يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

«العنف الرخيص».. التكلفة الاقتصادية لتجنيد الأطفال داخل التنظيمات الإرهابية

الأحد 07/أغسطس/2022 - 09:31 م
المرجع
دعاء إمام
طباعة
لم تتوقف -حتى الآن- دفعات الأطفال العائدين إلى أوروبا من أولئك الذين وُلدورا وتربوا في كنف تنظيم داعش الإرهابي؛ ولهذا السبب ترفض بعد البلدان التي ينتمون إليها المجازفة وتسلُم الصغار، خشية تجنيدهم وإعدادهم من قبل التنظيم لتنفيذ عمليات في حال عودتهم، غير أن هناك فئة أخرى ربما تُعَدّ الأكثر خطورة، وهم الأطفال الذين تمكنت الجماعات الإرهابية من إقناعهم بالفكر المتشدد، وتجنيدهم في سن مبكرة.

تُعَدّ ظاهرة استخدام الأطفال في الصراعات المسلحة جزءًا من أيديولوجيا العنف التي تستخدمها العصابات الإجرامية والجماعات الإرهابية، وتعبّر عن إفلاس تنظيمي لهذه الجماعات، خاصة أنها تلجأ لها ليس فقط لتعويض نقص المقاتلين، بل لتعويض خسائرهم المتتالية، وتجييش كل الموجودين في مناطق الصراع.
«العنف الرخيص»..
أساليب التجنيد

كان لجوء «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية لتجنيد الأطفال واتخاذهم دروعًا بشرية أحيانًا، عدة أسباب منها التكلفة الاقتصادية المنخفضة لاستقطاب الأطفال، وسهولة تشكيل وعيهم وملء عقولهم بأفكار التنظيم؛ لذا ظهر ما سُمي بـ«أشبال الخلافة» وبُثت العديد من المواد المصورة -إصدارات داعش- تناولت توثيقًا لتدريب الأطفال على حمل السلاح، وتوعدهم بشن العديد من الهجمات الإرهابية خارج مناطق سيطرة داعش.

وفق تقرير صادر عن مركز «سلام» لدراسات التطرف والإرهاب التابع لدار الافتاء المصرية، بعنوان «المستضعفون في الإرهاب»  فإن تجنيد الأطفال يضمن للجماعات الإرهابية مزايا لا تتوافر بسهولة في الشباب، منها أن الصغار أكثر مرونة وحركة، وتكلفة تجنيدهم منخفضة، لكونهم لا يحتاجون إلى مرتبات أو مزايا اقتصادية ضخمة على العكس من الشباب أو الكبار، بالإضافة إلى سهولة السيطرة عليهم بشكل أكبر لسهولة ترهيبهم، سواء بدنيًّا أو نفسيًّا، مما يعني الولاء سريعًا للجماعة أو الجهة التي يقاتل فيها.

ولفت التقرير إلى استغلال الجماعات لرغبة الأطفال في لعب دور البطولة والإقدام على الأعمال القتالية، والإعجاب بالشخصية القوية في بعض الأحيان، بالاستناد إلى حب المغامرة والاستكشاف، والظهور والشعور بالقوة، فضلاً على المزايا التكتيكية التي تتمثل في إمكانية استخدام الأطفال للقيام ببعض المهام التي قد تحتاج إلى شخصٍ قد لا يعرف خطورة ما يقوم به مثل الهجمات الانتحارية، نظرًا لأن الأطفال أقل إدراكًا للأخطار التي قد يتعرضون لها، جراء الإقدام على تنفيذ عملية انتحارية أو حمل مواد متفجرة.

وأوضح «سلام» أن هناك نوعين من التجنيد: أولهم التجنيد القسري الذي يعتمد على خطف الأطفال وإكراههم على المشاركة في العنف والإرهاب، عبر التهديد الوحشي أو عبر جماعات الإتجار بالبشر، وهو ما يحدث في المناطق التي يوجد فيها سيطرة لجماعة أو تنظيم على الأرض، والثاني، التجنيد الطوعي وهو انضمام الطفل من تلقاء نفسه إلى جماعة مسلحة أو تنظيم إرهابي، حيث يندفع الأطفال طواعية خلف هذه التنظيمات نتيجة لخطاب هذه الجماعات.

يُشار إلى أن الـ20 سنة الأخيرة شهدت ظاهرة تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العنيفة زيادة كبيرة  بعد أن أقدمت الجماعات المسلحة، ثم الجماعات الإرهابية، على توظيفهم بشكل مباشر وغير مباشر، وذلك بالتزامن مع تطوير أساليب وسائل تجنيد الأطفال، والتي تتدرج وفقا لأهميتها من حيث موقعها في استراتيجية التجنيد، وتبنى على أساس تلبية احتياجات الأطفال النفسية وغيرها، بهدف كسب تأييدهم والسيطرة عليهم.
"