صالح الورداني.. من السُّنّة للشيعة إلى «إسلام بلا مذاهب»
الأربعاء 27/يونيو/2018 - 06:16 م

علي رجب
تَنَقَّل بين مختلف التيارات والمذاهب الإسلامية، فمن السنة وجماعات الإسلام الحركي، إلى الشيعة، وانتهى به المطاف إلى انتقاد كل تلك التيارات والمذاهب، داعيًا إلى «إسلام بلا مذاهب»، إنه القيادي الشيعي صالح الورداني، الذي يعد أكثر قادة الشيعة جدلًا منذ إعلانه التشيع في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وحتى إعلانه الهجوم على مراجع الشيعة، وانتقاده المذهب في 2008.
«الورداني» من مواليد محافظة القاهرة عام 1952م، عمل في مجال الصحافة والإعلام، وله الكثير من المؤلفات والإصدارات والمقالات المنشورة في مؤسسات مصرية وعربية.
عاصر«الورداني» بداية الجماعات والحركات الإسلاموية في مصر، وعلى رأسها ما يسمى «تنظيم الجهاد الإسلامي المصري»، في أوائل السبعينيات، ومن خلاله تعرف على قادة الجماعات الإسلاموية، مثل عمر عبدالرحمن (الأب الروحي للجماعة الإسلامية)، والقيادي ومؤسس تنظيم الجهاد وزعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري، والقيادي بالجماعة الإسلامية عبود الزمر، وغيرهم..
أسس «الورداني» ما يسمى «الحركة الإسلامية»، مع القيادي بجماعة الإخوان عصام العريان، ورئيس حزب مصر القوية والقيادي الإخواني المنشق عبدالمنعم أبوالفتوح، وزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، ومؤسس الدعوة السلفية محمد إسماعيل المقدم، قبل الخلاف معهم والاتجاه إلى التشيع.
وعن هذه المرحلة يقول «الورداني»: «أكثر من 15 عامًا قضيتها في دائرة الحركة الإسلامية في مصر، بداية من فترة السبعينيات وحتى نهاية الثمانينيات، وخلال هذه الفترة عايشت ظهور تيارات ونهاية تيارات، ونمو ظواهر ووقوع أحداث وبروز شخصيات واختفاء أخرى، ولقد عايشت ذلك كله دون أن تحتويني فكرة أو تيار من التيارات السائدة في الوسط الإسلامي آنذاك، لأنني كنت أحمل من رصيد الفكر والتجربة؛ ما يؤهلني لأكون مستقلًّا عنها».
نتيجة لارتباطه بالجماعات الإسلاموية، تم اعتقال «الورداني» ومحاكمته ضمن قضية «الجهاد الكبرى»؛ بتهمة تمويل تنظيم الجهاد، ثم صدر الحكم النهائي ببراءته، في سبتمبر 1984م، ثم أعيد اعتقاله، عام 1987م؛ بتهمة اعادة تشكيل «تنظيم الجهاد»، وتم إخلاء سبيله في وقت لاحق.
◄ التشيع:
مع نهاية السبعينيات وعقب لقائه صديقًا عراقيًّا في القاهرة، أتيح لـ«الورداني» السفر إلى العراق وزيارة مراقد «آل البيت» في النجف وكربلاء، ليتأثر بالفكر والبيئة الشيعية، ويرى التاريخ الإسلامي من وجهة نظر الشيعة، بعدما درسه عبر وجهة نظر سنية.
رحلة «الورداني» إلى العراق زرعت فيه بذور التشيع؛ حيث يقول: «من خلال وجودي في العراق قمت بزيارة مراقد آل البيت ببغداد والطواف على مساجد الشيعة وسماع الدروس والمحاضرات والحوار مع الشباب الشيعي من أصدقاء صديقي.. ونتيجة لهذا كلّه تبددت من ذهني الكثير من الأوهام والتصوّرات غير الصحيحة التي كنت أحملها عن الشيعة».
وعقب زيارته الكويت كانت بذرة التشيع داخل «الورداني» قد أثمرت، فبدأ الإقبال على قراءة ودراسة الكتب والمراجع الشيعية، وحصل على كتب «السقيفة، وعقائد الإمامية، والمراجعات»، وغيرها من الكتب التي أثرت في تغيير هويته المذهبية.
ومع اعتناق التشيع، اعتقل «الورداني» من قبل السلطات المصرية،عام 1988م، ضمن ما يسمى «التنظيم الشيعي الخميني»، وتم حفظ القضية فيما بعد، وبعد سنوات خرج إلى العاصمة السورية دمشق وعاش فيها حتى عودته بعد أحداث يناير 2011.
يرى صالح الورداني أن تيار الإسلام الحركي في مصر هش ومشتت، ويغلب عليه التعصب الجغرافي بين الصعيد ووجه بحري.
وينتقد «الورداني» التيارات الإسلامية السنية في مصر، وفي مقدمتها التيار السلفي، الذي يراه تيارًا جامدًا يمنع الاجتهاد، ويرفض أي مقولة تنتقد أو تصطدم بالنصوص.
◄ انتقاده التشيع:
«الورداني» الذي يرى في نفسه أول من زرع بذرة التشيع في مصر، وأحد أهم مفكري الشيعة في البلاد، عاد -بعد رحلة دامت أكثر من عقدين قضاها في التشيع والاطلاع على التيارات الإسلامية في المذهب الشيعي- إلى انتقاد التشيع، معلنًا كفره بالمراجع الشيعية موجهًا انتقادات واسعة لِبِنْية الفكر الشيعي.
ونتيجة لمواقف المنتقد للمذهب الشيعي، حدث صدام بين «الورداني» والمؤسسات الشيعية في الوطن العربي. وعن ذلك يقول: «مشكلة المسلمين بشتى مذاهبهم أنهم يخلطون بين التراث والمذهب، والدين والمذهب فأصبح الدين هو المذهب والمذهب هو الدين؛ لذلك يتم التكفير والاتهام بالزندقة في حالة انتقاد أي مذهب كأنه انتقاد للدين ذاته، وهناك اختلاف بين المذهب والدين».
ووصف «الورداني» قيادات الشيعة في مصر بـ«المصلحجية»، أي أنهم يبحثون عن المصلحة والاسترزاق من وراء تشيعهم لدى المراجع والمؤسسات الشيعية في الخارج، مؤكدًا أنهم ليسوا بالقوة التي يصورونها عن أنفسهم.
◄ الطريق الثالث:
بعد رحلة طويلة بين التيارات والمدارس الإسلامية في المذهب السني والشيعي، انتهى الأمر بـ«الورداني» إلى الدعوة إلى إسلام بلا مذاهب ومراجع أو الطريق، كما يحب أن يسميه «مذهبًا ثالثًا يمثل الإسلام الصحيح والأصل، وليس المذهبين».
ولـ«الورادني» نحو 25 مؤلفًا، أبرزها: «سيرة أصحاب.. ثلاثون عامًا مع الجماعات»، «الإسلام الضائع بين أصحاب العمائم وفقاعات النفط»، «تغيير الخطاب الإسلامي»، «عقائد السُّنة وعقائد الشيعة»، «المناظرات.. فقهاء السُّنة وفقهاء الشيعة»،«الشيعة في مصر من الإمام علي حتى الإمام الخميني»،«فرق أهل السنة.. جماعات الماضي وجماعات الحاضر»، «الحركات الإسلامية في مصر.. الواقع والتحديات»، «مصر وإيران.. صراع الأمن والسياسة»، «الكلمة والسيف»،«أزمة الحركات الإسلامية المعاصرة من الحنابلة إلى طالبان»، «ثقافة الإرهاب بين السنة والشيعة»، وغيرها من المؤلفات.