ad a b
ad ad ad

استغلال اليمين المتطرف لـ «كورونا» عبر مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الكراهية

السبت 14/أغسطس/2021 - 01:49 م
المرجع
محمد عبدالغفار
طباعة

سارعت الجماعات الإرهابية المتطرفة إلى العمل على الاستفادة من العالم الإلكتروني منذ ظهوره، وإن كان ذلك قد تم بصورة متفاوتة، بداية من المدونات الشخصية Blogger وانتهاءً بمواقع التواصل الاجتماعي، ويعد Tom Metzger أحد أشهر نماذج اليمين المتطرف في أمريكا، والذي أسس مجموعة White Aryan Resistance، والتي تعد مثالًا حيًا لبث الإرهاب الفكري عام 1985؟


استغلال اليمين المتطرف

لذا ظهر لدينا ما يعرف باسم الإرهاب الإلكتروني، والذي عرفه بعض الباحثين ومنهم الخبير فادي محمد بأنه عملية تتمثل في توظيف شبكة الإنترنت بكل وسائلها المختلفة، والخدمات الإلكترونية المرتبطة بها في نشر وبث واستقبال وإنشاء المواقع والخدمات التي تسهل عملية انتقال وترويج المواد الفكرية المغذية للتطرف الفكري؛ وخاصة المحرضة على العنف، وذلك أيًا ما كان الشخص أو الجماعة التي تتبنى وتشجع كل ما من شأنه توسيع دائرة ترويج مثل هذه الأفكار المتطرفة، لذا أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر تأثيرًا مباشرًا في الأمن القومي للمجتمعات واستقرارها.


وبالنظر إلى تعامل اليمين المتطرف مع العالم الإلكتروني نجد أنهم يتبعون منهجًا إقناعيًّا قويًا، يساهم في اعتناق الشباب والمستهدفين لهذه الأفكار المتطرفة، حتى يصبح عضوًا فعالًا في هذه الجماعات، ويساهم في تنفيذ أهدافها.


استغلال اليمين المتطرف

  اليمين المتطرف واستغلال أزمة كورونا إلكترونيًا


على الرغم من أن هناك تباينًا كبيرًا بين أفكار اليمين المتطرف؛ حيث تضم أنصار الفاشية من جهة والرجعية المحافظة من جهة أخرى، لكن E. Carter حاولت إيجاد مفهوم جامع لكلمة التطرف اليميني، حيث توصلت الباحثة إلى أن اليمين المتطرف هو إيديولوجية تشمل الاستبداد ومناهضة القيم الديمقراطية والقومية الإقصائية أو الكلية وتضم رهاب الأجانب والعنصرية والشعبوية كخصائص مصاحبة للمفهوم، أي أنها أفكار أقصى اليمين المتطرف وهي خليط من بعض أو كل الأفكار الفاشية أو القومية المتطرفة والنازية ومعاداة السامية ومناهضة الإسلام ومكافحة الهجرة.


وبالنظر إلى رؤية اليمين المتطرف إلى أزمة كورونا، نجد أنها تؤمن بأن الفيروس في حد ذاته غير مضر، وأن أسباب كثرة الوفيات تكمن في قوة إشعاعات الترددات الكهرومغناطيسية التي تصدر من أبراج الجيل الخامس 5G، حيث تعمل هذه الأبراج على سحب الأكسجين من الهواء، بالإضافة إلى أنها توجه بصورة عمدية لقتل شرائح محددة من السكان، كما رأت التنظيمات اليمينية المتطرفة أن قرارات الحظر على حركة المواطنين التي تم فرضها من قبل الحكومات هي جزء من جهد تدريجي لسلب حريات المواطنين سعيًا لإيجاد نظام عالمي جديد.


وانطلاقًا من هذه الفكرة، سارعت الجماعات اليمينية إلى استغلال وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة تيليجرام Telegram لاستغلال الخوف والفزع لدى المواطنين، حيث سارعت الجماعات اليمينية إلى الدعوة إلى أعمال العنف والشغب، وزيادة قوة التوترات العرقية، كما قامت هذه الجماعات بدعوة إلى تكنيز الإمدادات الطبية والتموينية لمنع بعض الجهات من الحصول على الغذاء اللازم لبقائهم أحياء خلال فترة الجائحة، ومن ضمنهم الأقليات العرقية.


كما وضع النازي تيموثي ويلسون، وهو من أشهر النازيين الجدد في المنتديات الإلكترونية، حيث قدم ويلسون نظريته حول كورونا عبر أحد المنتديات الإلكترونية، وتتمحور النظرية على أن فيروس كوفيد 19 تم تصميمه عبر اليهود للسيطرة على العالم، ثم خطط ويلسون لتفجير مستشفى عزل لمرضى فيروس كورونا في مدينة كنساس بالولايات المتحدة الأمريكية في مارس 2020، وهدف ويلسون وفقًا لما كتبه إلى «إيجاد فوضى كافة لإطلاق الثورة في البلاد».


وقدم معهد الحوار الاستراتيجي Institute for Strategic Dialogue بالشراكة مع BBC Click دراسة استقصائية في عام 2020 حول استغلال جماعات اليمين المتطرف لجائحة كورونا لترويج المعلومات الخاطئة عبر الإنترنت وخاصة عبر موقع فيسبوك Facebook، واستمر البحث خلال الفترة من يناير وحتى 12 أبريل 2020، وتم تجميع 150 ألف مشاركة على فيسبوك لأفراد منتمين لأقصى اليمين المتطرف.


واتضح أن الأفراد التابعين لتنظيم اليمين المتطرف يركزون في نقاشاتهم حول الهجرة والإسلام واليهود والشواذ والنخب، ومع زيادة عدد الوفيات جراء كورونا، ازداد اهتمام جماعات اليمين المتطرف بقضية النخبة، حيث تم اتهام النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية حول العالم في أنها تستخدم الفيروس كأداة للسيطرة على العالم، والتصفية العرقية لبعض الجهات.


كما توصلت الدراسة إلى أن جماعات اليمين المتطرف تستخدم فيسبوك في الترويج لبعض المواقع الإلكترونية محددة 34 موقعًا يتم استخدامها بكثرة لتأييد أفكار اليمين المتطرف حول الفيروس، وتوصلت الدراسة إلى أن حجم التفاعل مع هذه المشاركات وصل إلى 80 مليون تفاعل خلال فترة الدراسة مقارنة بـ6.2 مليون تفاعل لمنظمة الصحة العالمية، و6.4 مليون تفاعل للروابط الخاصة بمركز مكافحة الأمراض الأمريكي.


ويتضح أن التنظيمات اليمينية المتطرفة قد استغلت فترة بقاء المواطنين في منازلهم، والتي أعقبها كثرة استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي في التواصل بكثرة مع الأفراد، في محاولة لنشر أفكارهم المتطرفة حول الفيروس والتي تم استخدامها كمدخل لنشر أفكار أخرى حول مختلف القضايا ذات الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

 


"