خلايا «داعش» النائمة ومخاطر العودة في الشرق الأوسط
أعد مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف،
دراسة حول خلايا تنظيم «داعش» الإرهابي النائمة ومخاطر العودة في الشرق الأوسط،
أكد فيها أن التنظيم تمكن في الفترة الأخيرة من إعادة بناء نفسه في عدد كبير من دول
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عبر خلاياه النائمة.
أضافت الدراسة أن السلطات الأمنية في المغرب
تمكنت في أبريل الماضي 2023م، من تفكيك خلية إرهابية كان عدد أفرادها 13 شخصًا تتراوح
أعمارهم بين 19 و49 عامًا، قبل أن يقوموا بتنفيذ عمليات تخريبية في البلاد، وأثبتت
التحريات أن المشتبه بهم انخرطوا فعليًّا في التحضير المادي لمخططاتهم التخريبية، كما
نسجوا علاقات مشبوهة مع عناصر إرهابية خارج المغرب؛ بهدف التنسيق للالتحاق بأحد فروع
تنظيم «داعش» الإرهابي في منطقة الساحل والصحراء.
وأكدت دراسة الأزهر الشريف، أن الخلايا
النائمة لها مخاطر جمَّة، خصوصًا خلايا تنظيم داعش الإرهابي، فعلى الرغم من فقدان هذا
التنظيم سيطرته المكانية في المناطق التي كان يبسط فيها نفوذه، فإنه لا يزال قادرًا
على شن هجمات تطال مدنيين وعسكريين على السواء، وذلك عن طريق خلاياه النائمة، في محاولة
مستميتة لإثبات قوته وتماسكه بعد خسارة زعمائه وقياداته التاريخية، ولصرف الأنظار عن
أزماته التي يعيشها.
وتمثل هذه الخلايا جزءًا مهمًّا من خططه
خصوصًا بعد انتهاجه إستراتيجية إسقاط المدن ووجود عناصره في الجبال والصحاري والقرى
المهجورة؛ حيث قام التنظيم بعد فقدانه أماكن سيطرته القديمة بتفكيك منظومته العسكرية
التي كانت تحوي بداخلها ثلاثة جيوش (دابق، والخلافة، والعسرة)، واكتفى ببعض الشبكات
العسكرية، وبعد أن كان لديه في العراق وحده قوات تتجاوز 20 ألف مقاتل، اكتفى بـ3 آلاف
وحول الباقين إلى عناصر لوجستية أو خلايا نائمة ينشطها وقتما شاء.
وأشار مرصد الأزهر إلى أن تلك الخلايا من
الممكن أن تجعل التنظيم يعود إلى الحياة مجددًا بالشكل الذي كان عليه في الفترة من
2014 وحتى 2017، ما يشكل خطرًا حقيقيًّا على هذه الدول لأنها خلايا مستترة وكامنة،
وفي الوقت ذاته متأهبة على الدوام وتنتظر الضوء الأخضر حتى تقوم بتنفيذ جرائمها الإرهابية،
وأكبر دليل ذلك اعترافات بعض المتطرِّفين من المحكوم عليهم آلية عمل الخلايا النائمة
وكيفية تمويلها، حيث قال أحد المسجونين، والذي كان مسؤولًا عن إحدى خلايا داعش النائمة، إن عدد هذه الخلايا كبيرٌ للغاية، سواء داخل الأراضي التي كان يسيطرُ عليها التنظيم
أو خارجها، وإن أفراد كل خلية يتواصلون فيما بينهم بالشفرات من خلال الهواتف، وإن من
يقوم بإدارة الخلية ويصدر لها الأوامر هو الوالي "المزعوم" في المنطقة التي توجد بها الخلية، وإنهم موجودون في مناطق مختلفة من «سوريا» مثل: «إدلب»، و«الرقة»، و«منبج»، و«جرابلس».
وأضاف المتهم بأنه يُطلب منهم القيام بمهام
محددة، وأن التنظيم يمدهم بالمال وبكل ما يحتاجون إليه عن طريق حوالات ومكاتب مصرفية
في بعض الأحيان، ذاكرًا أن آخر ما تلقى من أموال كان قبل سجنه عن طريق شخص أرسله
"الوالي" المزعوم.
وأكد مرصد الأزهر أن خطورة الخلايا النائمة
تكمن في نشر الشائعات وإشعال الفتن بين السكان المحليين، وهي بذلك لا تقل خطورة عن
النشاط العسكري للتنظيمات المتطرفة؛ لأنها قوات سرية تتوزع على مناطق مختلفة ليسهل
عليها ممارسة الأنشطة الإرهابية دون أن يشعر بها أحد.
لذلك يمكننا القول إن أحد مهام هذه الخلايا
هو ممارسة أنشطة إرهابية لكن بطريقة سلمية، وليس باستخدام السلاح.
وانتشرت خلايا نائمة لتنظيم داعش الإرهابي
في شمال وشرق وشمال غربي العراق، وشمال شرقي سوريا، والبادية، على مدار العامين الماضيين،
مما يشكل تهديدًا خطيرًا لقدرتها على الاختباء، والتسلل عبر المسارات التي يسهل اختراقها
أمنيًّا؛ وهو ما يجعل مهمة تعقب القوات الأمنية لها صعبةً للغاية، وهذا الأمر يتطلب
جهودًا ناعمة، لفرز الخلايا وتطهير المناطق المحررة من براثن التنظيمات المتطرفة.
وأكدت الدراسة أن هذه الخلايا كثيرة وخطيرة
للغاية وتشبه الضباع الضارية التي تتخفى قبل أن تثب لتنفيذ المهام الموكلة إليها من
قبل التنظيم، كما كشف هجوم داعش المباغت على سجن الصناعة بمنطقة غويران في الحسكة،
شمال شرقي سوريا، في يناير عام 2022م، عن دور خلاياه في التخطيط والقيام بعمليات إرهابية.
وأكدت دراسة مرصد الأزهر أن العمليات العسكرية
مهمة في القضاء على تلك الخلايا وتفكيكها ووقف المد الإرهابي الذي يتجه نحو المناطق
الهشة من الناحية الأمنية، بالإضافة إلى الجهود الاستخباراتية التي تعتمد على رصد وتتبع
عناصر وأنشطة تلك الخلايا في محاولة لتفكيكها وتجفيف منابع تمويلها، لكن في الوقت ذاته
لا بد أن يكون ذلك كله متوازيًا مع جهود مكافحة التطرف الفكري ورفع الوعي المعرفي،
خصوصًا لدى الشباب في مناطق سيطرة داعش القديمة.





