تجديد الخطاب الديني.. الجزائر تمنع تصدير الإرهاب
الجمعة 29/أكتوبر/2021 - 11:34 ص
دعاء إمام
لا يخفى على أحد ما عاشته الجزائر من تطرف وإرهاب خلال العشرية السوداء في تسعينيات القرن الماضي، لكن البلاد شهدت نوعًا من التغير في طبيعة التطرف، إذ كان الإرهاب في التسعينيات بشكل معين يختلف عن الخطاب المتداول بعد الربيع العربي، والذي أخذ سمات جديدة باعتماده على منصات التواصل الاجتماعي؛ الأمر الذي دفع المسؤولين للتوجيه بتجديد الخطاب الديني وأحكام السيطرة على المساجد.
الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى، بوزيد بومدين
وأفاد الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى، بوزيد بومدين أن الدولة الجزائرية تريد أن تجعل من جامع الجزائر الأعظم رمزًا دينيًّا دبلوماسيًّا وروحيًّا، لكي يكون استقطابًا إفريقيًّا للمستعربين والمستشرقين الجدد في أوروبا.
ليست المرة الأولى التي تناقش الجزائر تجديد الخطاب الديني؛ شهد عام 2017 مشاورات تفيد بأن البلاد بصدد إصلاح مرتقب يعتمد أساسًا على اجتثاث التوظيف الأيديولوجي في الخطاب الديني وينبع من الثقافة الوطنية الأصيلة، بهدف محاربة الإرهاب والتطرف الديني.
وأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية قبل 4 سنوات وجود لجنة تعمل بالتنسيق مع المصالح المعنية لمراقبة الكتاب الديني، ومتابعة مصالح التفتيش للكتب داخل المساجد بصفة دورية ومستمرة؛ رغبة في العودة إلى نسخة جزائرية أصيلة من الإسلام، بعيدًا عن تأثيرات الطوائف المختلفة التي يراها دخيلة على المجتمع الجزائري.
تفكيك التطرف
إلى جانب تجديد الخطاب الديني، واجهت الجزائر التطرف الافتراضي من خلال هيكلة جهاز الشرطة، وإيجاد آليات تواصل بين الشرطة والمواطنين بهدف استعادة الثقة الشعبية في هذا الجهاز، وركزت الشرطة الجزائرية جهدها على حماية الشباب من الفكر المتطرف من خلال رصد وتحديد مصادر التطرف، وعزل الجماعات الراديكالية، ومحاولة السيطرة على الأفكار المتطرفة لا سيما في الفضاء الافتراضي.
كما طالبت الجزائر بصياغة ميثاق دولي يضبط ويُقنّن النشر في وسائل التواصل الاجتماعي حتى لا يستخدمها الإرهابيون كمنبر لنشر أفكارهم، ولهذا طورت الشرطة الجزائرية قدراتها في مجال مراقبة التكنولوجيا الرقمية والإنترنت، فقامت بتدريب فرق متخصصة لملاحقة المتطرفين على شبكة الإنترنت، ومراقبة كل ما ينشر من بيانات ومعلومات يمكن أن توجه الرأي العام من الشباب، بالإضافة إلى منع الإرهابيين من تجنيد عناصر جديدة من خلال قطع أي صلة لهم بالأحياء الشعبية.
وبحسب دراسة بعنوان «الدرس الجزائري في مواجهة التطرف والإرهاب» تم سحب الكتب التي تحض على العنف والتطرف، وتجفيف مصادر الدعاية الإرهابية والتطرف، وإقامة دراسات بحثية متخصصة لمعرفة العوامل النفسية التي تحفز الأفراد على الانضمام إلى الجماعات الإرهابية لا سيما شباب الأحياء الفقيرة باعتبار أكثرهم انكشافًا وتأثرًا بالدعاية الإرهابية والراديكالية.
وتعتمد الرؤية الجزائرية على ضرورة إعادة الاعتبار إلى المرجعية الدينية وقيم الوسطية والاعتدال والتسامح، والحفاظ على التراث الثقافي للبلد من الأفكار الهدّامة، مع ضرورة استرجاع المساجد من المتعصبين والتكفيريين، وإعادة تعريف الدور التربوي والاجتماعي لدور العبادة الدينية، ومنع إلقاء الخطب المتطرفة والتحريضية في صلاة الجمعة، وحظر كل نشاط يروج للفكر المتطرف ويحّض على العنف.
كما قررت الدولة تنظيم الفتوى الدينية في الجزائر بقصد محاربة كل تفسير خاطئ للتراث الإسلامي؛ حيث سيتم استحداث مرصد وطني لمحاربة التطرف الديني، مُهمته مناقشة الظواهر ذات الصلة بالتطرف الديني، إلى جانب اقتراح الحلول وتزويد صنّاع القرار بالتوصيات الملائمة في هذا المجال.





