ad a b
ad ad ad

مصير حركة النهضة بعد محاولة الانقلاب في تونس

الخميس 07/أبريل/2022 - 03:07 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
 كتبت حركة النهضة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان في تونس، نهايتها بأيديها بعد محاولتها الأخيرة الانقلاب على الشرعية، وعقد جلسة عامة من البرلمان المجمد في 25 يوليو 2021، حضرها عن بعد نحو 124 نائبًا من إجمالي 217، صادقوا خلالها على مشروع قانون يلغي الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي أكد بدوره أن تلك الخطوة بمثابة تآمر على أمن الدولة، واصفًا الجلسة العامة البرلمانية بمحاولة انقلاب فاشلة.

محاولة فاشلة للانقلاب 

وأكد الرئيس التونسي قيس سعيد فى كلمة بثتها الرئاسة التونسية عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل «فيس بوك»، أن اجتماع عدد من أعضاء مجلس النواب المعلقة أعماله عن بعد، محاولة فاشلة للانقلاب وتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، مشددًا على أنه سيتم ملاحقة هؤلاء جزائيًّا، وأن وزيرة العدل بادرت بفتح دعوى أمام النيابة العامة، قائلًا: «إن كانوا يريدون تقسيم البلاد وزرع الفتنة فنجوم السماء أقرب إليهم من ذلك، وما يقومون به الآن هو تآمر مفضوح على أمن الدولة».

وأعلن «سعيد» أن حلّ البرلمان جاء حفاظًا عن الدولة ومؤسساتها وحفاظًا على الشعب التونسي، واستنادًا للفصل 72 من الدستور، موجهًا حديثه للتونسيين: «لتأمنوا جميعًا لأن هناك مؤسسات للدولة قائمة وهناك شعب يحمي الدولة من هؤلاء الذين لهم فكرة الجماعة لا فكرة الدولة».

وتلقت خطوة الرئيس التونسي بحل البرلمان ترحيبًا من الشعب والمؤسسات والأحزاب، وسط مخاوف من احتمال لجوء جماعة الإخوان في البلاد إلى العنف.

استئصال ورم الإخوان 

واعتبر الكثيرون أن تلك الخطوة مهمة ضرورية وإن جاءت متأخرة إذ تعتبر آخر محطة من محطات استئصال ورم الإخوان من منظومة البلاد، فبذلك تطوي البلاد عشرية الإخوان السوداء، بعدما حولت البرلمان لأداة تنفذ الأجندات الخارجية، بالتنسيق مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية وبعض الدول المتحالفة معه.

ومن المؤكد أن حركة النهضة التونسية، وضعت نفسها في موقف لا تحسد عليه، من خلال دستورها الملغم الذي كتبته بأيديها، بعد محاولتها الإطاحة بمنظومة الدولة، بالرغم من فشلها في العديد من المرات، وأصبح قادتها وعلى رأسهم راشد الغنوشي، في انتظار التحقيق في فسادهم السياسي والاجتماعي، وخيانة الدولة، وجرائم الاغتيال التي شهددتها البلاد في العشرية السوداء التي تولى فيها الإخوان حكم البلاد، خصوصًا قضية اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، ومحاولات الاستقواء بالخارج.

حركة النهضة التونسية، التي خسرت تحدي المواجهة؛ وخرجت من المشهد النيابي، فضلًا عن انهيار ظهيرها الشعبي، أصبحت مهددة بانهيار ما تبقى في صفوف بعض تياراتها وأجنحتها، وذلك في ظل الانقسامات التي عصفت بها منذ 25 يوليو 2021 ولم تتوقف حتى قبل يومين فقط من قرار حل البرلمان بعد استقالة 9 من كتلة النهضة في البرلمان، بينهم القيادي البارز في الحركة سمير ديلو.

الرهان على المستحيل

حسابات النهضة التونسية، خانتها الدقة، بعد أن راهنت على الالتفاف الشعبي حولها مستفيدة من الجمود السياسي، ومن انصراف التونسيين عن الاهتمام بالشأن السياسي بشكل عام في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة، التي فاقمتها بشكل غير مسبوق الحرب الروسية - الأوكرانية، في ظل اهتراء قاعدتها الشعبية من جهة، وانشغال اللاعبين الدوليين والإقليميين الذين يمكن التعويل عليهم لمساندة مطالبها ومشاريعها بالحرب في أوكرانيا وتداعياتها الهائلة المنتظرة؛ ما لا يترك لملف مثل النهضة أو الوضع في تونس بشكل، مكاناً بين أولويات مكاتب ومؤسسات صناعة القرار في العواصم الغربية المؤثرة.

الخطأ الأكبر الذي ارتكبته حركة النهضة يتمثل في أنها أعادت كل الأوراق، بما فيها ورقة التشريع بعد حل البرلمان، إلى يد الرئيس قيس سعيد ففي ظل غياب البرلمان، فإن للرئيس وحده بفضل المراسيم الرئاسية، أو عبر المجالس القضائية والدستورية، والخبراء والفقهاء القانونيين والدستوريين؛ صلاحية تعديل القانون الانتخابي، والهيئة المستقلة للانتخابات، لتخليصهما من الشوائب المحتملة، سواءً كانت فصولًا أو شخصيات.

أما إذا اعتمد الرئيس التونسي على خطة عمله الأساسية، فإن التداعيات على النهضة ومن ورائها على المشهد السياسي بشكل عام في البلاد، ستكون أعمق وأخطر، حيث إن «سعيد» يتمكن على عكس النهضة من العمل دون ضغوط للإعداد لانتخابات ديسمبر المقبل، وفق خريطة الطريق التي أعلنها سابقًا، وقبل ذلك الاستفتاء على تعديل الدستور نفسه، ما يحرم النهضة من شرعية العمل داخل مؤسسات الدولة الدستورية.
"