طالبان تعزز سلطتها «المهترئة» بالمزيد من القرارات القمعية
الإثنين 06/يونيو/2022 - 08:05 م
مصطفى كامل
يشهد المجتمع الأفغاني منذ سيطرة حركة «طالبان» على الحكم في أغسطس 2021 عددًا من التحولات والظواهر التي ستؤدي ــــــ بسبب ممارسات الحركة ــــ إلى فقدان المكتسبات التى حصل عليها طوال عقدين من الزمان، من حيث تجاهلها الحريات والحقوق، وإقدامها على فرض القيود الصارمة.
تعزيز السيطرة الداخلية بقرارات قمعية
وبالرغم من خطاب الطمأنة الذي استخدمته «طالبان» منذ سيطرتها على السلطة في أفغانستان، فإن الممارسة العملية كشفت ابتعاد الحركة عن هذا الخطاب؛ إذ لجأت إلى تعزيز سيطرتها الداخلية ببعض القرارات القمعية، التي كان أبرزها قرار فرض ارتداء غطاء الوجه على النساء، أعقبه إجبار المذيعات على تغطية وجوههن عند الظهور على الشاشات أو فصلهن من عملهن إذا لم ينفذن القرار؛ إضافة إلى فرض قيود صارمة على عمل المرأة وسفرها.
وعززت الحركة ممارساتها القمعية خاصة تجاه النساء بمنع التعليم الثانوي للفتيات، والفصل بين الجنسَين في الجامعات، وإنهاء أي مظاهر للتعليم المختلط، بل ومنعت الاستماع إلى الموسيقى بالشوارع، أو عزفها في الأماكن العامة.
وعلى مسار الحريات الإعلامية، منعت الحركة بث أي تقارير إخبارية تنتقد سياساتها، كما تم حظر عمل عدد من وسائل الإعلام الأجنبية منذ عودة «طالبان» إلى الحكم، مثل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وراديو «صوت أمريكا».
واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، الحركة بقمع الصحافة المحلية بشدة، لا سيما خارج العاصمة كابول؛ حيث تستخدم رقابة واسعة النطاق على المحتوى الصحفي، وتمارس العنف ضد وسائل الإعلام المحلية المعارضة لها.
ووفقاً لتقارير، يعمل 20 فقط من المطبوعات التي كان يبلغ عددها في السابق 114، فيما بقيت 161 إذاعة وطنية ومحلية تعمل من أصل 293 إذاعة.
كما تم إغلاق 40% من قنوات التلفزة على الإنترنت، وبات على الصحفيين الالتزام بقواعد وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخاصة بالعمل الصحفي، ومنها إبلاغ الوزارة قبل العمل، والحصول على إذن؛ بهدف التحقق من عملهم قبل البث أو النشر الصحفي.
تداعيات متكررة
يبدو ظاهريًّا أن الممارسات السابقة تعطي «طالبان» القدرة على تطويع المجتمع وفقًا لمنظومتها الفكرية المتشددة، بيد أنها قد تؤدي إلى تداعيات معاكسة على الحركة ومستقبلها، أبرزها إرجاء الاعتراف الدولي بحكمها، إذ طالب المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان «توماس ويست» الإثنين 23 مايو 2022، الحركة – خلال لقائه وزير خارجيتها أمير خان متقي بالعاصمة القطرية الدوحة، برفع القيود المتشددة المفروضة على النساء والفتيات.
ورهن المبعوث الأمريكي إلى افغانستان، إحراز تقدم في تطبيع العلاقات بين واشنطن وكابول، بمنح النساء حريتهن، كما انتقدت مجموعة السبع القيود المتزايدة التي تفرضها الحركة على النساء، والتي ستؤدي إلى عزل البلاد عن المجتمع الدولي.
ومن جهته أعرب الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش»، عن قلقه بشأن قرارات «طالبان» بحق النساء، وكذلك كان موقف جمعيات حقوق الإنسان الدولية؛ الأمر الذي ينذر بإرجاء الاعتراف الدولي بشرعية حكم «طالبان» المُؤجَّل منذ أغسطس 2021؛ حيث لم تعترف بحكومتها أي دولة رغم التواصل المباشر معها، كما أن الحركة لا تزال مصنفة من قبل أطراف دولية عديدة على أنها تنظيم إرهابي. وإذا استمرت السياسات القسرية «لطالبان» تجاه المجتمع الأفغاني، فإن العزلة السياسية الدولية المفروضة عليها ستستمر.
انهيار محتمل
يؤكد مراقبون للشأن الأفغاني، أنه اذا استمرت ممارسات حركة طالبان الانتقامية والقمعية ضد كل فئات المجتمع في ظل العزلة الدولية المفروضة عليها، فإن ذلك سيؤدي إلى انهيار أمني وسياسي بالبلاد؛ لذا قد تلجأ المؤسسات الدولية – وخاصة الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية – إلى ممارسة ضغوط مكثفة على الحركة لرفع القيود المجتمعية وتنفيذ تعهداتها السابقة بتشكيل حكومة وطنية، واحترام حقوق المرأة والإنسان وحرية التعبير، على اعتبار أن انهيار أفغانستان سيؤثر سلبًا على الأمن بمنطقة آسيا الوسطى والشرق الأوسط، وسيؤدي إلى عودة الاقتتال بين التنظيمات الإرهابية الموجودة بها، وهو ما يجب منعه.





