الاحتجاجات والإضرابات.. مسلسل مستمر في عهد الملالي
ما زالت الاحتجاجات تضرب النظام الإيراني بقوة، إذ لا يمر سوي أيام قليلة وينضم محتجون جدد من فئة مختلفة إلى قائمة الرافضين لسياسات النظام الحاكم الذي تسبب في تدهور أوضاعهم المعيشية والاقتصادية جراء فشله في إدارة شؤون البلاد، وتسبب العقوبات الأمريكية في انهيار الاقتصاد الإيراني والعملة المحلية، ورفض المرشد الأعلى «علي خامنئي» والرئيس الإيراني «إبراهيم رئيسي» وعدد من مسؤولي النظام، التوصل إلى حل بشأن إحياء مفاوضات الاتفاق النووي في فيينا.
إضراب السائقين والمزارعين
يأتي هذا في سياق، خروج عدد من سائقي الشاحنات في مدينة كرمانشاه غرب إيران، في احتجاجات 4 أبريل 2022، للمطالبة بزيادة رواتبهم وتعديل قانون العمل وللاحتجاج على التوزيع غير العادل للوقود بالسعر الحكومي، وظروف العمل الصعبة، هذا بالإضافة إلى إضراب نظمه سائقو الشاحنات في مدينة بل دختر، غربي إيران، للمناداة بالمطالب ذاتها، وفقًا لما أعلنته وسائل إعلام إيرانية.
وفي الوقت ذاته، خرج عدد من المزارعين في احتجاجات أمام المحكمة بمدينة أصفهان وسط إيران، بسبب قطع حصص المياه وتدهور ظروف الزراعة، وناشدوا النظام الحاكم بضرورة محاكاة محافظ أصفهان والمسؤولين الموالين له، لتسببهم في جفاف نهر «زاينده رود».
ومن الجدير بالذكر أن احتجاجات الفلاحين لم تكن الأولى، إذ خرج المزارعون خلال السنوات القليلة الماضية في احتجاجات جمة لمناشدة نظام ولاية الفقيه بتحقيق المطالب ذاتها، ولكن في كل مرة تقابل تلك الاحتجاجات بهجوم من قبل القوات الأمنية وينجم عنها أيضًا بعض الإصابات.
وتجدر الإشارة أن الاحتجاجات في جميع أرجاء
الجمهورية الإيرانية تزايدت بشكل كبير في عهد «رئيسي» الذي تولي منصبه في أغسطس
2021، وكان قد تعهد بالقضاء على الفقر وتحسين
أحوال المواطنين المعيشية، وظروف البلاد الاقتصادية، ورغم ذلك فإنه حتى الآن، لم
يقم «رئيسي» بتحقيق أي من وعوده هذه بل تدهورت أوضاع البلاد أكثر وأكثر، والسبب
الرئيس في ذلك، هو تعطل مفاوضات فيينا النووية حتى الآن، ورفض كل من واشنطن وإيران
الجلوس على طاولة المفاوضات والاستجابة لمطالب كلٍ منهما، إذ تطالب الإدارة الأمريكية، إيران بضرورة التوقف عن أعمالها التخريبية بدول المنطقة حتى
تقوم برفع العقوبات الاقتصادية عنها.
ظاهرة يومية
وحول تداعيات تلك الاحتجاجات المستمرة،
أوضح الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني «أسامة الهتيمي» ليس من المبالغة القول
بأن الاحتجاجات والتظاهرات باتت ظاهرة يومية في إيران ترتدي في أغلب الأوقات ثوبًا فئويًّا، غير أنها وفي لحظات خاصة تتحول إلى احتجاجات شعبية عامة وعارمة، كتلك التي تكررت خلال
السنوات الأخيرة، وشملت كل محافظات إيران تقريبًا، وأسفرت عن مقتل وإصابة المئات من المتظاهرين
في مصادمات مع الأجهزة الأمنية، فضلًا عن اعتقال آلاف آخرين.
ولفت «الهتيمي» في تصريح خاص
لـ«المرجع» أن الاحتجاجات الفئوية كالمعلمين والسائقين والمزارعين وعمال المصانع تأتي
كمحاولة من قبل كل مجموعة تستشعر الإهمال وعدم الاستجابة لمطالبهم للالتفاف على تربص
النظام بالناقمين عليه، إذ يؤثرون أن تتخذ احتجاجاتهم على سوء الإدارة والتخبط الحكومي والفساد المستشري وارتفاع الأسعار وتراجع المستوى
المعيشي حتى لا يمنحوا النظام فرصة لاتهام هؤلاء بأنهم مدفوعون من قبل جهات معينة لأهداف
سياسية بعينها، وإن كان ذلك لم يمنع البعض أيضًا من أن يصبغوا احتجاجاتهم بصبغة سياسة
ارتفع فيها سقف الشعارات إلى حد تمزيق صور خامنئي وحرق تمثال الخميني والمطالبة بإسقاط
النظام.
وأضاف أن كل المؤشرات تشير إلى بقاء واستمرار وتجدد ظاهرة الاحتجاجات الفئوية بل والسياسية العامة أيضًا، إذ ليس من المرجح أن ينجح النظام الإيراني بما هو عليه الآن في معالجة المطالب الفئوية الاقتصادية من ناحية، كما أنه غير مستعد بالمرة أن يمنح الشعب الإيراني بعضًا من حقوقه السياسية المشروعة من ناحية أخرى.





