يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

غزو ناعم.. «ديانت» سلاح تركيا لغزو المجتمعات «1-4»

الثلاثاء 01/ديسمبر/2020 - 02:18 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة

الغاية دومًا تبرر كل وسيلة عند الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظامه الجاثم على صدور الشعب التركي قرابة عقدين من الزمان، وهذا ما سنتناوله تفصيلًا في ملف «غزو ناعم»، إذ تنوعت أساليب النظام التركي في غزو واختراق الدول مستغلًا الشعارات الدينية، ومستغلًا هيئة الشؤون الدينية التركية «ديانت»، التي تأسست عام 1924، والتي لم تلعب دورًا كبيرًا داخل المجتمع حتى قيام السلطات بالاعتماد على المنظمات الإسلامية لنشر أفكارها، فنقلت إلى أوروبا للترويج لمفهوم العلمانية بين المهاجرين، ولاسيما في ظل وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا.

غزو ناعم.. «ديانت»

تحولت مؤسسة «ديانت» في عهد أردوغان، إلى مؤسسة سياسية، موجهة لخدمة أغراض النظام، منذ عام 2010، إذ عمد حزب العدالة والتنمية على توسيع مهام مؤسسة «ديانت» وجعلها أداة للأجندة السياسية والأيديولوجية للحزب، فأصبحت أكثر نشاطًا خارج البلاد، وانتشرت في كثير من دول العالم، من خلال تنظيم رحلات الحج، وتوظيف الدعاة، وتقديم منح دراسية للطلاب من أفريقيا والبلقان وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية؛ لدراسة الشريعة في تركيا، قبل أن يعودوا لبلدانهم لنشر أيديولوجيا حزب العدالة والتنمية وفكره.


في سبيل ذلك خصصت الحكومة التركية 12.9 مليار ليرة كميزانية لديانت خلال عام 2021، رغم تفاقم الأزمة الاقتصادية في ظل تفشي فيروس كورونا، وبالرغم من الظروف الوبائية، والميزانية المتوقعة للمنظمة أعلى بنسبة 210% من وزارة الثقافة والسياحة وأعلى بـ171% من وزارة الصناعة والتكنولوجيا؛ ما يعكس أهميتها لدى النظام الحاكم، فهي تعد أداته الرئيسية للتحرك داخل مختلف دول العالم بطريقة غير مباشرة.


شيدت «ديانت» 103 مساجد خارج تركيا في أكثر من 12 دولة، بتكلفة قاربت نصف مليار دولار في عدد من الدول، منها ألبانيا وروسيا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة والفلبين، والإشراف على مصاريف المساجد في 145 دولة، وإعادة بناء وتأهيل المساجد التي دمرت في الحروب، ولاسيما الحالة السورية، ورعاية اللاجئين، فضلًا عن الإشراف على مشاريع التعليم والمساعدات الإنسانية خارج تركيا، كوسيلة للوصول لدور قيادي في العالم الإسلامي، ولكنها أصبحت منابر وأبواق نشر التطرف والإرهاب؛ ما دفع بعض الدول لحظر التمويل التركي للمساجد خارج تركيا.


وبحسب صحيفة «بليك» السويسرية الناطقة بالألمانية، فإن المؤسسة الإسلامية التركية في سويسرا والتابعة لمديرية الشؤون الدينية التركية «ديانت» نظمت مخيمًا للأطفال في سويسرا، أشرف عليه مجموعة من أئمة الإخوان؛ لنشر الأفكار المتطرفة.



ويذكر أن موقع «انفستيجتيف جورنال» البريطاني نشر دراسة كشفت عن ممارسات مؤسسة «ديانت» التركية، التي تعد مؤسسة حكومية دستورية، وتشرف على 90 ألف مسجد في تركيا، والآلاف في الخارج، وتعمل سواء بتركيا أو في الخارج، مؤكدًا أنها تعمل على نشر الأفكار المتطرفة من خلال المساجد التابعة لها، إضافة إلى أنها ذراع تركيا في الخارج لاستقطاب الشباب والأطفال.


وأرسلت مديرية الشؤون التركية أئمة كانوا يقومون بدور المعلمين في المعسكر، كان أحدهم ينحدر من هاتاي جنوب شرقي البلاد، ويعمل إمامًا في مسجد تابع لمؤسسة «ديانيت» بمدينة نوينبرج السويسرية؛ حيث روج لأفكار متطرفة بين الأطفال، بحسب الصحيفة.


واللافت للانتباه أنه في النصف الأول من ديسمبر 2019 وخلال زيارة «أردوغان» الأخيرة لجنيف التقى المشرفون على المعسكر برئيس تركيا.


ويعد نفوذ «ديانت» في منطقة القوقاز هو الأبرز، إذ دعمت المنظمة التركية الأقلية السنية في منطقة أدجارا بجورجيا، وكذلك بعض المساجد وقسم الدين في جامعة باكو الحكومية في أذربيجان، ما بات يهدد أمن واستقرار البلاد.


وأمام انتهاكات وجرائم «ديانت» فتحت عدة دول أوروبية، تحقيقات للكشف عن مخالفات الأئمة الأتراك، ومن تلك الدول «ألمانيا، والمجر، والنمسا، وهولاندا، وسويسرا، وبلجيكا، والسويد»، ورصدت التحقيقات قيام الأئمة بالتجسس على المواطنين الأتراك، المقيمين في دول أوروبية، وجمع البيانات، عن المعادين لنظام «أردوغان»، وخاصةً الموالين للمعارض فتح الله جولن.


جدير بالذكر، أن  الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أحكم قبضته على رئاسة الشؤون الدينية «ديانت»، بمسرحية الانقلاب الفاشل، يوليو 2016، لدرجة رفع لافتة على أبواب المساجد تقول: «أنصار جولن غير مرحب بهم».

"