 2016.
علاوة على ذلك، انهارت البنى التحتية في دول بأكملها مثل «سوريا وليبيا»، فعلى سبيل المثال تحتاج سوريا لما يقرب من 300 مليار دولار لإعادة إعمارها مرة أخرى وتجديد البني التحتية التي دمرتها الحرب، كما كبدت تفجيرات 11 سبتمبر الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 80 مليار دولار.
وتختلف هنا الاقتصادات الغنية عن الاقتصادات النامية في التكيف مع أزمة الإرهاب في أراضيها، إذ تتأثر الدول النامية بشكل سريع بالأعمال الإرهابية نظرا لاعتماد اقتصادها في أغلبه على قطاع معين، على العكس من الدول الغنية التي تتنوع في مصادر تمويلها وإنتاجها، فإذا تأثر قطاع معين من الاقتصاد تغطى تكالفيه القطاعات الأخرى من اقتصاد الدولة.
وتكبدت الدول الأكثر عنفًا في العالم (سوريا، العراق، وأفغانستان) خسائر اقتصادية باهظة، تخطت 50% من الناتج المحلي لكل دولة على حدة.
وتجدر الإشارة إلى أن مؤشر السلام ينشر سنويًا، ويصدر عن معهد الاقتصاد والسلام، بالتعاون مع مركز دراسات السلام والنزاعات بجامعة سيدني بأستراليا، وبدأ المعهد في إطلاق المؤشر منذ عام 2007، ويقيم المعهد حالة الاستقرار السياسي لأكثر من 160 دولة، ويتكون من ثلاثة عوامل أساسية تقاس على أساسها درجة استقرار وأمان الدولة المعنية منها: مستوى الصراع المحلي، عدد الحروب الداخلية والخارجية المشارك بها، مستوى جرائم العنف، احتمالية وقوع أحداث إرهابية، عدد القتلى والجرحى في العمليات المسلحة.





