هل يخدم التقارب «التركي ــ السوري» مصالح «داعش» في سوريا؟

بات حدوث تقارب "تركي ــ سوري" وشيك للغاية، خاصة في أعقاب كارثة زلزال فبراير في كل من سوريا وتركيا، الأمر الذي قد يصب في مصلحة تنظيم "داعش " بسوريا، وينعكس بالسلب على الأكراد، وخاصة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في شمال وشرق سوريا، إذ إن هذا التقارب سيُقلل نفوذ الكرد في مناطقهم أمام النفوذ التركي، ووربما يخدم هذا الوضع "داعش".
وعلى ما يبدو فإن "داعش" درس الموقف، وسارع لاغتنام الفرصة، فشن هجمات دامية بشكل متكرر على قوات سوريا الديمقراطية، في مناطق نفوذهم شمال شرق سوريا، حيث إن تلك المنطقة غنية بالبترول ومصادر الطاقة.
وطوال يناير الماضي، تصاعدت هجمات "داعش" في تلك المنطقة، خاصة حول مكامن النفط والغاز شمال شرقي سوريا.
استهداف مصادر الطاقة
شهدت نهاية العام الماضي، مقتل ما يقارب من 12 من عمال حقل نفطي شرق سوريا، كان تحت سيطرة الحكومة السورية، جراء هجوم مباغت شنة تنظيم "داعش"، في صباح 30 ديسمبر.
ومع بداية العام الجاري، سُجلت ثماني عمليات هجومية نفذها خلايا تنظيم "داعش" على امتداد مساحة جغرافية واسعة في شمال شوق سوريا مليئة بالخيرات ومصادر الطاقة، بحسب ما أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان.
لم يقف الأمر عند تلك الهجمات، بل تطورت على قواعد أمريكية في حقل "العمر" النفطي، وقبل ذلك الهجوم، تم استهداف قاعدة أمريكية في حقل "كونيكو"، في ريف دير الزور الشمالي الشرقي، إلا أنه لم يُسفر عن إصابات أو أضرار مادية، بحسب بيان للقيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم".
وفي وقت سابق، قال وزير النفط السوري بسام طعمة، في تصريحات للتلفزيون السوري الرسمي، إن إحدى الحافلات تعرضت لقذيفة صاروخية، مشيرًا إلى إصابة أربعة عمال بجروح، وأكد أن من نفذوا الاعتداء الإرهابي استغلوا سوء الأحوال الجوية وحالة الضباب المنتشر في المنطقة صباحًا.
مصادر الطاقة ليست وحدها هدفًا
في تقرير نُشر مؤخرًا لصحيفة "اندبندنت" البريطانية، فإن عمليات السيطرة على مصادر النفط والطاقة ليست هدفًا لداعش فقط، وعلى الرغم من أنه تم القضاء على التنظيم على الأرض عام 2019، لكنه يحاول استعادة السيطرة على بعض موارد النفط والطاقة.
وفي المقابل، تريد كل من دمشق وأنقرة وموسكو أيضًا السيطرة على مصادر الطاقة، من خلال هزيمة "قسد" وإحلالها، ما يعني أن هذا الهدف "مشترك" لجميع هذه الأطراف، ولذلك يرجح مراقبون أن يخدم التقارب التركي السوري، مصالح "داعش" في المنطقة، بسبب الضغوط السياسية التي تتعرض لها قوات سوريا الديمقراطية.
وهو ما أكده المحلل السياسي السوري، عبد الحميد عمران، إذ قال إن التنظيم سيحاول حاليًّا استرجاع جميع مصادر الطاقة التي فقدها عام 2019، في شمال شرق سوريا أثناء حربه مع قسد، مستغلًا في ذلك ضعف قوات سوريا الديمقراطية بسبب تضييق الخناق عليها من قبل الأتراك وسوريا.
وأوضح في تصريح خاص لـ"المرجع"، أن "داعش" يريد تأسيس ولاية قوية له من جديد ويرغب في تعويض خسارته عن طريق الاستحواذ على البترول في شمال شرق سوريا، كما أنه يريد إيصال رسالة للعالم أنه مازال موجودًا ولديه قدرة على القتال، ويتملك حاضنة اجتماعية في مناطق شرق سوريا.
العناصر البشرية
يقول الناشط السياسي السوري، توفيق الحسيني: إن "داعش" يعلم جيدًا بالأزمات الواقعة بين الولايات المتحدة الأمريكية التي تدعم "قسد"، وروسيا التي تدعم وبقوة التقارب التركي السوري، لأنها تريد تقليص الدور الأمريكي في سوريا.
وتابع في تصريح لـ"المرجع" أنه في حال التقارب بين تركيا وسوريا بدعم روسي، ستتعرض أمريكا لضغط سياسي وعسكري كبير؛ لأنها في هذه الحالة ستواجه ثلاث جبهات هي روسيا وتركيا وسوريا، ومن الطبيعي تراجع دعمها المالي واللوجستي لـ"قسد"، وهذا الأمر بدوره سيؤثر على قوة "قسد"، وبالتالي ستكون فريسة سهلة بالنسبة للدواعش.
وأوضح أن "داعش" على الرغم من أطماعه في مصادر الطاقة إلا أنه يريد عناصر بشرية يؤسس بها ولاية جديدة له في سوريا، وتلك القوة موجودة في مخيم الهول والسجون التي تتولى قسد حمايتها، لذلك من المحتمل أن يكثف "داعش" من هجماته على الهول والسجون لتحرير عناصره.