الأهداف الغربية من هز صورة موسكو أمام العالم

حذرت الولايات المتحدة الأمريكية، رعاياها مجددًا من السفر إلى روسيا، مطالبة الموجودين هناك بالمغادرة فورًا، في أمر يتجدد، بعد نحو خمسة أشهر من آخر نداء لرعاياها بترك موسكو، خشية التعرض لمضايقات أمنية واعتقالات تعسفية من جانب السلطات الروسية.
جهاز الأمن الفيدرالي الأمريكي، أعلن في يناير 2023 أن السلطات الروسية فتحت قضية جنائية ضد مواطن أمريكي للاشتباه في قيامه بالتجسس والتورط في أنشطة استخباراتية لصالح دول غربية.
وحسب وكالة «رويترز»، قالت السفارة الأمريكية في موسكو في بيان لها: «ينبغي على المواطنين الأمريكيين المقيمين في روسيا أو المسافرين إليها مغادرتها على الفور.. عليكم توخي المزيد من الحذر بسبب احتمال وقوع عمليات اعتقال بدون سند قانوني»، وأضافت السفارة: «لا تسافروا إلى روسيا».
ويرى مختصون في العلاقات الدولية، أن واشنطن تلجأ إلى إطلاق تلك التحذيرات لحفظ ماء الوجه أمام النجاحات الروسية في الحرب الأوكرانية والاستحواذات المتتالية على الأراضي، رغم كثرة وتوالي الإمدادات العسكرية والضغوط الاقتصادية التي كلفت اقتصادات عالمية الكثير، في ظل أزمة الطاقة إثر الحظر المفروض على حجم التجارة والنفط والغاز الروسي، لا سيما أن حجم الإنفاق على الحرب في أوكرانيا حسب تقرير أمريكي، بلغ 443 مليار دولار ينصب أغلبه على حجم المساعدات الأمريكية المقدمة لأوكرانيا.
إلقاء كرة النار في الأراضي الروسية
وقال هؤلاء إن واشنطن تحاول إلقاء كرة النار في الأراضي الروسية بضغط جديد، ومحاولة تشويه صور موسكو في الإعلام الغربي بأنها دولة معتدية وكابتة للحريات، خاصةً بعد اعتقال أجهزة الأمن الروسية مواطنين أمريكيين بسبب اتهامات تروج واشنطن أنها «زائفة».
وفند الباحث في الشؤون الروسية، الدكتور باسل الحاج جاسم، الخطوات الأمريكية بإطلاق تحذيرات إلى مواطنيها في روسيا بضرورة المغادرة بأنها خطوة ضمن سلسلة ضغوط غربية على روسيا لإظهارها بموقف سييء في الإعلام ودوائر السياسة العالمية كبلد مضطهد للحريات يتزعمه رئيس يدعم الاضطهاد، وذلك يظهر في العديد من النقاط، أولها أن العلاقات الروسية الأمريكية تسودها الكثير من الأزمات بسبب موقف واشنطن من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ثانى تلك النقاط ، هو تعرض نجمة كرة السلة الأمريكية بريتني جرينير للاحتجاز في روسيا لأكثر من شهر، أما ثالثها فهو وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن، نظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه «جزار» و«مجرم حرب»، رافضًا التراجع عن تلك الأوصاف.
النقطة الرابعة من نقاط الخلاف الروسي الأمريكي، هى أن المتحدث باسم الكرملين الروسي ديمتري بيسكوف، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقت سابق بالمتعب وكثير النسيان، والأمر الخامس أن تحذير واشنطن يندرج تحت مسمى تلميع الصورة الذهنية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية.
تقويض الثقة في موسكو
وأكد الباحث في الشؤون الروسية، أن الغرض من الاستفزاز هو اتهام روسيا باستخدام أسلحة الدمار الشامل في مسرح العمليات الأوكراني، وبالتالي شن حملة قوية ضد روسيا في العالم تهدف إلى تقويض الثقة بموسكو، إلى حد حرمانها من عضوية مجلس الأمن الدولي.
وأكبر دليل على محاولات التشوية المتعمدة -بحسب الباحث- هي الوثائق السرية التي عثرت عليها القوات الخاصة الروسية في جمهورية لوجانسك الشعبية، وتظهر خطط واشنطن وسعيها على مدار السنوات الأخيرة لزعزعة استقرار مناطق دونباس، منذ عام 2014 وتظهر عملًا ممنهجًا كانت تقوده القيادة الأمريكية عن طريق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، حيث تعطي تعليمات مفصلة لإدارة عمل منظم هدفه تشويه سمعة روسيا الاتحادية في أعين السكان المحليين، وكانت في هذا الإطار توزع منشورات بهدف التضليل وتشويه الصورة الحقيقية لما يحدث في أوكرانيا، فضلًا عن التحريض المنهجي والمتعمد لزرع الكراهية بين مختلف الأعراق وتجاه روسيا الاتحادية.
يذكر أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أسستها حكومة الولايات المتحدة في عام 1961 بمبادرة من الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي، بهدف تقديم مساعدات إنسانية طارئة ومساعدة في منع الصراعات في أكثر من 100 دولة حول العالم.