الاستثمار في الكراهية.. اليمين المتطرف يحارب بناء المساجد في إيطاليا
الثلاثاء 09/أغسطس/2022 - 05:24 م

دعاء إمام
يمثل بناء الزوايا والمساجد الجديدة أزمة كبيرة في الغرب عمومًا، بدرجة تتناسب مع مخاوف المجتمعات الأوروبية واليمين المتطرف على وجه الخصوص من استغلال المساجد في التحريض على الغير، وربطها بالإرهاب، واعتبارها أماكن للتجنيد والاستقطاب، بيد أن الأمور تتخذ منحنى مثيرًا للقلق في إيطاليا، إذ يستغل اليمين المتطرف قضية المساجد في الترويج إلى فكرة أسلمة إيطاليا، وإثارة مخاوف المجتمع الإيطالي القائمة على الإسلاموفوبيا.
ورغم أن بعض المدن الإيطالية لا يوجد بها مساجد ذات أقبية أومآذن بالشكل المتعارف عليه في البلدان العربية والإسلامية؛ غير أن هناك أماكن للصلاة أغلبها غير رسمي، لأنها عبارة عن كراجات ومخازن وشقق وصالات رياضية تفتقر إلى معايير الأمن والسلامة والصحة العامة، وغير مناسبة لاستضافة عدد كبير من المصلين.
ولا يمثل عدد المسلمين في إيطاليا سببًا كافيًا لترك مساحة آمنة لهم لأداء الصلاة، حيث يناهز عددهم الـ 2 مليون و700 ألف مسلم، بنسبة (4.9%) من إجمالي عدد السكان، حيث اندلعت الاحتجاجات عقب الإعلان عن إنشاء مسجد جديد بمدينة ميلانو؛ معلنين عن رفضهم منح أي موافقات أو تراخيص لتشييد المسجد.

مواجهات سابقة
في 2015، نجحت رابطة الشمال الإيطالية في مقاطعة لومبارديا- أكبر الأقاليم الإيطالية من حيث عدد السكان- التي تحسب على اليمين المتطرف في الضغط لسرعة استصدار مشروع قرار يقضي بحظر بناء المساجد ولا حتى مواصلة أشغال البناء بالنسبة لتلك التي بدأ بناؤها منذ سنوات، وبذلك مُنع المسلمين من تشييد دور العبادة في المنطقة التي تعايشت فيها جميع الديانات على مدار عقود.
وكانت الحرب بين المسلمين ورابطة الشمال تعود لبداية الألفية الثانية، عندما طالب مسلمو المنطقة من السلطات البلدية رخصة لبناء مسجد يصلون فيه بدل خيمة كبيرة بنيت في ضاحية مدينة ميلانو يأتيها نحو ألف مصل كل جمعة، أو أقبية العمارات التي يلجأ إليها عشرات المسلمين لأداء الصلاة، لكن طلبهم تم الرد عليه بالرفض.
يرجع ذلك العداء لبعض التصورات الخاطئة لدى اليمين المتطرف حول دور المساجد وما يحدث بداخلها، إذ تحمل تساءل ماسيمليانو روميو، مسؤول في الرابطة بالبرلمان المحلي وقتذاك، خلال مقابلة صحفية تناقلتها وسائل إعلام إيطالية: ماذا يفعل المسلمون في المساجد؟ يصلون.. ويقومون بالسياسة، وماذا يختبئ وراء المراكز الثقافية الإسلامية؟ هل يذهبون إليها فقط من أجل الصلاة؟ للحديث عن تقاليدهم أو يذهبون هنالك للحث على الكره اتجاه الغربيين، ففي بعض البلدان الإسلامية تحرق كنائسنا، ونحن نعطيهم الحق في بناء مساجد هنا؟، لا هذا مستحيل وعلينا بقوانين حديدية للتحكم بهم.
وفي هذا الشأن، دعا مرصد الأزهر، الجاليات المسلمة المقيمة في إيطاليا إلى التكاتف والتفاهم فيما بينهم، والعمل على عقد اتفاقية مع الدولة الإيطالية، وتقنين أوضاع المساجد والمراكز الإسلامية؛ وذلك من خلال استيفاء الشروط اللازمة لذلك، والالتزام بالمعايير واللوائح المعمول بها فيما يتعلق بالأمن والسلامة والصحة العامة.
ناشد المرصد السلطات الإيطالية إلى توفير دور عبادة كافية للمسلمين المقيمين هناك، وكذلك دعم الأنشطة العامة التي تهدف إلى تعزيز الحوار بين المؤسسات الحكومية والجالية المسلمة.
وكانت دراسة بعنوان «كيف يؤثر صعود اليمين المتطرف في أوروبا على المسلمين»، صادرة عن مركز «كيوبوست» قد تنبأت بما سيتعرض له المسلمين عقب فوز اليمين المتكرف في الانتخابات الإيطالية لعام 2018، وأبرزها التعامل بنزعة عنصرية شديدة، تجاه المسلمين واللاجئين، الذين يكن لهم حزب الرابطة كرهًا كبيرًا، مشيرة إلى أن معتنقي الدين الإسلامي سيشهدون مزيدًا من القوانين العنصرية التي تحاول التضييق عليهم.