يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

أسامة الهتيمي: المصالحة العربية «العمود الفقري» لمواجهة المشروع الإيراني في المنطقة

الأحد 31/أكتوبر/2021 - 10:46 ص
المرجع
إسلام محمد
طباعة
أكد أسامة الهتيمي، الكاتب المصري المختص في الشؤون الإيرانية، أن طهران تسعى إلى حصر النقاشات في المفاوضات مع الغرب حول العودة للاتفاق النووي دون التطرق إلى قضايا أخرى لم يتضمنها الاتفاق، مثل الحديث عن الحد من التدخلات الإيرانية في بعض الدول، أو البرنامج الصاروخي الباليستي.

وقال الهتيمي فى حوار مع «المرجع» إن إيران تبذل ما في وسعها لتقوية موقفها التفاوضي للحدِّ الذي يحقق لها أكبر قدر من المكاسب، ويحفظ ماء وجه النظام أمام الشعب الذي عانى ولم يزل نتيجة سياسات هذا النظام.

وتطرق الكاتب إلى العديد من الجوانب المهمة فى أزمات إيران الداخلية والخارجية، فإلى نص الحوار:

بداية.. حدثنا عن أبعاد الموقف الايراني المتعنت من مفاوضات فيينا.

في ظني أن المفاوض الإيراني لم يذهب إلى فيينا إلا وقد حدد ما يريده بالضبط، فهو يريد أولًا أن يتم رفع العقوبات الاقتصادية التي تم استئنافها منذ أغسطس عام 2018م وبعد ثلاثة أشهر من إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الذي أبرم في 2015، انطلاقًا من فكرة أن إيران أوفت بالتزامها كاملة، وفق ما جاء في الاتفاق، وأن واشنطن هي من أخلت بالاتفاق وانسحبت منه، ومن ثم فإن استئناف العقوبات لم يكن له أي مبرر الأمر الذي يحتم على واشنطن التراجع عنه.

كما تسعى طهران ثانيًا إلى إقناع أطراف مفاوضات فيينا بأن تنحصر النقاشات حول العودة للاتفاق النووي دون التطرق إلى قضايا أخرى لم يتضمنها الاتفاق، مثل الحديث عن الحدِّ من التدخلات الإيرانية في بعض دول الإقليم أو البرنامج الصاروخي الباليستي، وهما الملفان اللذان ربما ترى طهران أنهما خطان أحمران لا مجال للتفاوض حولهما.

وبناءً على ما سبق فإن طهران تبذل ما في وسعها لتقوية موقفها التفاوضي للحدِّ الذي يحقق لها أكبر قدر من المكاسب، ويحفظ ماء وجه النظام أمام الشعب الإيراني الذي عانى ولم يزل نتيجة سياسات هذا النظام.

هل يمكن أن تحقق طهران اختراقًا نوويًّا على حين غرة؟

إن كان المقصود بالاختراق هنا حصول إيران على ما يجعلها عضوًا في النادي النووي، وامتلاك السلاح النووي، ففي ظني أن طهران حريصة على أن لا تفعل ذلك في الوقت الراهن، فهي تدرك خطورة هذه المغامرة، وأن الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها لن يسمحوا لها بذلك لسبب بسيط هو أن ذلك يتعارض مع الدور الوظيفي المنوطة به إيران في المنطقة، والذي لا يزال حتى اللحظة هو المحدد الرئيسى للاستراتيجية الأمريكية، وربما الغربية في التعاطي مع إيران، وبالتالي فإن تجاوز طهران هذه الخطوط يعني تحول في هذه الاستراتيجية، وانتقال الصراع إلى حالة أخرى سيكون لها تداعيات خطيرة على الوضع الإيراني.

كيف سيكون رد فعل واشنطن حينها؟

أعتقد أن واشنطن تتحسب بشكل جيد لمثل هذا الاحتمال، وتعمل بشكل دؤوب على عدم تحققه، خاصة أن هناك طرفًا ثالثًا «إسرائيل» يرصد بشكل دقيق التطورات الحادثة في هذا الصدد، وربما رسم خطوطًا محددة سيكون الاقتراب منها تفجيرًا للموقف، ودخول المنطقة برمتها في حالة حرب لا يسعى لها أي طرف لما لها من عواقب وخيمة على الجميع.

لماذا تراهن إدارة بايدن على المسار الدبلوماسي وحده مع إيران؟

لأنها باختصار لا تريد أن تخسر إيران كأحد أهم أوراق الابتزاز الأمريكي لدول الخليج العربي بشكل خاص.

إلى أي مدى نجحت طهران في تحييد أثر العقوبات الأمريكية؟

إيران ومنذ الثورة الخمينية، تعاني من الحصار والعقوبات وهو ما أكسب النظام الإيراني خبرة كبيرة في التعامل مع العقوبات والالتفاف عليها سواء عبر استغلال التناقضات والصراعات الدولية والإقليمية أو من خلال الاستقطاب الدولي والإقليمي أو عبر أشكال التحايل القانوني والتهريب وغيرها، الأمر الذي خفف من الآثار السلبية لهذه العقوبات لتضحى مؤلمة غير قاتلة.

ما الذي تغير في سياسة إيران الخارجية في عهد إبراهيم رئيسي؟

التغيرات الحادثة في سياسات إيران الخارجية عقب تولي إبراهيم رئيسي لم تكن مفاجئة، بل جاءت في سياق ما توقعه كل المتابعين للشأن الإيراني، حيث استمرار طهران في دعم وتأييد الميليشيات الولائية، والتصعيد على الجبهة اليمنية، والمماطلة في العودة لمفاوضات فيينا لكسب المزيد من الوقت للمارسة المزيد من الضغط على واشنطن.

هل يمكن أن تغير الاحتجاجات الشعبية في إيران من سياسة النظام؟

شهدت إيران العديد من الانتفاضات الشعبية، منها ما هو محصور في نطاق جغرافي، ومنها ما هو فئوي، ومنها ما اتسعت رقعته لتشمل أغلب محافظات إيران، لكن وفي مقابل القبضة الأمنية الحديدة فإن النظام الإيراني يتمكن كل مرة من إجهاض المحاولات الشعبية، الأمر الذي يرجح أن يتمكن النظام أيضًا خلال المدى القريب من مواصلة إفشال هذه الاحتجاجات.

برأيك ما تأثير المصالحة العربية على الدور الإيراني في المنطقة؟

المصالحة العربية هي العمود الفقري لمواجهة المشروع الإيراني في المنطقة الذي لا يمكن على الإطلاق مواجهته دون مشروع عربي موحد، فإذا ما تحققت هذه المصالحة وتم إنهاء حالة الاستقطاب داخل الصف العربي فإننا نكون قد خرجنا من النفق المظلم.
"