يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

بعد فشله في الحسم دون إعادة.. أردوغان ينتظر «رصاصة الرحمة» السياسية في انتخابات الرئاسة

الإثنين 22/مايو/2023 - 11:31 م
اردوغان
اردوغان
محمود البتاكوشي
طباعة
يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقفًا صعبًا لم يعتده على مدار العشرين عامًا الماضية، إذ لم يتمكن من الحصول على ثقة أكثر من 50% من الأتراك وحصل على 49.51% من إجمالي عدد الناخبين ليؤجل الحسم إلى جولة الإعادة المقرر عقدها يوم 28 مايو 2023، أمام منافسه كمال كليجدار أوغلو، وذلك بحسب بيان اللجنة العليا للانتخابات في تركيا.

سبب الفشل

وأثر سوء الأوضاع الاقتصادية وزيادة معدل التضخم وارتفاع معدلات البطالة، تأثيرًا كبيرًا على شعبية الرئيس التركي ونتج عن ذلك فشله في حسم الانتخابات الرئاسية للمرة الأولى في تاريخه السياسي، إذ تمكن على مدار العشرين عامًا الماضية من حسم الفوز من الجولة الأولى، وهو ما عزاه خبراء ومحللون إلى تدخل أردوغان في السياسات الاقتصادية وخفضه المتكرر لسعر الفائدة الرئيسي منذ سبتمبر 2021، وتدخله لفرض مزيد من السيطرة عبر استبدال محافظ البنك المركزي ووزير المالية في عام 2021، وانتقاده أسعار الفائدة المرتفعة باعتبارها مخالفة للتعاليم الإسلامية، وتُفاقم الفجوة بين الأغنياء والفقراء، ما أدى في نهاية المطاف إلى انهيار العملة وزيادة معدلات الفقر.

الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي اتخذها الرئيس التركي، وسعيه إلى جذب مزيد من الاستثمارات وتعزيز التجارة مع دول الخليج العربي، وغيرها من الإجراءات لدعم الاقتصاد كانت بمثابة طوق نجاة بالنسبة له إذ رفعت من شعبيته بعد أن كان متأخرًا في استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات الرئاسية مباشرة، ولعل أبرزها العمل على رفع الحد الأدنى للأجور.

منافسة ضارية

ولا شك في أن جولة الإعادة ستشهد منافسة ضارية بين أردوغان وكمال كليجدار أوغلو، لا سيما أنه لأول مرة تقوم المعارضة مجتمعة من خلال اتحاد 6 أحزاب رئيسية معًا، بخوض الانتخابات ضد أردوغان، إذ لم يسبق أن توحدت الأحزاب هكذا قبل ذلك، كما استغلت المعارضة الأخطاء التي وقع فيها الرئيس التركي منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016 وقيامه بتعديل نظام الحكم إلى «رئاسي» بدلا من «البرلماني»، والذي كان متبعًا قبل ذلك، كما لعبت المعارضة على التداعيات والآثار الكارثية التي خلفها زلزال 6 فبراير 2023، الذي وصل عدد القتلى فيه إلى أكثر من 48 ألف شخص، وخلف فاتورة اقتصادية بخسائر قدرت بـ 104 مليارات دولار، وتركت تأثيرها الواضح في الأوضاع المعيشية والحياة اليومية للملايين في مناطق الجنوب التركي الأكثر تضررًا، والتي تمثل 15% من إجمالي عدد السكان، وتستضيف آلاف اللاجئين من سوريا.

كل هذه التداعيات أثرت في الدعم التصويتي لتحالف أردوغان، لا سيما بعد الاتهامات التي كالتها المعارضة للنظام التركي حيث روجت إلى تورط الحكومة في تفاقم تداعيات الزلزال نتيجة إعطاء المسؤولين الحكوميين والمقاولين الأولوية للمنافع الاقتصادية على حساب الالتزام بقوانين البناء.

خريطة متغيرة

شهدت خريطة الناخبين في الانتخابات الحالية تغير ديمجرافي، عبر إضافة نحو 4 ملايين و904 آلاف، بنسبة 7.65% من إجمالي الناخبين، النسبة الأكبر منهم صوتت لصالح كمال كليجدار أوغلو، إذ أن الشباب تواق إلى التغيير والتأكيد على ممارسة وتعزيز الديمقراطية وتداول السلطة فكانت أصواتها لصالح المعارضة.

وبالرغم من كل ذلك، فأن أردوغان قادر على تجاوز هذا الاختبار الصعب بفضل حنكته السياسية التي اكتسبها على مدار العشرين عامًا الماضية، ولا سيما بعد نجاحه في تفعيل قانون حقوق المُجنسين الذي يمنح حاملي الجنسية التركية الحق في التصويت بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ما يجعل أصواتهم مضمونة له لإفشال مخطط المعارضة التي تنادي بضرورة طردهم من البلاد وإعادتهم إلى بلادهم، لذا ربما يفوز الرئيس التركي بالانتخابات في نهاية المطاف.
"