أبرزها تضييق الخناق على روسيا والصين.. أسباب زيادة الدور البريطاني في أفريقيا
الأربعاء 27/يوليو/2022 - 08:41 م
محمود البتاكوشي
حجر واحد وعصافير عدة، هذا ما تحاول تنفيذه الحكومة البريطانية، في الوقت الحالي عبر السعي الجاد لاستعادة حضورها في القارة الأفريقية بعد عقود من تراجع دورها هناك، وظهر ذلك جليًّا في زيارات وزيري الخارجية والدفاع البريطاني لعدد من دول القارة خلال النصف الأول من عام 2022، حيث أجرى وزير القوات المسلحة البريطانية، جيمس هيبي، جولة إلى غرب أفريقيا، في نهاية يونيو الماضي، التقى خلالها رئيس هيئة الأركان الإيفواري، الفريق لاسينا دومبيا، وتضمنت الاتفاق على تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين، لاسيما فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية.
كما قام وزير الخارجية البريطاني السابق، دومنيك راب، بجولة في القرن الأفريقي، واستضافت لبندن في فبراير 2022 أول حوار للشراكة الأمنية والدفاعية مع نيجيريا، تضمنت التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون العسكري والأمني المشترك، وأعلنت بريطانيا في 21 يونيو 2022، تعيين سارة مونتجمري، مبعوثة خاصة لمنطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.
الشريك الرئيسي
تحاول المملكة المتحدة تقديم نفسها كشريك رئيس في الحرب على الإرهاب ومكافحة القرصنة، إلى جانب توفير الدعم العسكري والتدريبات لبعض الجيوش الأفريقية، حيث تحتفظ بقاعدتها العسكرية باتوك في كينيا، وتسعى للحصول على المزيد من القواعد، بالإضافة إلى وجود عسكري محدود في كل من الصومال وجيبوتي، إلى جانب مشاركتها في بعثات السلام التابعة للأمم المتحدة في دول القارة، ويرجع ذلك إلى رغبتها في تضييق الخناق على روسيا والصين والحد من نفوذهم المتزايد في القارة السمراء، إذ تنتاب الدول الأوروبية حالة من القلق حيال احتمالية إحلال الصين مكان بريطانيا في القاعدة العسكرية البريطانية في موريشيوس، خاصةً بعد القرار الأممي الصادر في عام 2019، والقاضي بعدم مشروعية الوجود البريطاني في هذه المنطقة، وهو ما يهدد مصالح لندن والناتو في المحيط الهندي، لذا يجب منع التمدد الصيني.
تنسيق غربى
ومن المتوقع أن تلجأ بريطانيا بالتنسيق مع حلفائها الغربيين، لإثارة ملفات حقوق الإنسان والحريات ضد الدول الأفريقية التي ترتبط بموسكو وبكين.
وتعزز بريطانيا من تواجدها العسكري في القارة الأفريقية، لحماية وتأمين مسارات الحصول على النفط في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، إذ تحصل بريطانيا على نحو 90% من إيراداتها النفطية من أفريقيا والشرق الأوسط.
كما تسعى لضبط الهجرة غير المشروعة، وإعادة طالبي اللجوء إلى أفريقيا، وذلك عبر الاتفاق مع رواندا على استقبالهم، على الرغم مما تواجه هذه الخطة من انتقادات داخلية وخارجية، كما تسعى لاحتلال المركز الأول ضمن مجموعة دول السبع من حيث حجم الاستثمار في أفريقيا بحلول عام 2022، وذلك في إطار الخطة الشاملة التي أعلنت عنها رئيس الوزراء البريطانية السابقة، تريزا ماي، وتمكنت من إبرام اتفاقيات تجارة مع أكثر من 60 دولة، 20% من هذه الدول داخل القارة الأفريقية، وذلك منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي.
كما تأتي تحركات لندن الراهنة نحو أفريقيا في إطار مساعيها لتعويض خروجها من الاتحاد الأوروبي، وهو ما اتضح في الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للأمن والدفاع للمملكة المتحدة، والصادرة في نهاية عام 2020، والتي لم تراجع فقط تهديدات الأمن القومي البريطاني، ولكنها انطوت أيضًا على آليات تطوير القوة البريطانية الشاملة، وتوسيع نطاق النفوذ الدولي للندن، والحفاظ على تفوقها الاستراتيجي، والبحث عن فرص وشراكات جديدة سياسيًّا واقتصاديًّا، ومزيد من الانفتاح على دول العالم بما يعوض الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.





