صراع الأدغال الأفريقية.. حقيقة تورط فاجنر الروسية في محاولة إسقاط النظام التشادي
الإثنين 27/مارس/2023 - 09:01 م

محمود البتاكوشي
أصبحت تشاد مسرحًا للصراع بين روسيا والدول الغربية، حيث يحاول كل معسكر السيطرة على ثرواتها من خلال دعم الفصائل المتناحرة هناك، فالغرب يدعم النظام الحاكم، بقيادة ديبي الابن الذي يقود المرحلة الانتقالية خلفًا لوالده عقب اغتيال الأخير في أبريل 2021، بينما تساند موسكو عبر ذراعها العسكرية فاجنر المتمردين هناك.
ذروة الصراع
الصراع الروسي الغربي وصل إلى ذروته بحسب صحيفة وول ستريت، التي أكدت أن المخابرات الأمريكية، توصلت إلى معلومات حول تعاون فاجنر مع متمردي تشاد لتنفيذ خطة لاغتيال محمد إدريس ديبي، رئيس تشاد الانتقالي والاستيلاء على السلطة، حيث قدم يفغيني بريغوجين، رئيس الشركة الروسية العسكرية، دعمًا ماليًّا ومعلوماتيًّا لتنفيذ عملية الاغتيال، على غرار تلك الهجمات التي شنتها هذه الحركات عام 2021 ونتج عنها مقتل الرئيس التشادي السابق، إدريس ديبي، لوضع نهاية لنظام ديبي الذي يحكم البلاد، منذ ديسمبر 1990.
المعلومات الأمريكية بالغة الخطورة حول مخططات فاجنر لقلب نظام الحكم في تشاد يؤكدها شريف محمد زين وزير خارجية تشاد، السابق، قائلًا: «هناك مرتزقة روسيا في ليبيا، وهم موجودون أيضًا في جمهورية أفريقيا الوسطى، وإن المتمردين، الذين قتلوا الرئيس السابق إدريس ديبي إتنو في إبريل 2021، تلقوا تدريبات على أيدي عناصر الشركة الروسية»، كما قال محمد السليك حلاتة، وزير التخطيط العمراني إن بلاده محاطة بالمرتزقة الروس الذين يريدون اللعب على النفوذ الذي تسعى إليه روسيا في أفريقيا»، كما أعلن عبدالرحمن كلام الله، المتحدث باسم الحكومة التشادية، في وقت سابق رصد اتصالات بين تيمان إرديمي، زعيم حركة اتحاد قوى المقاومة المتمردة، لطلب دعم شركة فاجنر الروسية العسكرية ضد نظام محمد إدريس ديبي، غير أن مثل هذه التفاهمات قد انهارت بعد التوافقات بين ديبي الابن وتيمان إرديمي في أعقاب الحوار الوطني الشامل، وعودة الأخير إلى تشاد، لذا وجدت الشركة الروسية ضالتها في التحالف مع حركات مسلحة أخرى وأبرزها حركة الوفاق من أجل التغيير، بقيادة محمد مهدي، خاصة أنها قاطعت جلسات الحوار الوطني الشامل، فضلًا عن كون الحركة مسؤولة عن هجوم 2021، والذي أسفر عن مقتل الرئيس السابق، إدريس ديبي، ما يؤكد تحوّل تشاد لنقطة جديدة للصراع الروسي الغربي، ويعكس خطورة التهديد الروسي على المصالح الغربية.
روسيا تستفيد
في هذا السياق أكد الباحث في الشؤون الروسية، الدكتور باسل الحاج جاسم، أن فاجنر تحاول الاستفادة من حالة السخط المتزايدة في الداخل التشادي ضد المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في البلاد، بقيادة محمد إدريس ديبي، لاسيما بعد استخدام القوات الحكومية للعنف ضد احتجاجات المعارضة، التي ترفض تمديد الفترة الانتقالية لمدة عامين إضافيين، ونتج عنها مقتل نحو 128 شخصًا، واعتقال 943 آخرين.
وأضاف أن المعارضة التشادية، اتجهت للتعاون مع الشركة الروسية ردًا على دعم الدول الغربية لنظام ديبي الابن، وظهر ذلك في مذكرات الاعتراض التي تقدم بها جناح الشباب بحزب الاتحاد الوطني للتنمية والتجديد إلى سفارات عدد من الدول الغربية، أبرزها الولايات المتحدة وألمانيا، مطالبين خلالها بضرورة إنهاء الدعم غير الشرعي للسلطات الانتقالية في أنجمينا.
أكد باسل الحاج أن المعلومات الاستخباراتية الأمريكية المقدمة للسلطات التشادية حول تحركات فاجنر تعكس رغبة واشنطن في منع تمدد الشركة الروسية في أفريقيا لحماية المصالح الغربية، وأكبر دليل على ذلك زيارة وليام بيريز، مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية، إلى ليبيا، مطلع يناير 2023، والتي استهدفت محاولة دفع الأطراف الليبية المختلفة للابتعاد عن ذراع روسيا العسكري، وتضييق الخناق عليها وحرمانها من أي مصادر للتمويل، كما تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بطلب إلى فاوستين أرشانج تواديرا، رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى، بإنهاء تحالفه مع فاجنر، مقابل تقديم التدريب لجيشه، وإعطائه المزيد من المساعدات الإنسانية.
بؤرة الاغتيالات
يذكر أن رئيس المجلس العسكري الحاكم في البلاد، كان قد أطلق عملية عسكرية شمال البلاد مما يعكس قلقه من تنامي قوة المجموعات المسلحة في هذه المنطقة، خاصةً في ظل ارتباطات بعضها بمجموعة فاجنر الروسية.
كما أعلنت جبهة التغيير والوفاق أن شمال تشاد أضحت تمثل بؤرة للاغتيالات خلف الأبواب المغلقة، متهمةً المجلس العسكري الحاكم بتدبير هذه الأحداث لخدمة أهدافه السياسية، بالإضافة إلى غضب قوى المعارضة التشادية من السلطات الحاكمة بعدما قضت محكمة في نجامينا، في 7 يونيو 2022، بسجن 6 من زعماء المعارضة تم اعتقالهم منتصف مايو الماضي.