ad a b
ad ad ad

غامض ومجهول.. مستقبل ليبيا في ظل الخلافات بين حكومتي الدبيبة وباشاغا

الثلاثاء 31/مايو/2022 - 08:23 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
تحاول القوى السياسية في ليبيا الوصول إلى حل توافقي يرضي الجميع، ويؤدي إلى خروج البلاد من النفق المظلم الذي دخلته منذ الإطاحة بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وذلك عبر العديد من الاجتماعات، ولعل آخرها اجتماعات اللجنة المشتركة للمسار الدستوري التي احتضنتها القاهرة 15 : 20 مايو 2022، وتوصلت إلى توافقات بين مجلسي النواب والدولة حول 137 مادة من إجمالي 197 مادة يتشكل منها مشروع الدستور المعد من قبل الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور في يوليو 2017، والتي تنظم الحقوق والحريات والسلطات الثلاث في الدولة، ما يمثل تطورًا مهمًا في مسار المشهد السياسي الليبي، على الرغم من الصراع القائم بين حكومتي فتحي باشاغا وعبدالحميد الدبيبة.

التوافقات الأخيرة بشأن المسار الدستوري جاءت بعد فشل محاولة فتحي باشاغا، رئيس الحكومة الليبية الجديدة، الدخول للعاصمة طرابلس، بسبب اندلاع مواجهات عنيفة بين القوات الموالية له، وتلك التابعة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية المقالة، عبدالحميد الدبيبة، كما شهدت الفترة الأخيرة تحركات مكثفة للدبيبة، في محاولة منه لحشد موقف داعم له يسمح له بالبقاء في السلطة لحين إجراء الانتخابات، والتي يبدو أنها لا تزال تواجه حالة من التأجيل غير المنظور. 

التطورات الأخيرة، لها العديد من الدلالات المهمة أبرزها استمرار خلافات المسار الدستوري، إذ لا يزال هناك نحو 57 مادة تنتظر الحسم خلال الجولة الثالثة والتي يتوقع إجراؤها في يونيو 2022، وتمثل النقاط المؤجلة محور الخلاف الرئيسي بين أعضاء اللجنة المشتركة، ما يعني أنه لا تزال هناك صعوبة وشكوك حول إمكانية التوصل إلى تفاهمات بشأنها، إذ تتعلق هذه المواد بمركزية الدولة، وصلاحيات الرئيس، والشروط الواجب توافرها في المرشحين لهذا المنصب، تمهيدًا لعرضه على مجلسي النواب والدولة لإقراره، وعرضه على الاستفتاء الشعبي.

عكست التوافقات الأخيرة التي شهدتها اجتماعات القاهرة بين مجلسي النواب والدولة وجود مؤشرات مهمة بشأن احتمالية إنهاء الخلافات القائمة بينهما، وربما يدفع هذا التوافق بعض القوى الدولية لإعلان دعمها لحكومة باشاغا، وهو ما يقلق الدبيبة كثيرًا، ويدفعه لمحاولة صياغة ترتيبات مضادة، لذا تردد أنباء حول محاولات يقوم بها رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، للتوصل إلى تفاهمات مع رئيس مجلس الدولة الاستشاري، خالد المشري، ورجحت هذه الأنباء أن تكون هذه قد انطوت على مطالب تقدم بها المشري كشروط مسبقة لدعم حكومة باشاغا، منها إجراء بعض التغييرات على تشكيلة حكومة باشاغا الحالية.

فشل باشاغا في الدخول إلى العاصمة طرابلس أدى إلى انخفاض مستويات الدعم الداخلي والخارجي له، مقابل تعزيز وضعية الدبيبة، خاصة إذا نجح في القيام بزيارة إلى الولايات المتحدة، فضلًا عن الدعم الجزائري الراهن لحكومة الدبيبة، خاصةً مع الاتفاقيات الأخيرة التي تم إبرامها مع الجزائر، والتي تضمنت اتفاقية الطاقة الجديدة بين شركتي جيكول الليبية والشركة الوطنية الجزائرية للكهرباء، فضلًا عن اتفاقية الغاز الموقعة بين شركتي النفط الليبية وشركة سوناطراك الجزائرية.

كما تعكس مؤشرات التفاهم الأخيرة بين مجلسي النواب والدولة، فضلًا عن الزيارة المرتقبة لرئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، لتركيا، وجود محاولات للحفاظ على التوافق بين الشرق والغرب، والذي تجلى في السابق في انتخاب باشاغا. 

في المقابل، يتحسب الدبيبة لهذه التحركات من خلال الخطة التي طرحها وزير الداخلية بحكومته، اللواء خالد مازن، والتي تستهدف إعادة دمج الميليشيات المسلحة الموجودة في غرب ليبيا وحصر السلاح المنتشر هناك، في خطوة يبدو أنه يستهدف من خلالها تعزيز هيمنته على غرب ليبيا وتجنب تكرار محاولة باشاغا دخول العاصمة، أو حصوله على أي دعم من المجموعات العسكرية الموجودة هناك.

كما تجري محاولات بين بعض الأطراف الداخلية والخارجية لتشكيل حكومة ليبية جديدة، تنهي عمل الحكومتين المتنافستين، بعدما باتت الأمور تسير نحو حالة من الانقسامات السياسية الحادة في البلاد، ولاقت هذه الفكرة دعمًا من جانب بعض الأطراف الداخلية، لعل أبرزهم المشري، فضلًا عن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، والذي كان قد طرح مبادرة خلال الأسابيع الأخيرة لمحاولة تشكيل حكومة مصغرة برئاسته، تكون عوضًا عن حكومتي باشاغا والدبيبة. 

"