إستراتيجية تجاوز الأفق.. كيف تحارب واشنطن الإرهاب عن بُعد في أفغانستان

أظهرت عملية اصطياد زعيم تنظيم "القاعدة" الإرهابي أيمن الظواهري داخل أحد المنازل المملوكة لوزير داخلية حركة "طالبان" الحاكمة سراج الدين حقاني، في العاصمة الأفغانية كابول، أن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان لم يكن بالصورة التي تخيلتها قيادات طالبان والقاعدة، أو أن الساحة باتت مفتوحة أمام طالبان، فقد أعدت وزارة الدفاع الأمريكية إستراتيجية لمكافحة الإرهاب في البلد بعد الانسحاب باسم "إستراتيجية تجاوز الأفق" التي نجحت من قبل في اصطياد "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيران فى العاصمة العراقية بغداد، بالصاروخ نفسه الذي استخدم في قتل الظواهري.
«تجاوز الأفق»
تعتمد إستراتيجية "تجاوز الأفق" التي وضعتها الولايات المتحدة بعد الخروج من أفغانستان قبل عام، على غرس عناصر استخباراتية في الداخل، وذكرت تقارير إخبارية أمريكية أن واشنطن جهزت فريقًا استخباراتيًا للتعامل مع الضربات الإرهابية، بهدف عدم استخدام الأراضي الأفغانية كملاذ آمن للجماعات المسلحة كتنظيمي القاعدة وداعش.
وأطلقت على هذه العملية "إستراتيجية تجاوز الأفق" وتعمل وفق آلية معينة، أهمها المراقبة والترصد عن بُعد، رغم صعوبة تنفيذ هذه لآلية دون وجود عناصر مسلحة على الأرض تجنبها وقوع ضحايا من المدنيين خلال تنفيذ عملياتها ضد الأهداف المطلوبة باستخدام تكنولوجيا فائقة الدقة، وتمكنها من اصطياد الهدف عن بُعد، دون وجود عنصر واحد من عناصرها في محيط آلاف الأميال من موضع تنفيذ العملية.
وحقق هذا الجانب من الإستراتيجية نجاحًا كبيرًا في استهداف العناصر المحدودة، كشخص واحد أو عدة أشخاص في مكان واحد بعد تحديد موقعهم بدقة، عبر الوسائل الإستخباراتية والمعلوماتية، دون تدخل مباشر من الأفراد أو الجنود، بالاعتماد على آلية التحكم عن بعد في الطائرات المسيرة.
استهداف الظواهري
لاقت عملية استهداف أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، ارتياحًا من قبل الإدارة الأمريكية، نظرًا لاعتمادها على إستراتيجية "تجاوز الأفق" التي أكدت أن الولايات المتحدة تراقب بشكل دقيق، دون وجود جنود لها على الأرض في أفغانستان، عن طريق جمع المعلومات الاستخباراتية.
وأظهرت الصور
التي أشارت إلى موقع مقتل "الظواهري"، مدى دقة التنفيذ، فالصاروخان اللذان استهدفا الظواهري بوسط العاصمة كابول وفي منطقة شديدة الحراسة، لم يتسببا في
إلحاق أي أضرار تذكر خارج نطاق الهدف المقصود، وظهر المبني الذي قتل فيه كأن شيئا لم يحدث له، ما يشير إلى أن الصاروخين قد يكونا من نسخة معدلة محاطة
بالسرية تستخدمها الولايات المتحدة لتجنب سقوط ضحايا من غير المقاتلين.
وأشار عسكريون–
وفقًا لعدة تقارير أمريكية- أن صواريخ "هيلفاير" التي تصنعها على الأغلب شركة "لوكهيد مارتن" هي ذخائر دقيقة التوجيه مخصصة
للضربات جو-أرض وعادة ما تتسبب في أضرار كبيرة وتدمير بنايات بأكملها وقتل أو
إلحاق إصابات جسيمة بأي شخص في المحيط.
وقالت مصادر
مطلعة على مجال الأسلحة إن صورًا نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، أظهرت مؤشرات
على نُسخة معدلة من صواريخ هيلفاير بستة أنصال لإلحاق الضرر بالأهداف ويطلق على تلك
النسخة "آر.9 إكس". وتلك النسخة تستهدف إلى حد كبير الأفراد مثل المتشددين في سوريا.
تجارب سابقة
لم يكن استهداف أيمن الظواهري بهذه الآلية، الأول من نوعه، فقد سبقه من قبل استهداف "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس التابع للحرس
الثوري الإيراني في يناير 2020، بالقرب من مطار بغداد بالعاصمة العراقية، والتي تمت بدورها دون وقوع أضرار جانبية باستخدام
معدات رصد شديدة الدقة الفائقة عن طريق الطائرة المسيرة الأمريكية "إم كيو 9"
التي تتميز بقدرتها على تنفيذ مهمات مختلفة تتراوح بين القتالية والاستخباراتية.
وتتعزز قدرة "إم كيو" الفتاكة، بقدرتها على حمل أربعة صورايخ من أمثال AGM-114 وصاروخ HELLFIRE الموجه بالليزر، المستخدم أيضًا في استهداف أيمن الظواهري.