ad a b
ad ad ad

الميليشيات المدنية في مكافحة الإرهاب.. قنبلة موقوتة بالقارة السمراء

الجمعة 29/أكتوبر/2021 - 01:35 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
نهش الإرهاب القارة الإفريقية، على مدار السنوات الماضية، مستغلًا ضعف الأنظمة السياسية في كثير من دول القارة السمراء وقدرة التنظيمات الإرهابية على نشر أفكارها المدمرة بين الفقراء والكادحين الغاضبين خصوصًا أنها تقدم إغراءات مادية لاستقطابهم.

كما تضرب التنظيمات الإرهابية على وتر النزاع العرقي والصراعات الطائفية في الدول الأفريقية، خاصة مع تنامي غضب الطائفة المسلمة في البلاد من انتهاكات قوات الأمن، والاحتقان المترسخ في أذهان أفرادها من الممارسات العنصرية ضدهم، بجانب ارتفاع نسب البطالة.

كما أسهمت حالة الفوضى التى أثارتها الجماعات الإرهابية بأفريقيا في تسهيل التدخلات الأجنبية تحت ذرائع مكافحة الإرهاب واستعادة الاستقرار مما كان له تداعيات خطيرة على الدول والمجتمعات الأفريقية.

هشاشة الوضع الأمني في كثير من الدول الأفريقية ولعل أبرزها الصومال ومالي وموزبيق والكاميرون نيجيريا، كانت دافعًا لظهور الميليشيات المدنية التي باتت تلعب دورًا حيويًّا في مكافحة الإرهاب في دول الساحل الأفريقي، ولكنها في الوقت نفسه تحولت إلى قنبلة إذ تهدد بنشوب حروب أهلية؛ ولاسيما مع فساد وضعف مؤسسات الدولة الرسمية، والتي ظهرت بسبب الأنظمة العسكرية القمعية، وكانت مهمتها في البداية حماية الأحياء والقرى من اللصوص بسبب الاتهامات التي تلاحق الشرطة بالفساد، وغير قادرة على مواجهة الجريمة.
الميليشيات المدنية
ومع تطور الوقت وفشل القوات الحكومية في مكافحة التنظيمات والجماعات الإرهابية، قررت الميليشيات المدنية التعاون من قوات الجيش والشرطة في مكافحة الإرهاب حيث يتم تشكيل لجان شعبية للبحث والتحري والقبض على المشتبه فيهم وتسليمهم إلى السلطات ليكونوا بمثابة عين وأذن ويد القوات النظامية.

الميليشيات المدنية استفادت في بعض الدول الأفريقية من الدعوات إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، كرد فعل شعبي على فشل الحكومة والإفلاس الأخلاقي، وعلى سبيل المثال، مؤسسة الحسبة، وحراس الأدغال في نيجيريا، وصيادو الدوزو في بوركينا فاسو وميليشيات كاماجور في سيراليون ورماة السهام في تيسو أو حراس الوطن بحماية القرى ضد هجمات جيش الرب للمقاومة بقيادة جوزيف كوني في أوغندا.

وينضم الشباب لهذه الميليشيات بدوافع شخصية إذ أكدت دراسة بحثية أن أكثر من 70% من أعضاء الميليشيات الشعبية فقدوا صديقًا أو قريبًا بسبب الهجمات الإرهابية وكانوا مدفوعين بهذا الإحساس بالخسارة.
الميليشيات المدنية
يتم استخدام الميليشيات المدنية بشكل بارز في مالي وبوركينا فاسو، وفي غرب أفريقيا نجد الكاميرون ونيجيريا، حيث إنها تمثل استجابة عملية لنقص القدرات في قوات الأمن الوطني، كما أنهم يعرفون التضاريس أفضل وتكلفتهم أقل من الجنود المحترفين، ويمكن أن يؤدي العمل مع الميليشيات إلى تجنب الحاجة إلى تجنيد المزيد من الجنود النظاميين، ويمكن كذلك للميليشيات في بعض الأحيان أن تستجيب بسرعة للتهديدات الناشئة.

وأبرز المخاطر التي تهدد دول القارة السمراء من الاعتماد على الميليشيات المدنية هو تفاقم التوترات العرقية والطائفية، إذ تقوم هذه الجماعات بالدفاع عن قراهم فقط، ويستخدمون أحيانًا سلطاتهم لتصفية حساباتهم الشخصية.

 ففي بوركينا فاسو، على سبيل المثال، يحمي صيادو الدوزو مصالح قبائل ديولا في الغرب وكوجلو يوغو مصالح الموسي في الوسط والشمال حيث تنشط حركة أنصار الإسلام الإرهابية.

وكما تعرض مربو الماشية من الفولاني في كل من مالي وبوركينا فاسو للاتهام بموالاة الحركات الإرهابية ومساعدتهم في عمليات التعبئة والتجنيد لصالحها؛ نتيجة المذابح التي ارتكبتها الميليشيات المحلية بحقهم.

 لقد تم إنشاء ميليشيا دوغون في ديسمبر 2016، استجابة لانعدام الأمن الذي اُبتليت به مناطق وسط مالي، وكان هدفها المعلن حماية مجتمع الدوغون من هجمات الجماعات الجهادية العنيفة، وهم خارج سلطة الدولة، وعادة ما تستهدف هذه الميليشيات معسكرات الفولاني، وكذلك نزعة مجموعات الدفاع المدني إلى سوء التصرف بحيث تصبح تهديدًا للمجتمعات التي كان من المتوقع أن تقوم بحمايتها، كما أنها تزيد من استهداف المدنيين، نتيجة الأعمال الانتقامية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية.

وارتبط اسم الحراس المحليين مؤخرًا في دول غرب أفريقيا مثل نيجيريا وسيراليون، بالانتقام السياسي والعنف الطائفي والابتزاز والقتل العشوائي وأنواع أخرى من الجرائم، وذلك، لتحقيق أهداف خاصة فئوية لصالح النخب السياسية. 

يشار إلى أن الميليشيات المدنية تتكون بشكل رئيسي من المدنيين، ومعظمهم من الشباب الذين يقومون بمهام استخباراتية وأدوار قتالية محدودة وهم في العادة يقدمون مجموعة من الأدوار السياسية، بما في ذلك توفير خدمات للنظام الحاكم، والمساعدة في تسوية المنازعات. 
"