ساحة للتناحر والصراع البارد.. الصومال يشهد مواجهة روسية أمريكية صامتة
الأحد 17/سبتمبر/2023 - 05:32 م

أحمد عادل
تعد منطقة القرن الإفريقي من أكثر المناطق الحيوية والاستراتيجية في العالم، نظرًا لوجود العديد من الموارد الطبيعية التي تنعم بها المنطقة، والتي تتنافس عليها روسي والولايات المتحدة الأمريكية.
ساحة للصراع والعسكرة
ولم يكن صراع أمريكا وروسيا وليد اللحظة، فقديمًا وتحديدًا مع حقبة الحرب الباردة، في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كانت منطقة القرن الإفريقي ساحة للصراع والتنافس بين قوتين كبيرين، هما المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، والمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي من جهة ثانية.
وخلال الوقت الحالي ازداد الصراع في المنطقة، بين موسكو وواشنطن؛ حيث برزت ظاهرة العسكرة، التي تطورت إلى أشكال مختلفة من التدخل المباشر، أو التعاون العسكري وتأسيس القواعد العسكرية، أو مبيعات الأسلحة مع دول المنطقة، علاوة على ذرائع مكافحة الإرهاب والقرصنة وغيرها من أشكال الجريمة المنظمة.
ونتيجة للتدخلات العسكرية الروسية والأمريكية في أمن المنطقة- الهش أساسًا- زاد نشاط الحركات الإرهابية المنتشرة في تلك المنطقة، فالوجود العسكري الروسي والأمريكي ليس له تأثير قوى على الحرب على الإرهاب، ولا دور أمني واضح في توجيه ضربات للعناصر المسلحة المنتشرة في الصومال، بالإضافة إلى عدم حل النزاعات الحدودية المنتشرة بين الصومال وإثيوبيا وإريتريا.
تناحر شديد
وخلال السنوات القليلة الماضية، شهدت منطقة القرن الإفريقي تناحرًا شديدًا بين الدول الكبرى في العالم، وتحولها إلى منطقة ذات موقع جيوستراتيجي، وذلك بعد أن أصبحت منطقة حوض البحر الأحمر منطقة لصراع النفوذ بين الدول الكبرى مع بعضها بعضًا، وكذلك الدول الإقليمية المختلفة، وبذلك ازدادت الأهمية الجيوستراتيجية لهذه المنطقة.
وفي السياق ذاته، وتحديدًا بعد إعلان فوز الرئيس الصومالي الحالي حسن شيخ محمود، في مايو 2022، أصدرت الإدارة الأمريكية تحت قيادة جو بايدن، إعادة الوجود العسكري لواشنطن في الصومال، بعد أن قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من البلاد.
وتتنافس روسيا مع كل من الصين والقوى الغربية لبسط نفوذها في منطقة القرن الإفريقي، لتعزيز مصالحها العسكرية والاقتصادية، وتستخدم روسيا ثلاث وسائل دفع رئيسية: مبيعات الأسلحة، والمساعدة العسكرية، وعقود الطاقة.
أهمية الصومال
من جانبه، قال إسلام فكري نجم الدين، الباحث في الشأن الإفريقي، إن الاهتمام الأمريكي الروسي بمنطقة الصومال نابع مما تمثله منطقة القرن الإفريقي من أهمية استراتيجية إذ إنها تمثل عنق الزجاجة بالنسبة للتجارة الدولية بين أوروبا وإفريقيا وآسيا، وتمثل الصومال تحديدًا نقطة اهتمام، نظرًا لسابق طبيعة العلاقات الصومالية الأمريكية والصومالية السوفيتية في عصر الحرب الباردة، والتي شهدت تبادل حصول القطبين الكبيرين على قواعد عسكرية هناك.
وأكد إسلام في تصريح خاص لـ«المرجع»، أن الصومال بالنسبة للولايات المتحدة تمثل تهديدًا لحلفائها الإثيوبيين والكينيين؛ نظرًا للنشاط الواسع لحركة الشباب الإرهابية وتنظيمي القاعدة وداعش، والمخاوف من عودة حركة القرصنة الموسعة التي تحضر الأساطيل الأمريكية والأوروبية والصينية في تلك المنطقة لمنعها، وكما أن هناك نشاطًا مكثفًا لطائرات الدورون الأمريكية لضرب تلك التنظيمات المتطرفة.
وأضاف الباحث في الشأن الإفريقي، أنه في نفس الوقت ترى روسيا أن هناك فرصة لدخول الصومال في ظل عدم ممانعة من إثيوبيا التي تتحكم في بيع أسلحة للحكومة الصومالية، واحتمالية إدخال شركة فاغنر الروسية للمساعدة ضد التنظيمات، وهو ما يمثل خطرًا استراتيجيًّا على النفوذ الأمريكي.