يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

توغل وتجنيد وإرهاب محتمل.. «السلفية الجهادية» خطر يهدد ألمانيا

الأربعاء 15/سبتمبر/2021 - 08:25 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
تلعب ما تسمى سياسيًّا «السلفية الجهادية» دورًا كبيرًا في استقطاب المهمشين وأصحاب الهويات المضطربة في المجتمع، لتنفيذ أجندتها المتطرفة، وأكد ذلك زيادة نسبة المنتمين لها بصورة كبيرة سنويًّا إذ وصلت إلى نحو 13 ألف عضو، بحسب أخر إحصائية أصدرتها وزارة الداخلية الاتحادية الألمانية، متفوقة على تنظيم داعش الإرهابي من حيث عدد الأعضاء، وتلعب المرأة دورًا كبيرًا في التنظيم، سواء كانت أمًا أو معلمة أو صاحبة نفوذ في أي من مجموعات السلفية الجهادية، فبحسب تقرير المفوضية الأوروبية يؤول للمرأة دور كبير في التيار الجهادي، إذ تؤدي دورها في الدعاية والتجنيد بداخل المجتمع النسائي وتسهم في تربية أطفال يحملون التشدد كمنهج رئيسي، ويقول رئيس مكتب حماية الدستور في ولاية شمال الراين وستفاليا، إن نسبة النساء في المجتمع السلفي المتطرف تبلغ نحو 18%.

توغل وتجنيد وإرهاب
مظلة إرهابية

تيار السلفية الجهادية يندرج تحت مظلته عدة تنظيمات تزعم وتعتقد أن ما تطلق عليه «الجهاد» هو الغاية الأساسية للدين الإسلامي، فضلًا عن تفسيرات فقهية ترتبط بمبدأ الحاكمية المعتمد على قول الله تعالى (إن الحكم إلا لله) بما يحمله ذلك من تكفير للديمقراطيات والأنظمة السياسية الحديثة التي لا تطبق تفسيرات الدين، ومن أشهر أذرعه «جماعة الدين الحق» التي تأسست في 2005 في كولونيا، ولعبت دورًا في إقناع الشباب بالانضمام لتنظيم داعش، واشتهرت بتوزيع المصاحف في الشارع، وأبرز مؤسسيها إبراهيم أبوناجي، شكلت هذه الجماعة خطرًا داهمًا على السلطات الألمانية في العديد من الولايات الألمانية، واستغلت تلك الجماعة المتطرفة الدين الإسلامي لتحقيق أهداف سياسية، عبر تجنيد اللاجئين والشباب الألمانى لاستقطاب معاونين جدد لهم وإقناعهم بالأفكار المتطرفة مستغلين حالة الاغتراب التي يعيشونها.

توغل وتجنيد وإرهاب
شرطة الشريعة

وتندرج جماعة شرطة الشريعة التي ظهرت في 2014 عبر مجموعة من سبعة رجال يرتدون سترات برتقالية كتب عليها (شرطة الشريعة) ويتجولون ليلًا في شوارع مدينة فوبرتال الصناعية، ويدعون المواطنين إلى التخلي عن شرب الكحول وعدم الذهاب إلى الملاهي الليلية، تحت مظلة السلفية الجهادية، كما تنشط «جماعة أنصار الأسير» داخل السجون الألمانية للدفاع عن المعتقلين ذوي الخلفية الإسلامية، بالإضافة إلى «خلية فولفسبورج»، التي كان هدفها إمداد تنظيم داعش بالمقاتلين في الشرق الأوسط للقتال في سوريا والعراق قبل أن تتمكن الشرطة الألمانية من السيطرة على الخلية في 2015.

المكتب الاتحادي لحماية الدستور الألماني قسم منتسبي تيار السلفية الجهادية إلى فئتين، الأولى تنطوي على أهداف سياسية تريد تحقيقها ببطء عبر استخدام الشعارات الدينية، والثانية تحمل السلاح وتنفذ الهجمات لإحداث تغيير سريع بالمجتمع عبر عمليات إرهابية كما يفعل داعش، إلا أن الفئتين لديهما نفس المعايير حول العنف واستخدام السلاح ولكن الأول يؤجله بعض الشيء حتى تحقيق أهدافه.

توغل وتجنيد وإرهاب
لا معارضة  

تكمن خطورة السلفية الجهادية، في رفضهم لكل معارضيهم، حتى لو كانوا مسلمين، مما يؤكد رفضهم للتعددية والاختلاف، ولذلك تعتبرهم أجهزة الاستخبارات خطرًا داهمًا على المجتمع، لأنهم باتوا يمثلون سلسلة عقائدية تنتظر تنفيذ أدوارها في اللحظة المناسبة.

تمكنت السلفية الجهادية من نشر عقيدتها في ألمانيا عبر المؤسسات الدينية؛ كالمساجد ومنظمات العمل الإنساني والخيري، والمراكز التعليمية، مستغلة بعض الدعاة وقادة الرأي لتجنيد المزيد من الأعضاء، وتعتقد الاستخبارات الألمانية أن هذه الجماعة تتلقى دعمًا ماليًّا من الخارج.

تنتشر جماعات السلفية بشكل أكبر في منطقة شمال الراين وكولونيا وبون وماين وبرلين، ومن أبرز قيادات الجماعة الملاكم السابق بيير فوجل، وسفين لاو الذي أسس خلية شرطة الشريعة، وإبراهيم أبوناجي ألماني من أصل عربي، أسس جماعة الدين الحق، أبو ولاء عراقي الأصل، ويعمل على تجنيد الشباب للقتال مع داعش.

بذلت ألمانيا جهودًا واسعة في محاربة التطرف والإرهاب، ونجحت بشكل جيد في الحد من أنشطة الجماعات المتطرفة، من خلال وضع بعض المنظمات والجمعيات تحت المراقبة والبعض الآخر تم حظرها، كما نجحت الإستخبارات الألمانية في تفكيك خلايا متطرفة قبل تنفيذها عمليات إرهابية، وهذا يعني ان الإستخبارات الألمانية لديها متابعة دقيقة للجماعات المتطرفة، وتتبعها وجمع الأدلة والشواهد، لكنها تواجه صعوبة بعض الشيء في مواجهة تنظيم السلفية الجهادية نظرًا لعدم انتظامه في كيان واضح، ولكنه ينتشر عبر مجموعات من الدعاة زاد نفوذهم داخل المجتمع الألماني بقوة خلال السنوات الأخيرة ، نظرًا لأن قادة التنظيم عناصر ولدت في ألمانيا وينطقون اللغة ببراعة ويعرفون مشكلات المجتمع جيدًا حتى يكونوا أكثر إقناعًا، ويعتمدون على الإنترنت لنشر أفكارهم، فطبقًا لكتاب الحقائق حول التطرف الإسلامي الذي أصدرته المفوضية الأوروبية في ديسمبر 2019 تلعب مواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي دورًا مؤثرًا في دعاية التجنيد للتيار، ويعد تيليجرام أبرز المواقع التي يستعملها الجهاديون لما يتيحه من قنوات مشفرة تقوض عملية المراقبة ضدهم.

الحكومة الألمانية قامت مؤخرًا بإغلاق أكثر من مركز تعليمي بعد تأكدها من وجود علاقة تربطهم بالجماعة السلفية الجهادية، ولعل أبرزها روضة أطفال النور في ولاية راينلاند بالاتينات.
"