يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

خبايا «السلفية الجهادية» في أفريقيا.. «بوكو حرام» نموذجا

الأربعاء 25/يوليو/2018 - 08:31 م
صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
ياسمين حمدي
طباعة
أثار ظهور جماعة «بوكو حرام» النيجيرية في منطقة غرب أفريقيا، اهتمام المتابعين والمهتمين نظرًا لتداعيات أنشطة الحركة على الأمن والاستقرار في المنطقة، وجاء انتماء الحركة لتيار «السلفية الجهادية» ليضفي المزيد من الاهتمام بهذا التيار المتطرف، الذي مثل المعين الرئيس لكافة الحركات التي أثرت على استقرار السلم والأمن الدوليين.

جماعات السلفية الجهادية
جماعات السلفية الجهادية
ولما كانت منطقة غرب أفريقيا إحدي الميادين التي انتشرت فيها جماعات السلفية الجهادية، إذ مثلت البيئة العامة لهذه المنطقة مناخا داعما لتفشي مثل هذه الحركات، فما بين الاضطراب الأمني الناتج عن عدم الاستقرار السياسي من جهة وتردي الأوضاع الاقتصادية، وما يسفر عنه من معاناة معيشية وصولا إلي اضطرابات اجتماعية لسكان المنطقة من جهة أخري، وجدت هذه الجماعات في تلك المنطقة خير مجال للانتشار.
خبايا «السلفية الجهادية»
وفي هذا السياق يأتي كتاب «السلفية الجهادية في أفريقيا» للكاتب المصري نبيل شكري في محاولة لتتبع المسار الفكري والحركي لتيارات السلفية الجهادية في منطقة غرب أفريقيا، مع التركيز على جماعة «بوكو حرام».

ينطلق الكاتب من خلال التأصيل المفاهيمي لمضمون السلفية الجهادية، حيث تعني جماعات الإسلام السياسي المتبنية للجهاد كمنهج للتغيير، حيث ظهرت هذه الجماعات نتيجة لضعف النظم الحاكمة، وقد هدف المؤلف إلى بحث دور جماعة بوكو حرام باعتبارها إحدى الجماعات التابعة للسلفية الجهادية، حيث تشكل تهديدا لوجود دولة نيجيريا والدول المجاورة لها، كما يمكن أن تؤدي إلى تغيير الخريطة السياسية لمنطقة غرب أفريقيا.
جماعة «بوكو حرام»
جماعة «بوكو حرام»
شهدت جماعة «بوكو حرام» حالة من الجدل المصاحب لنشأتها واستمرارها إذ كان هناك اختلاف حول التوقيت الذي تكونت فيه الجماعة، وذلك يرجع إلى ظهورها بأسماء مختلفة في كل مرحلة من مراحل تطورها بدءًا من «أهل السنة وجماعة الهجرة» عام 1995 إلى «بوكو حرام» كما أطلق عليها عام 2005، وقد تطورت الجماعة من خلال ثلاث مراحل، وهي: النشأة، الدعوة، الجهاد، حيث كان لكل مرحلة سماتها المختلفة، والهيكل التنظمي المتبع فيها للجماعة، وكذلك الاستراتيجيات المختلفة للتعامل مع الدولة.

وفيما يتصل بخطاب الحركة يورد المؤلف أنه يتضمن التحريض علي العنف، ثم بدأ يركز بعد ذلك على القضاء على الدولة النيجيرية، وقد تزايدت بيانات الجماعة مع تطور الأحداث في نيجيريا، وهو ما يدل على حرص الجماعة على متابعة الأحداث بشكل مستمر، وكذلك فعالية الجماعة ودورها داخل نيجيريا.

يقسم المؤلف أنشطة الجماعة وفقا لمحورين، يتمثل الأول، في النطاق الذي تمارس فيه أنشطتها، وبالتالي فهناك أنشطة مباشرة في دول الجوار ومن أهمها: الصومال والكاميرون والنيجر وتشاد وليبيا ومالي، وتمثلت في التدريب علي القيام بالأعمال الإرهابية، وأخرى غير مباشرة في دول: مثل الجزائر والسنغال والسودان وأفريقيا الوسطي وموريتانيا، إذ هدفت الجماعة إلى الحصول علي التمويل، سواء كان من الأموال أو الأسلحة، وكذلك توفير المناخ الملائم لنشر الفكر التكفيري في أفريقيا.

المحور الثاني، يركز في طبيعة الأنشطة التي تمارسها الجماعة، وبالتالي فهناك علاقات تعاونية تظهر في التعاون ما بين الجماعة والجماعات الأخرى التي تتبني نفس الأيديولوجية، ومن أهمها: حركة الشباب الصومالية، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، وهناك علاقات أخرى عدائية وتظهر في الأنشطة المعادية للجماعة مع حكومات الدول المجاورة ومنها الكاميرون.

واتسم موقف الجماعة في تفاوضها مع الحكومة النيجيرية بالقوة، وذلك على الرغم من تدخل أطراف خارجية لتسوية الصراع فإنها فشلت في ذلك، حيث انسحبت «بوكو حرام» عدة مرات من المفاوضات، ما يدل علي تفضيل الجماعة استخدام القوة بديلا عن الحوار في التعامل مع حكومة نيجيريا، إذ اعتمد سلوكها علي الاستمرار في القيام بعمليات إرهابية في ظل المفاوضات، أما عن استراتيجية الدولة فقد اتسمت بالعشوائية، وبالتالي فهذا يدل علي صعوبة وجود تسوية قريبة للصراع ما بين الجماعة والحكومة النيجيرية.
جماعة «بوكو حرام»
جماعة «بوكو حرام» - أرشيفية
وتسعي القوي الدولية والإقليمية لحل الصراع النيجيري بأنماط مختلفة، فنجد القوي الإقليمية تسعي لزيادة تأثيرها داخل القارة الأفريقية من خلال عدة محاولات تهدف لفرض الهيمنة والتبعية العقائدية.
وهنا يمكن القول إن مصر تعد القوة الأفريقية الوحيدة التي يمكن أن تقوم بدور إيجابي في حل الصراع النيجيري، حيث يرجع ذلك لدور مصر في توحيد الأراضي النيجيرية أثناء الحرب الأهلية، أما القوى الدولية والمتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين فيقوم كل منهم بدور مختلف بما يتفق مع مصالحهم في المنطقة.

ويمثل انتشار الجماعة تهديدًا مباشرًا للدولة المصرية، حيث بدأت تظهر ملامح الخطورة من خلال وجود عناصر من الجماعة في ليبيا، ما يدل علي تطلعها للنشاط في شمال أفريقيا، وفي سياق آخر يمكن القول إن عدم استقرار الجزء الغربي من أفريقيا، سيؤدي لزيادة تهديد الجماعات المتشددة الأخري المنتشرة في القارة الأفريقية ككل ومنها دول حوض نهر النيل، ما يعد تهديدا مباشرا لمصالح مصر في أفريقيا. 

وبالتالي فإنه لابد من تواجد الدور المصري في نيجيريا لدعم وحدتها، وذلك لأن استقرار غرب أفريقيا سيحافظ بالضرورة علي استقرار دول حوض النيل، ومن ثم الحفاظ علي المصالح المصرية في المنطقة.
"