ad a b
ad ad ad

بعد مؤتمر «تحرير الشام» الاقتصادي.. «المدنيّة» ملاذ خاسري معارك التطرف

الإثنين 16/يوليو/2018 - 11:20 ص
المرجع
سارة رشاد
طباعة
عندما حاصر الجيش الليبي مدينة درنة (شرقي البلاد)، منتصف مايو 2018، خرج الإرهابي الليبي المنتمي إلى تنظيم القاعدة، عطية الشاعري، في حلّة مدنية، معلنًا تفكيك ما سمَّاه «مجلس شورى مجاهدي درنة»، لصالح كيان جديد -قال عنه المراقبون إنه أكثر ميلًا للمدنية- عرف بـ«قوة حماية درنة». 


بعد مؤتمر «تحرير
تزامنًا مع ذلك، كان ما يُعرف بـ«هيئة تحرير الشام»، كبرى الفصائل الإرهابية السورية، والمسيطر على الشمال السوري، هو الآخر، يتخذ المزيد من الخطوات نحو المدنيّة، فبخلاف تأسيسه حكومة شكلية من وزارات وهيئات، كلفها بإدارة محافظة إدلب (شمالي غرب سوريا)، نظّم الكيان، صباح اليوم الأحد 15 يوليو 2018، مؤتمرًا اقتصاديًّا تحت عنوان: «نحو واقع صناعي أفضل». 

وفي تفنيده للغرض من المؤتمر، ذكر شخص محسوب على «تحرير الشام» -قالت شبكة «إباء» المعبرة عن «الهيئة» إن اسمه إياد نجار- إنهم يهدفون لتعريف المسؤولين عن المشروعات الصناعية في إدلب على بعضهم، بغرض خلق اقتصاد يساعد الكيانات المتطرفة على الاستمرار في الحرب بدون الحاجة لأموال الداعمين الإقليميين والدوليين، الذي مَوَّلوا هذه الكيانات لسنوات؛ ومن ثم تحكموا في قراراتهم. 

وإذا كان ظهور «نجار» لافتًا، سواء على مستوى الزي العصري الذي طلَّ به أو الاسم الصريح الذي لا يستبدله بكنية، كما اعتادت التنظيمات الإرهابية، فخطوة تنظيم مؤتمر اقتصادي، في حد ذاتها، كانت فارقة، بحسب مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور محمد صادق إسماعيل، الذي قال لـ«المرجع»: إنها خطوة لم تُقدم عليها التنظيمات الإرهابية الأخرى، بما فيها تلك التي تتبنى خيار التمدّن، هروبًا من الخسائر.
بعد مؤتمر «تحرير
وأضاف «إسماعيل» أن مثل هذا المؤتمرات مكتوب عليها الفشل؛ لأن التنظيمات المتطرفة في سوريا فقدت مصداقيتها، مشيرًا إلى أن «تحرير الشام» تُحاول بذلك مد فترة بقائها في سوريا؛ أملًا في التحايل على الخسائر.

ولفت «إسماعيل» إلى أن هذه التنظيمات تدرك جيدًا أن زوالها من سوريا بات حتميًّا، مؤكدًا أن الهدف الذي أعلنت عنه «تحرير الشام»، من حيث إنها تنظم هذه المؤتمرات للاستغناء عن أموال الداعمين الخارجين وتحرير قراراتها منهم، ليس صحيحًا، وأن حقيقة ما حدث هو أن الداعمين شعروا -بعد كل سنوات الحرب- أن أموالهم تذهب سُدىً.

وأشار مدير المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أن السبب في إفشال هذه التمويلات هو الدور الروسي، الذي عمل منذ 2011 على إفشال أي تحرك للتنظيمات الإرهابية.
بعد مؤتمر «تحرير
وشدد على أن وجود التنظيمات المتطرفة في سوريا لن يستمر كثيرًا في ظل تسليم هذه الكيانات أسلحتها ضمن مفاوضات مع النظام السوري، يفرض فيها النظام شروطه، معتبرًا أن في ذلك فشلًا عسكريًّا يُضاف إلى فشلهم السياسي، الذي تمثّل في عجزهم عن توفير بديل قوي للنظام السوري أو للرئيس بشار الأسد.

من جانبه، ربط الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، هشام النجار، الاتجاه نحو التمدّن من قبل التنظيمات المتطرفة بتلك المرتبطة ولو فكريًّا بتنظيم «القاعدة».

وقال «النجار»، في تصريح لـ«المرجع»، إن «القاعدة» منذ بداية ما يُعرف بـ«الربيع العربي»، وهو يتبنى سياسة برجماتية، تدفع التابعين له للتخلي عن التبعية المعلنة للتنظيم الأم، مقابل الحفاظ على البقاء.
بعد مؤتمر «تحرير
وتدعيمًا لذلك، أوضح «النجار» أن أغلب التنظيمات المحسوبة على «القاعدة» تُقدم نفسها مؤخرًا على أنها فصائل وطنية متجانسة مع بيئة البلد الذي توجد فيه، كما حدث في درنة الليبية، على سبيل المثال.

واتفاقًا مع هذا البراجماتية، يأتي المؤتمر الذي تعقده «تحرير الشام» (الفرع السابق للقاعدة في سوريا)، اليوم، إذ يتخلى الكيان المتطرف، بهذا الشكل عن هيئته المعروفة منذ نشأته في 2017، من كونه فصيلًا مسلحًا يتبنى خطابًا متشددًا من الدرجة الأولى.

وإن كان تجربة «تحرير الشام» بارزة في الدخول نحو المدنيّة، إلا أن لتنظيم «داعش» الإرهابي تجربة شبيهة، لكنها ليست بنفس الدرجة، إذ اتجه «داعش» -في ظل خسائره- نحو تمهيد الطرق وتشييد المدارس، وبينما تخلت «تحرير الشام»، في خضم ذلك، عن الهيئة والزي من حيث الجلابيب القصيرة واللحى الطويلة، تمسّك «داعش» بزيه وهيئته، خلال تجربته في التحايل على الخسائر.
بعد مؤتمر «تحرير
وما تعرف بـ«هيئة تحرير الشام»، هو تحالف سوري مُسلح، تندرج تحته فصائل سورية أعلنت عن اندماجها تحت هذا المسمى، في 28 من يناير 2017.

ويعتبر هذا الفصيل المنفصل عن تنظيم القاعدة، في 2016، هو أكبر الفصائل في سوريا، ويسيطر منذ نهاية العام الماضي، على الشمال السوري.

وبسبب هذه السيطرة، يتلقى الكيان انتقادات من الكيانات المسلحة المنافسة، إلا أنه في المقابل يُحاول إحكام سيطرته على الشمال السوري، عبر إجراءات، منها تدشين جهاز أمني معني بالقبض على المعارضين، وحكومة موازية تُسيّر أمور الأهالي.

ويُطلق النظام السوري من وقت لآخر؛ سواء على لسان المعبرين الرسميين عنه، أو عبر أطراف روسية، تعهدات بحملات عسكرية على الشمال السوري؛ لتحريره من سيطرة المتطرفين، ولهذا السبب تُحاول «تحرير الشام» البقاء في وضع التأهب عسكريًّا، إلى جانب القيام بأنشطة مدنيّة يستدل منها على أنه فصيل معارض يُلام النظام السوري إذا ما تعرض له.
"