أزمات بالجملة.. تشاد تستغيث على وقع التناحر في السودان
تعيش تشاد على وقع أزمة حادة؛ جراء تدفق عدد كبير من السودانيين الفارين من الحرب إلى البلاد، ما أدى إلى نقص الاحتياجات الأساسية، وشح في الغاز والوقود وانقطاع الكهرباء والماء، وارتفاع في أسعار المواد الغذائية.
طوفان الفارين
واتهمت تشاد المجتمع الدولي بالتخلي عنها، وتركها وحيدة في مواجهة طوفان الفارّين من الحرب في السودان، وطالبت بمساعدات لمجابهة هذا الوضع الذي أثقل كاهلها، بينما تعاني من أزمة مالية.
وقال رئيس الوزراء التشادي صالح كيبزابو، أمام دبلوماسيين وممثلي منظمات دولية، إنّ تعبئة المجتمع الدولي لا تصل إلى مستوى التعبئة الملحوظة في أماكن أخرى، مّا يترك تشاد شبه وحيدة في مواجهة استقبال اللاجئين، مع استنفاد مواردها الخاصة إلى أقصى حدّ.
وفي أوائل يونيو الماضي، أعلن مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين أنّ أكثر من مئة ألف سوداني، معظمهم من النساء والأطفال من دارفور، عبروا الحدود إلى شرق تشاد في شهر ونصف من الصراع، وأتى هؤلاء ليُضافوا إلى أكثر من 680 ألف لاجئ موجودين في هذا البلد شبه الصحراوي في وسط إفريقيا، 60 في المئة منهم سودانيون.
وأعربت الوكالة الأممية بعد ذلك عن أسفها لأنّ احتياجاتها لتمويل مساعداتها لم يغطّها المجتمع الدولي إلا بنسبة 16 في المئة.
وقال رئيس الوزراء التشادي إنّ بلاده تسعى للحصول على دعم ومساعدة تقنية ومالية ضخمة من الدول والمنظمات، وعلى مؤتمر دولي لحشد الأموال لمساعدتها على التعامل مع أزمة هجرة غير مسبوقة.
تدفق اللاجئين
وبالإضافة إلى عشرات الآلاف من اللاجئين من الكاميرون في الغرب ومن جمهورية إفريقيا الوسطى في الجنوب وأكثر من 409 آلاف سوداني موجودين في الشرق، يتدفّق لاجئون جدد منذ بداية الحرب في السودان في 15 أبريل الماضي، ويبلغ طول الحدود بين تشاد والسودان أكثر من 1300 كيلومتر.
وقال رئيس الحكومة إنّ اللاجئين استفادوا من تضامن السكان المضيفين الذين استقبلوهم وتقاسموا معهم مواردهم الضئيلة، لكنّ تشاد تتعرّض بشكل متزايد لأزمات داخلية مرتبطة بندرة مواردها في بلد يعاني من اقتصاد هشّ بالفعل.
وأضاف أمام ممثّلي المجتمع الدولي: "من دون اهتمامكم وتضامنكم وحماسكم الصادق، لن تتمكّن تشاد من تحمّل عبء هذه الأزمة لوحدها".
وتأتي هذه الشكوى بينما تواصلت معاناة ملايين المدنيين في الخرطوم وإقليم دارفور من جرّاء الحرب المحتدمة بين الجيش وبين قوات الدعم السريع؛ حيث فشلت الجهود الدبلوماسية في إيجاد مخرج حتى الآن.
وهزّت طلعات الطيران الحربي ودويّ الأسلحة الرشّاشة المنازل مجدّدًا في الخرطوم؛ حيث ينزوي المدنيون داخل منازلهم خوفًا من القصف.
ووفق الأمم المتحدة، غادر مليون ونصف المليون سوداني العاصمة الخرطوم منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل 2023 بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
مشكلات سياسية واقتصادية
تقول سمر عبد الله، الباحثة في الشأن الإفريقي، إنه مع اشتعال الأزمة السودانية وبلوغها مرحلة الذروة، وصل مائة ألف سوداني إلى تشاد معظمهم من النساء والأطفال من دارفور استطاعوا عبور الحدود إلى شرق تشاد، ما أثار مشاكل سياسية واقتصادية وأمنية جعلت تشاد تستغيث بالمجتمع الدولي لإنقاذها من كل ما لحق بها من أزمات نتيجة تدفق اللاجئين.
وأكدت في تصريح خاص لـ«المرجع»، أن الأزمة المالية التي حدثت في تشاد نتيجة أزمة اللاجئين بها، جعلها تطالب المجتمع الدولي بضخ مساعدات مالية لإنقاذها من عثرتها، فبعد لجوء مائة ألف إليها انضم هؤلاء لـ680 ألف لاجئ موجودين في هذا البلد شبه الصحراوي في وسط إفريقيا، 60 في المئة منهم سودانيون.
وأضافت الباحثة في الشأن الإفريقي، أن اللاجئين يمثلون عبئًا على الاقتصاد التشادي الذي تأثر كثيرًا بالأزمات العالمية والحروب الدائرة، إذ يحتاجون لمعونات للطعام والحاجات الأساسية لهم، ما يلقي بظلاله على التعليم والصحة أيضًا، وهو عبء صعب تحمله لأي دولة في ظل معاناة اقتصادية ضخمة، لذا ناشدت السلطات التشادية المجتمع الدولي بمد يد العون بمساعدات مالية وغذائية لرفع العبء عن كاهلها.
أزمات أمنية
وتابعت الباحثة في الشأن الإفريقي أن الأزمات الأمنية سبب يجعل السلطات في أي دولة تخشى اللاجئين، لما يمثلونه من أزمات خاصة بالإرهاب، إذ يسهل استقطاب اللاجئين لتجنيدهم ضمن صفوف الإرهابيين، نظرًا لما يعانون منه من أزمات اقتصادية تجعلهم يبحثون عن أي فرصة لإمدادهم بالمال.
وأشارت إلى أن الأسر السودانية تواجه خطرًا كبيرًا على مستوى التعليم، إذ يفقد الأطفال القدرة على تلقي التعليم الجيد، ويؤثر هذا بالطبع على أطفال تشاد، خاصة أن اللاجئين يزاحمونهم في فرص التعليم، ومن هنا يأتي دور مفوضية اللاجئين لمساعدة اللاجئين في الدول المختلفة على كل المستويات.





