أزمة الحجاب.. أيقونة الاحتجاج في إيران
الثلاثاء 13/ديسمبر/2022 - 04:37 م
اسلام محمد
تعد أزمة الحجاب في إيران عنوانا للاحتجاجات الشعبية ضد النظام التي اندلعت عقب مقتل الفتاة الكردية جينا الشهيرة بمهسا أميني، غداة تعرضها إلى الاعتقال والتعذيب بسبب ارتدائها حجابا غير كامل.
وشكلت مهسا أميني رمزًا للثورة على النظام وجبروته؛ لأنها قُتلت بلا مبرر قانوني أو حتى ديني، حتى إن النظام تبرأ من قتلها، ونفى ذلك على لسان أكبر قادته مرارًا، وذلك لافتقاده أي مبرر مقنع لهذه الفعلة، لذا كان النظام فاقدًا للقدرة على إقناع المواطنين بروايته.
ومع تشدد النظام لفترة طويلة في هذا الأمر ورفضه التراجع عن اعتماد مبدأ التعذيب والاعتقال لمن لا يرتدين الحجاب بشكل صحيح فإنه قرر التراجع مؤخرًا، وأعلن النائب العام الإيراني، محمد جعفر منتظري، أن البرلمان الإيراني والقضاء يراجعان قانون الحجاب الإجباري في البلاد.
وقال منتظري: "نحن نعلم أنكم تشعرون بالعذاب عندما ترون نساءً دون حجاب في المدن، هل تعتقدون أن المسؤولين صامتون تجاه ذلك؟ كشخص في مجال هذه القضية، أقول إن الاثنين البرلمان والقضاء يعملان، على سبيل المثال.. كان لدينا اجتماع مع المفوضية الثقافية في البرلمان، وسوف ترون النتائج في غضون أسبوع أو اثنين"، وفقًا لما أوردته وكالة أنباء الطلبة التابعة للنظام.
لكن لم يكن هناك دليل حول ما إذا كانت ستكون هناك تغييرات قادمة على القانون بالفعل.
وقد أصبح الحجاب إلزاميا في إيران بعد 4 سنوات من سقوط النظام الشاه الموالي للولايات المتحدة، وإقامة الجمهورية الدينية، وفي عام ٢٠٠٦ تشكلت دوريات شرطة الإرشاد، وهي تتكون عادة من رجال بزي أخضر، ونساء يرتدين الحجاب الأسود، وتتكون الدوريات من عربة نقل مجهزة بطاقم من الذكور الذين يراقبون الناس في الأماكن العامة المزدحمة كمراكز التسوق والساحات ومحطات المترو، وتتولى اعتقال كل مَن تخالف شروط الحجاب.
وعند رصد مخالفات يتمّ نقل المقبوض عليهم إلى مركز للشرطة أو ما شابه وتلقى عليها محاضرة حول كيفية ارتداء الملابس، ثم يُطلق سراحها بعد حضور أحد أفراد العائلة.
ولا يعترض الكثير من الإيرانيين على موضوع الحجاب بحد ذاته بل على طريقة تعامل السلطات مع النساء بطريقة تفتقر لأي قواعد معروفة ومتفق عليها، فمثلًا تتعرض المحتجات للتحرش الجنسي من جانب عناصر النظام، ومؤخرًا هدمت السلطات منزل عائلة المتسلقة الرياضية الإيرانية إلناز ركابي، بعد أن صعدت إلى الصدارة العالمية لاشتراكها في المسابقة وهي مكشوفة الرأس بدون ارتداء الحجاب.
وتنافست ركابي دون حجابها في كوريا الجنوبية في أكتوبر عندما اجتاحت الاحتجاجات بعد وفاة مهسا أميني، ورأى بعض الإيرانيين في ركابي رمزا للانتفاضة الوطنية المطالبة بمزيد من الحريات للمرأة.
وانتشر فيديو داود لشقيق ركابي وهو يبكي بعد هدم منزل أسرته، وهو نفسه بطل في رياضة التسلق فاز بعشر ميداليات ذهبية سابقًا.
وازداد قلق النظام من ركابي بعد انتشار مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر استقبالها من قبل الحشود وهم يهتفون باسمها في مطار الإمام الخميني الدولي في طهران.
وتم ممارسة ضغوط عليها فخرجت تعتذر وتقول إنها دخلت المنافسة بالخطأ دون حجابها، وهي تصريحات يظهر أنها صدرت بالإكراه.
ومع محاولة النظام اعتبار الاحتجاجات بأنها تظاهرات للمتبرجات ضد الحجاب فقط، لجأ المتظاهرون إلى تنظيم مظاهرات نسائية للمحجبات للرد عمليًّا على النظام.
وقد حاول الرئيس إبراهيم رئيسي تهدئة الاحتجاجات الغاضبة عبر التلميح إلى عدم التشدد مع من يخلعن الحجاب، لكن الاحتجاجات لم تتأثر بشكل جوهري بتصريحات قادة النظام، لأن الأمر ليس مجرد قانون للزي بل رفض لمبدأ استمرار حكم الملالي.
وظل المتظاهرون يطالبون برحيل المرشد، وإنهاء حكم الملالي، وطرح الإيرانيون مطالبهم بوضوح في هتافات “الموت لخامنئي” و “ليسقط مبدأ ولاية الفقيه” ولا يرضون بأقل من ذلك، وعلى الملالي التسليم بأن قطار الأحداث تجاوز الإجراءات والقرارات التي يتخذونها لمواجهة الانتفاضة.
ورغم تصريحات قادة النظام وإعلان وقف دوريات الشرطة لمتابعة الحجاب فقد أغلق التجار والباعة في عشرات المدن أبواب محالهم بعد انتشار دعوات واسعة للإضراب، كما حظيت دعوات الإضراب بدعم المواطنين الإيرانيين، وتحولت الأحياء إلى مدن أشباح.
وانتشرت الإضرابات في مدن عدة منها العاصمة طهران وشيراز وأصفهان وكرمان، وغيرها من شمال البلاد إلى جنوبها في مسعى لإيصال رسائل الاحتجاج إلى النظام الإيراني.





