من «طالبان» إلى «داعش خراسان».. أفغانستان بين فكي «كماشة الإرهاب»
الخميس 02/سبتمبر/2021 - 11:21 ص

مصطفى كامل
بعد ظهور ما يسمى بتنظيم «داعش خراسان»، في أفغانستان بتبنيه بعض العمليات الأخيرة، والتي كان آخرها منذ أيام، تزايدت حدة الصراع بين حركة «طالبان» الأفغانية المهيمنة على مقاليد الأمور في البلاد الآن والتنظيم.

وكان «داعش»، تبنى الخميس 26 أغسطس 2021، هجومين استهدفا مطار كابول، ما أدى لمقتل وإصابة المئات من الأفغان المدنيين ومسلحين من حركة طالبان يتولون تأمين محيط المطار، كما قتل في الهجومين 13 عسكريًّا أمريكيًّا، وأصيب 18 آخرون، بينما حذرت أجهزة الاستخبارات الأمريكية، من أن هجومًا آخر أصبح وشيكًا.
فخار يكسر بعضه
ونشرت صحيفة «وول ستريت» الأمريكية، تقريرًا حول أسباب وكواليس وتداعيات الصراع بين حركة طالبان وتنظيم «داعش خراسان»، وانعكاسات ذلك على الوضع في أفغانستان وفي دول الجوار، وعلاقة الدول الكبرى بالحركة العائدة لحكم البلاد.
وأجرت الصحيفة الأمريكية حوارًا مع المدعو «أبوعمر الخراساني»، والذي كان يومًا ما زعيم «داعش» في أفغانستان، قبل يومين من إعدامه على أيدي مقاتلي طالبان، وقال خلال المقابلة: «سوف يطلقون سراحي إذا كانوا مسلمين صالحين»؛ حيث روى أنه انضم إلى التنظيم عندما بدأت عملياته في أفغانستان، ثم ترقّى وبات أميرًا للولاية التي تضم منطقة جنوب آسيا والشرق الأقصى، مشيرًا إلى أن هجمات داعش كثيراً ما أفادت طالبان، رغم ما بين التنظيمين من عداء.
واستشهد «أبوعمر الخراساني»، في إحدى عمليات التهريب من السجن، التي شهدتها مدينة جلال آباد، العام الماضي، وشارك فيها أربعة انتحاريين و11 مسلحًا تابعين لتنظيم داعش، إذ أُطلق خلال العملية سراح مئات السجناء من كل من طالبان وداعش.
والواضح أن «الخراساني» بنى تقييمه ذلك على أساس تعاهد الحركتين، كل منهما على حدة، على تخليص أفغانستان من الاحتلال الغربي، لكن عندما تمكن مقاتلو طالبان من دخول كابول في 15 أغسطس 2021، وسيطروا على السجن الذي كان يقبع فيه الخراساني، حرَّروا مئات السجناء، واختاروا إعدامه وثمانية أعضاء آخرين من تنظيمه.
وعن العداء بين الجماعتين، قال الخراسانى: «قيادة داعش مستقلة وأهداف داعش مستقلة، لدينا أجندة عالمية، لذلك عندما يسأل الناس من يمكنه حقًا تمثيل الإسلام والأمة الإسلامية برمتها فنحن بالطبع أكثر جذبًا وتحقيقًا لهذه الأهداف»، مشيرًا إلى أن الجميع دعم حركةَ طالبان في مواجهتها لنا بطريقة أو بأخرى. ولا يخفى على أحد لماذا بدأوا في الانتصار علينا.
ويقول مسؤولون عسكريون إن حركة طالبان، بمساعدة دول أخرى وقوات التحالف في بعض الأحيان، كانت هي الطرف الفائز في الحرب ضد داعش، فقد طُرد تنظيم «داعش خراسان» من معاقله في أفغانستان، وتفرَّق مقاتلوه بحثًا عن مخبأ لهم. وبدت المقاومة قليلة مع اجتياح «طالبان» للبلاد هذا الشهر قبيل انسحاب الولايات المتحدة المقرر من البلاد.

عمليات دموية
خلال السنوات الماضية أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن هجمات دموية في الداخل الأفغاني وباكستان، إذ كان من بين المستهدفين في العمليات التي يقوم بها مدنيون في مساجد ومستشفيات وأماكن العامة، إضافة إلى استهدافه المسلمين الذين تعتبرهم كفارًا، خصوصًا الشيعة.
وفي عام 2019، أعلن الجيش الأفغاني، بعد عمليات مشتركة مع الولايات المتحدة، لهزيمة «داعش» في ولاية ننغارهار شرق البلاد، إذ يعمل التنظيم الإرهابي وفقًا لتقديرات الولايات المتحدة منذ ذلك الحين من خلال خلاياه النائمة في المدن، من أجل شن هجمات كبيرة في وقت لاحق.
وعن عودة طالبان للحكم، انتقد تنظيم «داعش» بشدة الاتفاق الذي أبرم في فبراير 2020، بالدوحة بين واشنطن وطالبان، والذي نّص على انسحاب القوات الأمريكية والأجنبية من أفغانستان، متهمًا الحركة بالتراجع عما وصفها بـ«القضية الجهادية».
وعن استفادة «اعش» من الوضع في أفغانستان، أشار«مستر كيو»، وهو متخصص غربي في شؤون التنظيم الإرهابي، وينشر بحوثه على موقع التواصل «تويتر» تحت هذا الاسم المستعار، إلى 216 هجومًا نفذها التنظيم بين الأول من يناير و11 أغسطس 2021، مقارنة بـ34 هجومًا نفذها خلال الفترة نفسها من العام الماضي، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يجعل أفغانستان من أكثر ولايات داعش نشاطًا، وليس كل شيء مرتبطًا مباشرة بالانسحاب الأمريكي، لكن انتصار طالبان يوفّر متنفسًا للتنظيم الإرهابي؛ بحسب وكالة «فرانس برس».
بينما أقر «كولن كلارك»، مدير مركز «صوفان» للبحوث الجيوسياسية في نيويورك، بأن انهيار الجيش الأفغاني هو تذكير غريب بما رأيناه في العراق في العام 2011، قائلًا: «أخشى أن يتكرر الوضع في أفغانستان، مع تطور تنظيم داعش وانبعاث تنظيم القاعدة».