«جند الله» النرويجية.. بذور إرهاب داعشي جديد في أوروبا

في الوقت الذي تعمل فيه الدول الأوروبية على مواجهة تنامي تهديدات الجماعات
المتطرفة، نشر «مركز الناطور للدراسات والأبحاث» ومقره الأردن تقريرًا في يناير
2018 أفاد بأن التهديد الراديكالي الإسلاموي سيبقى مصدر قلق رئيسي لأجهزة الاستخبارات
النرويجية هذا العام، وأن المسؤولين الأمنيين في البلاد يتخوفون من عودة حوالي 100
من العناصر الإرهابية الذين ذهبوا للقتال في صفوف «داعش» في العراق وسوريا، إضافة إلي
أن الصحافة النرويجية غالبًا ما تلجأ إلى إثارة المخاوف الشعبية من التنامي المتزايد
لتيارات الإسلام الحركى، بين أوساط الشباب المسلم من أبناء المهاجرين من الجيل الثاني.

وبالعودة إلى تاريخ وجود الجماعات في النرويج،
فقد ظهرت جماعة أطلقت على نفسها اسم «جند الله» في مارس 2016، من خلال مجموعة من الإسلاميين
(غير معروف أعدادهم)؛ لمواجهة جماعة شعبية يمينية تجوب شوارع المدن النرويجية معروفة
باسم «جند أودين»، وحينها خرجت عناصر «جند الله» في دوريات في العاصمة النرويجية «أوسلو»
ومدن أخرى، لكي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، على حد قولها.
كان هدف الجماعة الأساسي العمل على إقامة
دولة على أسس الشريعة الإسلامية في النرويج، خاصة في حي «جرولاند» باعتبار أنه حي المسلمين
في أوسلو، لذلك طالبت «جند الله» الحكومة النرويجية بالتنازل عن هذا الحي.
وبالنظر إلى جماعة «جند أودين» فهى جماعة
فنلندية ذات ارتباطات نازية جديدة تشكلت عام 2015 في فنلندا، احتجاجًا على تدفق اللاجئين
نحو أوروبا، وانتشرت حتى النرويج، حيث ظهرت للمرة الأولى هناك في 13 فبراير 2016، عندما
أمضت مجموعة من 14 شخصًا ثلاث ساعات تطوف في شوارع تونزبيرج، وعناصرها يرتدون معاطف
سوداء.
إضافة إلى ذلك؛ فإن بعض التقارير أفادت
بأن «جند أودين»؛ أقالت المتحدث باسمها «روني آلته» لتلميحه إلى إمكان الاشتباك مع
جماعة «جند الله»، حيث صرح «آلته» لصحيفة «في جي» النرويجية، بأن الأمور يمكن أن تصبح
خطيرة إذا استخدمت «جند الله» دورياتها لتجنيد متطرفين، موضحًا أن الإسلاميين يطلقون
صفة الكفار على النرويجيين، وهذا يتطلب ردًا من الطرف الآخر، وأن ما تقوله «جند الله»
عن الأمر بالمعروف لا تعني شيئًا، وأن معنى المعروف بنظرنا يختلف عن معناه بنظرهم.

فكر داعشي
وأعلنت صحيفة «في جي» النرويجية، نقلًا
عن عنصر ينتمي لـ«جند الله» أن الزي الرسمي الذي يرتديه عناصر «جند الله»، هو زي أسود
بقلنسوة يزينه علم تنظيم «داعش» الأسود الذي أصبح رمز الإرهاب، ما يوضح بشكل لا جدال
فيه، أن الجماعة النرويجية تتبنى الفكر الداعشي، وتعمل على محاولة نشر أفكارها المتطرفة
في أوسلو، فهذه الجماعة أعلنت رفضها للقيم النرويجية المتمثلة خاصة حرية المرأة، وشرب
الكحوليات، والربا، ومطالبة بتأسيس دولة تقوم على منهج الشريعة الإسلامية.
هذا إضافة إلى أن هناك منظمة إرهابية أخرى
تعرف بنفس الاسم «جند الله»، لكنها أُسِّسَت عام ٢٠٠٢ على يد «عبدالمالك ريجى» الذى ينتمى
إلى قبيلة «ريجي»، إحدى أكبر القبائل البلوشية، وهي مرتبطة بحركة طالبان، وتعمل في إيران وباكستان، ونفذت هذه المنظمة العديد من التفجيرات الانتحارية وارتكبت العديد
من المذابح ضد المسيحيين والمسلمين الشيعة في كل من طهران وباكستان، واتهمت إيران في
وقت سابق الحكومة الأمريكية بأنها تعمل على تمويل هذه المنظمة الإرهابية.
إضافة إلى أن صحيفة «دايلي تايمز» الباكستانية
أشارت إلى أن طريقة عمل جماعة «جند الله» تستعير الكثير من إرهاب «طالبان» و«القاعدة»،
إلا أنه حتى الآن لم تتوافر أي معلومات عما إذ كانت «جند الله» النرويجية هي فرع من
المجموعة الإرهابية العاملة في إيران وباكستان.

مخاوف
نرويجية
وبالرغم من أن تصرفات الجماعة كافة حتى الآن لا تعدو سوى أنها تخرج في دوريات تعلن فيها رفضها لما يدور في المجتمع النرويجي، فإن الشرطة السريَّة النرويجية امتنعت في وقت سابق عن التعليق على ما تفعله هذه الجماعة، ونقل موقع «لوكال» الألماني، عن نائبة زعيم حزب العمال النرويجي «هاديا تاجيك» إدانتها الشديدة للجماعتين اللتين أعلنتا تسيير دوريات في شوارع المدن النرويجية، قائلة: «لا مكان لمثل هذه الجماعات المتطرفة في النرويج، سواء عملت باسم اودين، الإله الأسطوري في ميثولوجيا شمال أوروبا، أو باسم الله، وأن الشرطة هي الوحيدة التي تمتلك صلاحية تسيير الدوريات في الشوارع واستخدام القوة، إضافة إلى أنها تراقب هذه الجماعات عن كثب».
وقدمت الحكومة النرويجية إحصاءات في يونيو
الماضي، أوضحت فيها أن أعداد المسلمين ازدادت عشرات الآلاف في السنوات الأخيرة، وأنه
يمكن أن يكون أحد أسباب نمو السكان المسلمين في النرويج ازدياد المهاجرين واللاجئين
من دول آسيا وإفريقيا وغرب آسيا، وبالرغم من ذلك، فإن الأنشطة الإسلامية في أوروبا
والمنطقة الاسكندنافية واجهت حملات من الجماعات المتطرفة؛ حيث كانوا يحاولون تشويه
صورة الإسلام.
ولهذا تعمل النرويج علي مواجهة الإرهاب
القادم من الخارج، خاصة أن «جند الله» من الممكن أن تمثل «قنبلة موقوتة» في المجتمع
النرويجي، أو أن تندثر مثل بعض الجماعات التي ظهرت فجأة واختفت بعد ذلك، كما أن هذه
الجماعة قد تكون عبارة عن مجموعة من «الخلايا النائمة» التي تخطط لتشكل هيكل تنظيم
له عناصره الكاملة، وتظهر فجأة بعمليات إرهابية تهدد أمن واستقرار دول العالم، لذلك
يجب توقع الاحتمالات كافة.