ضريبة العودة.. تحديات الحكومة الفرنسية في مواجهة «الدواعش»
يمثِّل العائدون من التنظيمات الإرهابية قلقًا بالغًا للحكومات التي تخشى من منهج العنف الذي يتبنّاه هؤلاء مخافة نشره، أو تكوين خلايا متطرفة تقوم بعمليات إرهابية، أو تقدم دعمًا معلوماتيًّا وماديًّا الإرهابيين يريدون تنفيذ عمليات، ومخافة تنفيذ هؤلاء عمليات ذات نهج فردي على طريقة «الذئاب المنفردة»؛ ومن ثم ترفض بعض الحكومات عودة مواطنيها الذين انضموا إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، وتتخذ إجراءات مشددة في ذلك، مثل إلغاء الجنسية، وسحب جوازات السفر، وغيرها من الإجراءات التي تحول دون عودة هؤلاء مرة أخرى.
فرنسا تستقبل العائدين
ورغم التشديدات الأمنية التي تفرضها الدول، استقبلت فرنسا عددًا من العائدات من التنظيم واللاتي تراوحت أعمارهن بين 19 و56 عامًا، صدرت بحقِّ سبعة منهن مذكرة اعتقال، وتم احتجاز ثمانية، نهاية يناير الماضي.
وقالت وزارة العدل وإدارة مكافحة الإرهاب في باريس إن 47 شخصًا كانوا في مخيمات بشمال شرقي سوريا عادوا إلى فرنسا، بينهم 15 امرأة، و32 قاصرًا.
يشار إلى أن عددًا قليلًا من العائدات شاركن في ميادين القتال، ومع هذا بدأت الحكومات في النظر إليهن باعتبارهن مصدر تهديد محتمل.
وبحسب المركز الدولي لدراسة التطرف العنيف، الذي يجري أبحاثًا ميدانية حول المنشقين والعائدين من صفوف «داعش»، فهناك حالات جرى إجبار النساء خلالها على الانضمام إلى "داعش"، لكن هناك أخريات اعتنقن الفكر الراديكالي، واضطلع بعضهن بأدوار مهمة؛ ولهذا فإن مراقبة العائدات وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديهن ضروة ملحة.
تحت مجهر الأجهزة الأمنية
يقول بون ولد باهي، الباحث والأكاديمي الموريتاني في العلوم السياسية، إن هناك تجارب عديدة وحالات لعائدات من تنظيم داعش وقبله القاعدة، وهذا الأمر ليس بالجديد، ولعل المثال الأبرز، هو التجربة التونسية والليبية بعد التضييق على التنظيمين في العراق وسوريا وفرار أفراده إلى شمال إفريقيا.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«المرجع»، أن هناك مواقف دولية نددت بالطريقة التي تمَّ بها التعامل مع عائلات العائدات من الجماعات المتطرفة وقتذاك؛ لأن وضعهم تحت مجهر الأجهزة الأمنية واحتجازهم كان مبررًا بهاجس الخطر والأمن، وكان يتعارض مع قيم الإنسانية وحقوق الإنسان التي من أهمها توفير ضمانات عادلة لمحاكمة للمتورطين أو المشتبه فيهم.
وأوضح الباحث السياسي الموريتاني، أنه لا ينبغي النظر إلى قضية العائدات من الزاوية الأمنية فقط يجب النظر إليها من الزاوية الإنسانية والتنموية والاقتصادية، فلم يكن خيار داعش أو القاعدة هو الأفضل بل لعله كان من بين أسوأ الخيارات لهن، وهناك دول فعلًا شهدت أعمالًا إرهابية تنسب لعائدين، لكن السؤال هل هذه الدول قامت بما يلزم على مستوى المراجعة الفكرية والتأهيل والعلاج؟
مواجهة الإرهاب بالقضاء على أسبابه
وأردف يقول: إنه على الدول مواجهة الإرهاب بالقضاء على أسبابه، فالمسألة تتعلق بإنسان انحرف عن جادة الصواب، وقد يكون قد خضع لمراجعة فكرية، وعلى كل حال يجب أن يخضعن لبرامج تأهيل وتكوين لأنهن سيواجهن صعوبات دمجهن في المجتمع ومشاكل اقتصادية ومشاكل الإقامة.
إعادة التأهيل والدمج
وعن إعادة التأهيل والدمج، قال أحمد كامل البحيري، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن بعض الدول الغرب لديها منهج لتأهيل العائدين لها من داعش سواء كانوا نساء أو أطفالًا، مضيفًا أن فرنسا وإنجلترا وألمانيا وأستراليا وبلجيكا، استعادوا عددًا من الأطفال خلال فبراير 2023، وأرسلوا وفودًا أمنية لاختيار العناصر التي ستعود إليهم بشروط مجحفة، خاصة أن هناك 19 ألف طفل بمخيمات داعش، أغلبهم من آباء أوروبيين، وهناك نساء انضممن إلى داعش في سن 15 عامًا، موضحًا أن إعادة التأهيل أصبحت ضرورة خاصة للأطفال والنساء؛ لأنه لا يمكن معاقبة الصغار.





