كينيا تننشر قوات عسكرية في الكونغو.. دوافع ودلالات
الإثنين 12/ديسمبر/2022 - 08:28 م
محمود البتاكوشي
أثار نشر قوات كينية على أراضي الكونغو الديمقراطية العديد من التسأولات، فهي المرة الأولى التي يتم الاستعانة بقوات من دول الجوار؛ بهدف القضاء على تمرد حركة 23 مارس التي تسيطر على مساحات كبيرة من إقليم كيفو الشمالية، بهدف إيجاد حلول مستدامة في شرق الكونغو تسهم في استعادة السلام والاستقرار المنشود.
ففي 12 نوفمبر 2022، وصلت طائرتان تقل نحو 100 جندي كيني إلى مطار جوما بشرق الكونغو الديمقراطية، وذلك لتنفيذ عمليات هجومية بالتعاون مع القوات الكونغولية، ونزع سلاح المجموعات المسلحة، على أن تمتد مدة إقامة هذه القوات إلى 11 مايو 2023، وقد يتم التمديد لها في حالة عدم استقرار الأوضاف هناك، ومن المقرر زيادتها إلى 900 جندى بعد موافقة البرلمان الكيني بغية تحقيق الأمن في شرق الكونغو.
التدخل الكيني لقى دعم وتأييد فرنسي، إذ أجرى الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مكالمة هاتفية مع نظيره الكيني، وليام روتو، أشاد خلالها بنشر نيروبي مجموعة من قواتها في شرق الكونغو، مؤكداً دعم بلاده للجهود التي تبذلها مجموعة دول شرق أفريقيا لوقف التصعيد الراهن بين كينشاسا وكيجالي.
التدخل العسكري الكيني، له العديد من الدوافع، أولها تحجيم حركة 23 مارس المتمردة بعد نجاحها في تحقيق تقدم ميداني في مقاطعة كيفو الشمالية بشرق الكونغو، وسيطرتها على مساحات شاسعة منها، لعل أخرها بلدتين استراتيجيتين، هما كيوانجا وروتشورو، كما وقعت اشتباكات عنيفة بين القوات الكونغولية وعناصر الحركة في روجاري، على بعد 20 كيلومتراً فقط من جوما، والتي تشكل أكبر مدينة في شرق الكونغو وعاصمة إقليم كيفو الشمالية.
وجاء التدخل الكيني بعد فشل قوات حفظ السلام التابعة للبعثة الأممية في كينشاسا عن وقف هجمات حركة 23 مارس، لذا شهدت جوما احتجاجات خلال الأيام الأخيرة ضد البعثة الأممية، وعمد المحتجون إلى إشعال النار في عدد من المركبات التابعة للأمم المتحدة.
مسارعة كينيا بإرسال قواتها إلى شرق الكونغو، يعكس رغبتها في تأمين مصالحها بكينشاسا الغنية بالمعادن، لأنها تحظى بمصالح استثمارية استراتيجية في جمهورية الكونغو، فضلا عن سعيها لتعزيز نفوذها الإقليمي، فقد نشرت تقارير غربية قيام وفد كيني رفيع المستوى بزيارة سرية إلى رواندا، مطلع نوفمبر 2022، بهدف نقل خبرات مركز كيجالي المالي الدولي، وهو ما ربطته هذه التقارير بالتحركات الراهنة للرئيس الكيني، وليام روتو، التي تستهدف إحياء الجاذبية المالية لنيروبي في الساحة الإقليمية.
تعكس عملية نشر قوات الكينية في الكونغو الديمقراطية، لدعم النظام الحاكم هناك، الخبرات الواسعة التي تمتلكها القوات الكينية، وتجربتها السابقة في تقويض البنية التحتية لحركة الشباب الإرهابية وتعطيل هجماتها في كينيا، مما يعزز من فرص نجاحها في التعامل مع التهديدات الأمنية في شرق الكونغو، على الرغم من قلة عدد القوات الكينية التي تبلغ نحو 900 جندي تقريباً، وذلك بعد فشل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، في تحقيق هذه المهمة، لاسيما بسبب انتشار عناصر المجموعات المتمردة في مناطق واسعة.
ومن المتوقع أن تكون مهمة القوات الكينية الموجود في شرق الكونغو استهداف العناصر المتمردة في شمال كيفو ودعم جهود القوات الأممية، فضلًا عن محاولة كينا لعب دور الوسيط بين الحكومة الكونغولية ومجموعات المتمردين، كما فعلت من قبل والتي أفرزت في اتفاق سلام بين الجانبين، وتحاول نيروبي استئناف جهود الوساطة مرة أخرى، وربما يعزز ذلك التصريحات الصادرة عن حركة 23 مارس المتمردة، والتي أبدت ترحيبها بانخراط نيروبي في جهود دعم الاستقرار في شرق الكونغو.





