في ذكرى النصر على التنظم الإرهابي.. صحوة داعشية في العراق وتوتر سياسي بالبلاد
قبل أربع سنوات، أعلن العراق هزيمة ودحر تنظيم «داعش» الإرهابي، إلا أن السنوات التي تلت النصر العراقي شهدت المزيد من الهجمات الدموية التي شنتها خلايا وفلول «داعش» أودت بحياة المئات، في ظل مخاوف من صحوة داعشية، عبر الهجمات المتتالية التي تنفذ من عناصر التنظيم إضافة إلى سيطرة مؤقتة لأول مرة منذ 2017 على إحدى قرى كركوك، ما عزز المخاوف من إمكانية عودة التنظيم الإرهابي، خاصة مع إعلان بغداد انتهاء مهام التحالف الدولي وانسحابه.
تهديد خطير
ما زال تنظيم «داعش» الإرهابي، يشكل
تهديدًا خطيرًا لقوات الأمن والسكان العراقيين، إذ ينفذ خلايا التنظيم أنشطة إرهابية
في أجزاء كثيرة من البلاد، ويهاجم مسلحيها وحدات الجيش العراقي ومسؤولي حفظ النظام
والميليشيات الموالية للحكومة، بجانب تنظيمهم هجمات ضد المدنيين واختطافهم الأشخاص
وتدمير البنية التحتية للدولة.
وبهجمات متتالية، يحافظ تنظيم «داعش»
على وجودٍ سريٍ كبير في العراق وسوريا، ويشكل خطرًا مستمرًا على جانبي الحدود بين البلدين،
مع امتداد فلوله على الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقًا، حيث قدّر تقرير صادر عن
الأمم المتحدة، بأن تنظيم لا يزال يحتفظ بما مجموعه 10 آلاف مقاتل نشط في البلدين الجارين.
وشنت خلايا داعش، مئات الهجمات وسط البلاد
وشمالها، وبلغت أحيانًا قلب بغداد، حيث عاد التنظيم إلى أسلوبه القديم في التخفي وشن
الهجمات الخاطفة على طريقة حرب العصابات، حيث ركّز التنظيم الإرهابي خلال الشهرين
الماضيين، عملياته على 3 مناطق رئيسية، هي الحزام الشمالي الشرقي من بغداد، إلى جانب
مناطق في محافظتي كركوك ونينوى، مستفيدًا من الفراغ الأمني هناك، ومثيرًا للحساسيات الطائفية
والقومية في المنطقة.
وفي مطلع يسمبر 2021، شنت خلايا
وفلول التنظيم الإرهابي، هجمات دامية على قوات البيشمركة الكردية، في قضاء مخمور
جنوب أربيل، وأسفر عن مقتل 13 شخصًا من بينهم 10 جنود، حيث سيطر مسلحو «داعش» على قرية
«لهيبان» بقضاء الدبس في محافظة كركوك، شمال العراق لوقت مؤقت، قبل أن تتمكن قوات النخبة
في الداخلية ومقاتلو البيشمركة، من استعادة السيطرة على القرية، رغم أن المسلحين فخخوا
بعض المنازل بعبوات ناسفة.
مخاوف عراقية
وأعلن العراق الخميس 9 ديسمبر
الجاري، انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف وانسحابه من أراضيه، ما عزز مخاوف عراقية
من أن يعزز ذلك قوة «داعش»، حيث قال «قاسم الأعرجي» مستشار الأمن القومي العراقي، في
تصريحات صحفية، إن علاقة العراق مع التحالف الدولي ستستمر في مجال التدريب والاستشارة
والتمكين.
ووفق تقدير المرصد الشهري للتطورات في
العراق الذي يعده معهد الشرق الأوسط في موسكو، فإن العمليات العسكرية والخاصة ضد مسلحي
التنظيم الإرهابي، تُظهر أن القدرة القتالية للجيش العراقي والميليشيات الشيعية، وكذلك
قوات البيشمركة، على الرغم من التقدم الملحوظ في أدائها، ليست عالية بما يكفي، كما
أن استمرار المواجهة المحتدمة بين مختلف الجماعات السياسية، والعشائر وفي القيادة العراقية
يؤثر سلبًا على الوضع في القوات المسلحة وهياكل السلطة الأخرى.
وعن تعافي التنظيم الإرهابي وصحوته
في العراق وتحديدًا الحدود السورية العراقية، حذّر «جون جودفري» القائم بأعمال المبعوث
الأمريكي الخاص للتحالف الدولي ضد داعش، من أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في العراق
وسوريا يسمح للتنظيم الإرهابي بالتعافي، حيث قال: «هناك شيء واحد سمعته باستمرار في
كل من العراق وسوريا وهو أن الفقر وعدم المساواة والظلم يستمران في دفع العديد من الشباب
للانضمام إلى الجماعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم داعش، كما أن التنظيم الإرهابي
يسعى بنشاط لاستخدام هذا الوضع الاقتصادي لإعادة تواجده أو محاولة إعادة تواجده في
المناطق الأكثر تضررًا من الانكماش الاقتصادي».
توتر سياسي
في 10 ديسمبر 2017، أعلن رئيس الوزراء
العراقي آنذاك حيدر العبادي، سيطرة قوات الجيش بشكلٍ كاملٍ على الحدود السورية العراقية،
مؤكدًا انتهاء الحرب ضد «داعش»، حيث وجّه رئيس الحكومة «مصطفى الكاظمي»، بمناسبة مرور
4 سنوات على هزيمة التنظيم، التحية لقوات الجيش التي حررّت الأرض وأنجزت النصر،
قائلًا: «نهنئ أبناء شعبنا وقواتنا الأمنية البطلة بالذكرى الرابعة لإعلان النصر على
عصابات داعش الإرهابية.. سلامًا للدماء الزكية التي حررت الأرض ووحدت العراقيين وأنجزت
النصر، لن نتساهل مع من يحاول زعزعة أمن مواطنينا واختطاف كرامتهم وسنواصل زخم الانتصار
على هذا التنظيم الظلامي واقتلاع جذوره».
ويأتي التخوّف العراقي من الصحوة
الداعشية، في الوقت الذي يظهر فيه توتر سياسي على الساحة العراقية مع استمرار الجدل
بشأن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة والخلافات المتصاعدة بشأن الحكومة الجديدة
وذلك بالتزامن مع مخاوف أمنية تتمثل في إمكانية عودة تنظيم داعش الإرهابي للظهور في
بعض المناطق، حيث كررت الفصائل المسلحة والأحزاب التي سجلت تراجعًا كبيرًا في الانتخابات
التشريعية، مطالباتها بإلغاء نتائج هذا الاستحقاق الذي أجري في العاشر من أكتوبر الماضي،
وجدد التيار الصدري تحذيره من إلغاء النتائج، التي أظهرت تصدره لأعداد المقاعد النيابية،
عبر حيازته على 73 مقعدًا.
للمزيد: «داعش» يوطد وجوده في الصحراء
ودعوات عراقية لبقاء القوات الأمريكية





