تمثل حركة «طالبان باكستان» تحديًا كبيرًا لحكومة إسلام أباد، فهي تقاتل القوات النظامية منذ سنوات دون أن يتمكن الجيش من القضاء عليها وإنهاء وجودها في منطقة القبائل شمال غرب البلاد، وهي المنطقة التي تتخذ منها الحركة مركزًا ومنطلقًا لعملياتها العسكرية ضد الأهداف الحكومية على وجه العموم، خاصة العسكرية منها.
وواجهت الحكومة الباكستانية بقيادة رئيس الوزراء عمران خان تحديًا أمنيًّا كبيرًا بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان وسيطرتها على العاصمة كابل، إذ شكل ذلك دافعًا كبيرًا للحركة الباكستانية التي تحمل الاسم نفسه، حيث صعدت عملياتها العسكرية بشكل لافت خلال الفترة الماضية.
ومع تزايد العمليات العسكرية التي تقف وراءها حركة «طالبان باكستان» حاولت الحكومة إعادتها إلى طاولة الحوار للتوصل إلى صيغة لوقف العنف.
وساعدت حركة طالبان الأفغانية، في التوسط بين الحركة الباكستانية وبين حكومة البلاد للتوصل إلى تسوية توقف العنف.
وقدمت الحكومة الباكستانية تعهدات رسمية على أعلى مستوى بالعفو عن مسلحي الحركة، إذا وضعوا السلاح وانخرطوا في تسوية سلمية مع الحكومة.
وتأمل الحكومة الباكستانية أن يتم التوصل إلى اتفاق مع الحركة بعيدًا عن الحلول العسكرية، لا سيما بعد التطورات الأخيرة في أفغانستان.
وجاءت تصريحات رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، على خلفية سيطرة حركة طالبان الأفغانية على كابل في منتصف أغسطس الماضي، ومنذ ذلك الحين تعيش البلاد حالة اضطراب، فيما تحث باكستان المجتمع الدولي باستمرار، على دعم الحكومة المشكلة حديثًا في محاولة لتجنب أزمة إنسانية قد تؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة.
وكثفت حركة طالبان باكستان وتيرة هجماتها داخل الأراضي الباكستانية، وعلى الحدود مع أفغانستان، منذ أن سيطرت نظيرتها الأفغانية على الحكم في كابل، الأمر الذي أثار قلق إسلام آباد، لا سيما أن الحركة رفضت عرض حكومة عمران خان التفاوض معها مقابل العفو لكن في النهاية توصلت الحكومة إلى تفاهم مؤقت مع الحركة على وقف إطلاق النار، وكذلك إطلاق مفاوضات سلام معها للتوصل إلى تسوية دائمة للصراع الممتد منذ سنوات.
ومن المبكر الحكم على جدوى تلك المباحثات، إذ حاول رئيس الوزراء الباكستاني الأسبق نواز شريف، إطلاق مثل تلك المفاوضات مع الحركة المسلحة لكن هذه الجهود فشلت فشلًا ذريعًا بسبب اشتعال المواجهات العنيفة بين الحركة وقوات الجيش.
وفي حال نجحت حكومة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في إبرام تقدم حقيقي في هذا الموضوع سيكون لهذا النجاح انعكاسات إيجابية كبيرة على الدولة الباكستانية وعلى العلاقة مع كابل وستفتح آفاقًا للتنمية في مناطق القبائل.