«دائرة الرعب».. عودة «داعش» مسؤولية منّ؟

في مارس 2019، احتفى العالم بسقوط آخر جيب لتنظيم «داعش» الارهابي في سوريا، في منطقة الباغوز، وفي غضون أشهر من تحقيق هذا الانتصار قّتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي على يد القوات الأمريكية الخاصة في أكتوبر من نفس العام، ومؤخرًا، قتل أيضًا خليفته «أبو إبراهيم القرشي» في فبراير الماضي.
وعلى مدار سنوات حشد تحالف ضم أكثر من 80 دولة موارده المشتركة لدحر «داعش» في سوريا والعراق، والتصدي للجماعة الإرهابية أيضًا على شبكة الإنترنت، ودحر شبكاتها المالية والشركات التابعة لها المكتشفة حديثًا في جميع أنحاء العالم، لكن تحقيق مشترك للصحفيتين إديث بوفييه وسيلين مارتيت، مؤلفتي كتاب صدر حديثا بعنوان «دائرة الرعب» اختتما به كتابهما، لا يبعث على التفاؤل.
أرجعت
الصحفيتان عدم دحر تنظيم داعش نهائيًّا إلى عدة مؤثرات خارجية، منها الفرص الضائعة والخيارات الخاطئة للغرب ولحظات تقاعسه، الأمر الذي مكن التنظيم الإرهابي من البقاء، وعاد مؤخرًا لنشاطه
بصورة أقل من الماضي، وذلك من خلال عمليات حرب العصابات المتكررة بشكل متزايد، في
العراق كما في سوريا.
مسؤولية الغرب
أرجع كتاب «دائرة الرعب» مسؤولية بقاء التنظيم حتى الآن
إلى الخيار الغربي المتمثل في التعاقد من الباطن لإيكال إدارة عشرات الآلاف من
سجناء داعش إلى قوات سوريا الديمقراطية، الحليف الرئيسي المحلي للتحالف الدولي
المناهض لداعش؛ ما أدى إلى تكديس الرجال فيما يسمى بسجون الحراسة المشددة، لكن
العواقب أظهرت ضعف تلك السجون، سواء أمام هجمات الجيش التركي، وكذلك أمام
هجمات الإرهابيين الذين تمكنوا من السيطرة على سجن في مدينة الحسكة لمدة أسبوع كامل في يناير
الماضي.
ومن زاوية أخرى، تولت العدالة العراقية مهام محاكمة السجناء المصنفون بأنهم الأكثر خطورة، على الرغم أن المحاكم العراقية لا يزال يتعين إثبات درجة استقلاليتها وقدرتها على محاكمتهم، وتم احتجازهم في سجون ستتعرض عاجلا أم آجلا للهجوم والتي يسهل تهديد حراسها أو رشوتهم.
الدائرة الجهنمية
تركت الدول الأوروبية نحو ثمانية آلاف من مواطنيها في مخيمات غير صحية، باردة في الشتاء وحارقة في الصيف، وكان هذا الخيار قصير النظر، تم إجراؤه تحت ضغط الرأي العام المعادي لعودة هؤلاء المنبوذين؛ وترتب على هذا التقاعس أن ينمو مئات الأطفال في ظروف مروعة، تحت سيطرة أمهاتهم المتطرفات، ما يحرمهم من جميع الحقوق ويجعلهم يدفعون ثمن جرائم أباءهم، كما أنهم سيخدمون دعاية تنظيم داعش، الذي سيجعل منهم شهداء لقضيته، وإثبات عجز الدول عن تطبيق القيم وحقوق الإنسان التي تدعي الدفاع عنها.
ووصفت الكاتبتان استخدام النساء في مشروع «داعش» بـ«الدائرة الجهنمية»، لا سيما أن التنظيم جعل منهن محركًا للمشروع الجهادي وكن الضامنات لاستمرار بقاء التنظيم؛ لأنهن من يلدن الأطفال ويثقفوهن على العقيدة الأيديولوجية لداعش، لذلك فهن أكثر قيمة من المقاتلين القابلين للقتل والزوال.