المواقع غير المعلنة.. عقبة تجدد خلافات الاتفاق النووي
الأربعاء 31/أغسطس/2022 - 09:55 م
محمد شعت
شهدت الأيام الماضية تصريحات متفائلة من الجانبين الأمريكي والإيراني، بشأن أن فرص إمكانية التوصل لإحياء الاتفاق النووي 2015 أصبحت أكثر من ذي قبل، إلا أن هناك بعض المؤشرات التي تشير إلى أن الخلافات ما زالت قائمة، وأن النقاط الخلافية لم يتم يتجاوزها بعد، رغم تراجع الطرف الإيراني عن مطالب وصفتها واشنطن بالبعيدة عن الاتفاق النووي، والتي كان على رأسها رفع الحرس الثوري من قوائم الإرهاب، إلا أن هنك نقاطًا أخرى ما زال يكتنفها الغموض ما يشير إلى أنها ما زالت عقبة، خاصة في ظل عودة تبادل الاتهامات.
مماطلة أمريكية
رغم الاعتراف الأمريكي بأن إيران تخلت عن بعض الشروط الأساسية لإحياء الاتفاق النووي، فإنها لم تحسم ردها بشأن العودة للاتفاق بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي دفع طهران لاتهام واشنطن بـ"المماطلة" في المحادثات التي تهدف إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، ولم يقتصر الاتهام الإيراني على مماطلة واشنطن فقط، لكنها أيضًا اتهمت الاتحاد الأوروبي بـ«التقاعس».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني: «الأمريكيون يماطلون وهناك تقاعس من الجانب الأوروبي. أمريكا وأوروبا بحاجة إلى اتفاق أكثر من (حاجة) إيران»، وأضاف كنعاني خلال مؤتمر صحفي أنه لا يزال يتعين حل بعض القضايا العالقة، مشيرًا إلى أنها مهمة للغاية، وأوضح أن بلاده تريد صفقة مستدامة تحافظ على حقوقها المشروعة، إلا أنه لم يكشف مزيدًا من التفاصيل عن الحقوق التي يعتبرها مشروعة.
من جانبها رفضت الولايات المتحدة الاتهامات الإيرانية لها بالمماطلة، موضحة أنها تعمل بأسرع ما يمكن لإعداد رد مناسب على تعليقات طهران على مسودة نص قدمها الاتحاد الأوروبي، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس، في مؤتمر صحفي إن «واشنطن تفاءلت بتخلي إيران عن بعض مطالبها مثل إلغاء تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية».
وأضاف: «هذا من الأسباب التي تجعل التوصل إلى اتفاق أقرب الآن مما كان عليه قبل أسبوعين، لكن نتيجة هذه المناقشات الجارية لا تزال غير مؤكدة حيث لا تزال هناك فجوات»، واستطرد: «أن الولايات المتحدة تعمل بأسرع ما يمكن لإعداد رد مناسب على تعليقات طهران على مسودة نص قدمها الاتحاد الأوروبي».
وتابع المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: «في النهاية، الرئيس الأمريكي جو بايدن، سيوقع فقط على اتفاق يلبي مصالح أمننا القومي الأساسية، مضيفًا: إذا كان هناك رد إيراني واضح على اقتراح الاتحاد الأوروبي فلست متأكدًا من أننا سنكون في ذهاب وإياب كما نحن الآن»، وكرر أن الولايات المتحدة «تنقل تعليقاتها بشكل مباشر وسري إلى الاتحاد الأوروبي، وأن بلاده لم ترسل بعد ردها على الرد الإيراني، حيث إنهم يواصلون المراجعات والمشاورات ويعملون بأسرع ما يمكن لإعداد الرد المناسب».
وأضاف: «هذه عملية نريد أن نتأكد من إجرائها بصرامة والاهتمام بالتفاصيل الضرورية، وأستطيع أن أضمن لكم أننا لن نأخذ يومًا واحدًا أكثر مما هو ضروري»، وذكر «أن الولايات المتحدة تشجعت من أن إيران يبدو أنها تخلت عن بعض مطالبها غير المبدئية، مثل إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية»، لكنه أضاف أنه «لا تزال هناك بعض القضايا العالقة التي يجب حلها، وبعض الفجوات التي يجب معالجتها».
وانتقد برايس مزاعم طهران بأن الولايات المتحدة «تتعمد التحرك ببطء» في الرد على الاتحاد الأوروبي، ورفض الإفصاح عما إذا كانت الولايات المتحدة تنتظر فقط حتى الانتهاء من المشاورات مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، الموجود في واشنطن لعقد اجتماعات رفيعة المستوى هذا الأسبوع، وشدد على أن «الولايات المتحدة كانت تجري مناقشات مع إسرائيل منذ البداية».
عقبة المواقع غير المعلنة
ورغم الاستعدادات التي يبديها الجانبان لإحياء الاتفاق النووي، يبدو أن هناك بعض القضايا التي لم تحسم وستمثل عقبة في طريق الحسم، فبعد تلميحات روسية بأن التحقيقات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول 3 مواقع في إيران قد تلغى إذا ما أعيد إحياء الاتفاق النووي، إلا أن تصريحات الوكالة الدولية للطاقة الذرية تشير إلى أن الملف ما زال على رأس الاهتمام ولم يتم إغلاقه، وأن التحقيقات بهذا الشأن لم ولن تنتهي.
وأكد المدير العام رافاييل جروسي أن التحقيقات مستمرة، معتبرًا أن هذا الملف منفصل عن مفاوضات فيينا، كما أوضح أن الأمر يتعلق بمدى تجاوب طهران حول تلك القضية، التي أكدت الوكالة في تقارير عدة سابقًا أن السلطات الإيرانية لم تقدم أجوبة واضحة وشافية، وشدد على أن الوكالة لن تسقط تلك التحقيقات إطلاقًا إلا وفقًا لظروف مناسبة، ألا وهي تلقي أجوبة واضحة من السلطات الإيرانية حول تلك المواقع الثلاثة المشبوهة، التي عثر فيها في السابق على بقايا مواد نووية.
وكشف مسئولون أمريكيون أن هناك ضوابط ينبغي الالتزام بها فيما يتعلق ببرنامجها النووي، حيث قال مسئول كبير في الإدارة الأمريكية لـ CNN أنه إذا أرادت إيران العودة إلى الصفقة، فسيتعين عليها الموافقة على «عمليات تفتيش شاملة» من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، و «إذا توصلنا إلى اتفاق للعودة إلى الاتفاق، فسيتعين على إيران اتخاذ العديد من الخطوات المهمة لتفكيك برنامجها النووي»، بما في ذلك السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بتنفيذ نظام التفتيش الأكثر شمولًا الذي تم التفاوض بشأنه حتى الآن.
ويبدو أن تمسك الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن المواقع غير المعلنة أثار غضب إيران، وهو مابدا من خلال تصريحات مستشار فريق التفاوض الإيراني، محمد مرندي، التي نقلتها وسائل إعلام إيرانية رسمية قال فيها: إنه لا اتفاق مع القوى الدولية بشأن الملف النووي قبل إغلاق ملف إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لافتًا إلى أنه لن يتم تنفيذ أي اتفاق قبل إغلاق ملف إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولن يتم تنفيذ أي اتفاق قبل الإغلاق الدائم لقضية الاتهامات الكاذبة ضد إيران من قبل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما لن يتم تفكيك برنامج إيران النووي".





