يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«فاغنر» كلمة السر.. النفط يحول ليبيا لساحة تنافس جديدة بين موسكو وواشنطن

الإثنين 18/سبتمبر/2023 - 01:51 م
المرجع
أحمد عادل
طباعة
تسعى روسيا، عبر قوات فاغنر. إلى توسيع نفوذها في ليبيا، وذلك بهيمنتها على مواقع إنتاج النفط في البلاد، مما يزيد الضغط على الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، في ملف الطاقة.

ملف النفط الليبي

وتعزز روسيا سيطرتها في البلاد، من خلال تعيين سفير لها في العاصمة طرابلس، وسط نية واشنطن إعادة فتح سفارتها في ليبيا بعد سنوات من الإغلاق بسبب خطر التنظيمات الإرهابية، المنتشرة منذ 2011.

وقالت وكالة  بلومبرج وفق تقريرها إن موسكو تسعى لمحاصرة إنتاج النفط قرب أوروبا حيث تعول دول مثل إيطاليا وفرنسا على الطاقة في ليبيا لمواجهة النقص الناتج عن تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.

ومثل قرار روسيا إعادة ترسيخ وجودها الدبلوماسي في العاصمة طرابلس وعدم التعويل فقط على دعم المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي محاولة من الرئيس بوتين للعب أدوار مهمة ومؤثرة في مواجهة النفوذ الغربي.

ضغوط واشنطن

وقالت بلومبرج، إنه أمام الخطوات التي تقوم بها روسيا في ملف النفط أرسلت الولايات المتحدة عددًا كبيرًا من كبار المسؤولين لمواجهة التقدم الذي أحرزته موسكو لدى أحد أعضاء أوبك الذي تتودد إليه الحكومات الأوروبية كبديل محتمل للطاقة الروسية".

واعتبرت الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على المتنافسين -في غرب وشرق ليبيا بما فيها زيارة رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز قبل أشهر إلى ليبيا والدعوة لضرورة التوصل إلى تفاهمات سياسية- جزءًا من الصراع الروسي الأمريكي على الساحة الليبية.

ساحة للتنافس الدولي

قال عبد الغني دياب، الباحث في الشأن الليبي ومدير وحدة الدراسات بمركز العرب للأبحاث، إن الأراضي الليبية تحولت بفعل التعقيدات الأمنية وطول أمد الأزمة لساحة  تنافس دولي، إذ تسعى عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة لتأمين مصالحها هناك، وفي سبيل ذلك لجأ البعض لاستخدام الشركات الأمنية الخاصة، أو حتى السماح بوجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب في عدد كبير من المناطق الليبية.

وأضاف دياب في تصريح خاص لـ«المرجع»، أن من بين القوات التي تلعب دورًا جوهريًّا في المعادلة الليبية هي مجموعة فاغنر الروسية الخاصة، المقربة من الاستخبارات الروسية، والتي يمكننا القول إنها تحولت لأداة في يد موسكو لتنفيذ سياساتها في ليبيا، والتي تندرج ضمن الأهداف الروسية في شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء.

وأشار إلى أن  المجموعة الروسية شبه العسكرية تمثل رأس حربة للكرملين في رقعة شطرنج أفريقية شاسعة وخطيرة في نفس الوقت إذ أنها تنتشر حاليًا في جنوب ووسط ليبيا، وهي مناطق قريبة من مسارح عمليات أخرى تعمل فيها فاغنر، لاسيما في مالي وأفريقيا الوسطى، وحاليًا أصبح لها دور في الأزمة السودانية، إذ تنحاز مجموعة فاغنر لأحد طرفي الصراع السوداني.

ووفقًا للباحث فإن مجموعة فاغنر بجانب العمل على حماية المصالح الروسية، فإنها أيضا تهدد النفوذ الأوروبي في  هذه المناطق، خصوصًا  الوجود الفرنسي على المستوى الأفريقي، والوجود الإيطالي والأمريكي في ليبيا، حيث تنتشر المجموعات الروسية سيئة السمعة بالقرب من مشروعات روسية عملاقة في أفريقيا، أو قرب شخصيات وحكومات بارزة تتمتع بعلاقات جيدة مع موسكو.

وأكد الباحث المتخصص في الشأن الليبي أن المجموعة التي يتزعمها الأوليغارشي يفغيني بريغوجين، المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، لا تقتصر على الدور العسكري والأمني بل تتجاوز ذلك؛ إذ تقوم بعمليات استخباراتية، وجمع معلومات وكذلك تقدم خدمات التدريب والحراسة وغيرها من المهام الأمنية واللوجيستية، وجميعها في النهاية يُخدم على المصالح الروسية بالمنطقة.

عدم الاستقرار هو السبب

وأشار إلى الدور المتصاعد لفاغنر في ليبيا والذي جعلها محط أنظار الدبلوماسيين الغربيين وكبار المسؤولين الأمنيين، إذ كانت أنشطتها على طاولة النقاش الذي دار بين مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، وقائد الجيش الليبي خليفة حفتر، كما أنها كانت ضمن اتفاقات حفتر أيضًا ومدير الاستخبارات الأمريكية وليامز بيرنز الذي زار ليبيا منتصف يناير 2023.

 وأوضح أن حرص المسؤولين الأجانب على فتح نقاش حول وجود مجموعة فاغنر مع بعض الأطراف الليبية الفاعلة في المشهد يدلل على التأثير المتزايد لهذه المجموعة في الساحة الليبية، وخصوصا أن هناك مطالبات متزايدة بخروجها من المشهد، مشيرًا إلى أن ليبيا لن تشهد استقرارًا دائمًا طالما وجدت مجموعات مسلحة في الداخل تدين بالتبعية لأطراف خارجية، وهنا يجب ألَّا يقتصر الحديث على فاغنر، لكن نفس الخطورة تمثلها المجموعات المقربة من تركيا، وكذا المجموعات القريبة من الحكومات الغربية والتي تعمل تحت غطاء شركات الأمن الدولية الخاصة، أو كمرتزقة جلبوا من الجنوب الإفريقي.
"