مواجهة تمدد داعش والقاعدة في إفريقيا.. هل بات تضافر الجهود الدولية أمرًا حتميًّا؟

مستفيدة من الصراعات العرقية، ووجود الجماعات الانفصالية، تمدَّدت التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها «داعش» و«القاعدة» داخل القارة السمراء، حيث باتت مركز ثقل جديد لصمود الجماعات، الأمر الذي يشير إلى أن مواجهة تمدد تلك التنظيمات في إفريقيا أصبح حتميًّا على المجتمع الدولي، ممثلًا في مؤسساته التى يجب أن تعير القارة المزيد من الاهتمام في هذا المجال لمواجهة خطر تلك الجماعات وتمددها.
تمدد وانتشار
يتواجد على أرض قارة إفريقيا 64 تنظيمًا وجماعة إرهابية ناشطة، تختلف انتماءاتها، إلا أنها تتفق في اتخاذ العنف وسيلة لتحقيق أهدافها، وعلى رأسهم تنظيم القاعدة، جماعة بوكو حرام، حركة شباب المجاهدين الصومالية، تنظيم داعش.
النيجر والكونغو الديمقراطية ومرورًا بمالي وتشاد وبوركينا فاسو ونيجيريا والصومال، دول تمدد الإرهاب فيها بكثافة عن طريق زيادة وتيرة العمليات، التي أدمت أوصال تلك البلدان، وتركز النشاط الإرهابي بشكل أساسي في حوض بحيرة تشاد الذي يضم أجزاءً من الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا ومنطقة الساحل الوسطى على طول حدود بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
أسباب اعتناق الأفكار الإرهابية
"المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات"، أوضح في دراسة له نشرها عبر موقعه الإلكتروني في فبراير الماضي، أن الغالبية العظمى من دول القارة السمراء، تعاني تردي الأوضاع الاقتصادية؛ الأمر الذي يدفع الكثير من الشباب نحو خيارين؛ لا ثالث لهما، إما الهجرة غير الشرعية، أو الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية، منوهًا إلى أن تدني مستوى التعليم داخل إفريقيا وارتفاع الأمية لأعلى مستوى بين قارات العالم، إضافة إلى الرشوة والمحسوبية ونمطية العيش، أسباب تدفع الشباب نحو اعتناق أفكار الإرهابية ومن ثم الانضمام إلى إحدى الجماعات الإرهابية.
وحصر المركز، خلال دراسته، أسباب ودوافع تمدد الجماعات الإرهابية في إفريقيا، والتي جاء من أبرزها «الأزمات السياسية وعدم استقرار بعض البلدان الإفريقية، وغياب الدولة وضعف دورها في العديد من المناطق، وضعف القبضة الأمنية لبعض الدول الإفريقية على حدودها، ما يعطي حرية الحركة لتلك الجماعات، بجانب التهميش الاقتصادي والاجتماعي والفساد، وتزايد مستويات الفقر.
استغلال ديناميكيات الصراع
فلاديمير فورونكوف، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، أشار في تصريح سابق له إلى أن تنظيم "داعش" والجماعات التابعة له تواصل استغلال ديناميكيات الصراع، وهشاشة الحكم وعدم المساواة؛ للتحريض على الهجمات الإرهابية والتخطيط لها وتنظيمها.
ومن جهته، يقول الخبير الأمريكي ستيفن هيل، الأمين التنفيذي للمعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون، على هامش اجتماع مجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا في إطار التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، إن دول القارة السمراء لديها رؤية واضحة للغاية في الحرب الدولية ضد داعش، وأن هذه الرؤية تستند إلى نهج شامل لمواجهة تحديات الإرهاب.
وسلط «هيل» الضوء على أهمية هذا الاجتماع، الذي تشارك في رئاسته كل من المغرب والولايات المتحدة وإيطاليا والنيجر، في تكثيف الجهود وتعزيز التعاون الدولي للتصدي للإرهاب، خاصة في إفريقيا، قائلًا: «الإرهاب يمثل تهديدًا لا يمكن مكافحته بالوسائل العسكرية وحدها، ولكن يجب وضع رؤية شاملة بشكل واسع لتلبية احتياجات الدول والسكان المتضررين من التهديدات الإرهابية»، لافتًا إلى أن المغرب طرح مختلف هذه العناصر في مناقشاته، مشددًا على ضرورة الاهتمام بالحلول المبتكرة لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف وهذا أمر ضروري.
ليس هذ فحسب، بل حذّرت مجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا، التابعة للتحالف الدولي ضد «داعش» والتي يرأسها بشكل مشترك كل من المغرب والولايات المتحدة وإيطاليا والنيجر، من تأثير انتشار الفاعلين غير الحكوميين، وخاصة المجموعات الانفصالية، على جهود التصدي لـ«داعش» في إفريقيا.
وأكدت المجموعة أن تلك الجماعات الانفصالية تفتح المجال أمام التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسهم «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى للانتشار داخل القارة السمراء، لافتةً إلى ضرورة التصدي لتهديدات داعش المتنامية خاصة بإفريقيا، وذلك من خلال تعزيز قدرات الأعضاء الأفارقة لمواجهة الإرهاب.
تحجيم الإرهاب
يعلّق الباحث في شؤون الحركات الإسلاموية «هشام النجار» بالقول: إن حالة التنظيم الإرهابي في القارة السمراء تختلف كثيرًا عن العراق أو سوريا، نظرًا لتواجد المزيد من الجماعات الانفصالية هناك والصراعات العرقية التي غذت تلك التنظيمات بالوجود هناك.
ويشير الباحث، في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، إلى أن تنظيم "داعش" الإرهابي يخطط لتكرار تجربة تنظيم «القاعدة» الذي بنى أساس تنظيمه العالمي بالتمدد أولًا في الخريطة الآسيوية سواء بدول آسيا الوسطى أو بدول جنوب شرق آسيا امتدادًا للتواجد داخل القارة السمراء، ومن هناك أقام معسكرات تدريب وخطط ودرب وأعد لأخطر عملياته الإرهابية، وفي مقدمتها تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001، إذ يرتكز تنظيم داعش الإرهابي في قارات آسيا وإفريقيا محاولًا بناء خلافة بديلة عن التي فقدها في الشرق الأوسط وبلاد الرافدين.