يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

خريف السلطان.. هكذا دمر «أردوغان» الاقتصاد التركي «1-7»

الجمعة 13/نوفمبر/2020 - 12:14 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
قادت سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخاطئة، تركيا إلى الانهيار، إذ يشهد الوضع الاقتصادي انتكاسة لا مثيل لها خلال الفترة الحالية، وتراجعت الليرة التركية بشكل كبير فضلًا عن ارتفاع معدلات التضخم، الأمر الذي دفع «بيرات آلبيراق» صهر أردوغان ووزير المالية والخزانة إلى تقديم استقالته، فضلًا عن إقالة رئيس ​البنك المركزي​، مراد أويصال، من منصبه وتعيين ناجي آغبال، رئيس الإدارة الإستراتجية والموازنة بالرئاسة، خلفًا له.


أردوغان
أردوغان
سياسات أردوغان العدائية في المنطقة أسهمت في تراجع المؤشرات الاقتصادية وانخفاض الليرة، ولاسيما حربه التي ورط فيها الجيش التركي في سوريا رغبة منه في الحصول على النفط والانتقام من الأكراد فحصد جزاء سنمار، إذ تراكمت الديون على تركيا نتيجة الإجراءات غير المحسوبة التي اتخذها النظام وتشير التوقعات، إلى أن أيام الرخاء قد ولت.

الأزمة الاقتصادية التركية وانهيار الليرة ليست مسؤولية وزير المالية بيرات البيرق وحده، ولكنها نتيجة مجموعة من الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا الوضع السيئ إذ تعود إلى مشاكل هيكلية في نموذج النمو الاقتصادي التركي الذي اعتمد على ضخ أموال بكثافة من خلال الاقتراض الخارجي الضخم الذي رفع الدين الخارجي التركي من 100 مليار دولار في بداية عهد «أردوغان» إلى نحو 450 مليار دولار حاليًا.

وذكر البنك المركزي التركي، مؤخرًا أن الديون الخارجية على تركيا المستحقة في غضون عام أو أقل بلغت 169.5 مليار دولار، وكذلك الخصخصة الشاملة وبيع أصول الدولة للأجانب، ما جعل نسبة كبيرة من عائدات الاقتصاد التركي تذهب للخارج ولا يعاد تدويرها في الاقتصاد، وأدى ذلك إلى عجز ضخم في ميزان المدفوعات والميزان التجاري بعشرات مليارات الدولارات سنويًّا.

الظروف الاقتصادية الدولية أدت إلى تدفق نحو 525 مليار دولار من النقد الأجنبي على تركيا على مدى 15 عامًا، شاملة في ذلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والاستثمارات في حافظة الأوراق المالية والقروض الخارجية، لكن مع تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية وخسارته مدنًا مهمة في انتخابات المحليات عام 2018، هربت رؤوس الأموال الأجنبية ونضبت احتياطيات النقد الأجنبي في البنك المركزي، لتغطية عجز ميزان العمليات الجارية، ما أدى لانهيار الليرة أمام العملات الأجنبية، رغم اتفاقيات مبادلة العملة خاصة مع قطر وإيران.

وأدى تفشى فيروس كورونا وما ترتب عليه من إغلاقات للأنشطة الاقتصادية إلى صدمة اقتصادية تم التخفيف من حدتها بعض الشيء بزيادة منح الائتمان، وكانت تكلفة هذه العملية هي عدم توازن سعر صرف العملة، وهو ما دفع البنك المركزي إلى القيام فعليًّا برفع أسعار الفائدة خلال شهر أغسطس الماضي.


ومن أجل مساعدة قطاع الأعمال والمستهلكين على اجتياز الوباء، قامت الحكومة التركية بوضع خطة تحفيز بلغ حجمها 33 مليار دولار، إلى جانب قيام البنوك الحكومية بتعزيز عمليات الإقراض.

وفي الوقت ذاته، تبنى البنك المركزي سياسة التيسير النقدي فقام بحقن المزيد من السيولة في الاقتصاد عن طريق شراء السندات الحكومية، وتقديم سلسلة من التخفيضات في أسعار الفائدة كان أكبرها خفض سعر الفائدة بمقدار 1% في مارس 2020.

ولكن هذه الإجراءات أدت لزيادة الضغوط التضخمية وتدهور سعر صرف العملة، كما انخفضت الصادرات التركية بنسبة 35.3% في الربع الثاني من هذا العام مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، بعد أن كانت حققت نموًا هزيلًا يبلغ نحو 0.3% في الربع الأول من العام.

وعلى صعيد الواردات تم تحقيق انخفاض بنسبة 6.3% خلال الربع الثاني من العام، بعد أن حققت انخفاضًا بنسبة 21.9% خلال الربع الأول من العام.

واستمر هذا الأداء السيئ للتجارة الخارجية خلال شهر يوليو الماضي، حيث أوضحت مؤخرًا بيانات لمعهد الإحصاءات التركي أن الصادرات قد انخفضت بنسبة 5.8%، كما انخفضت الواردات بنسبة 7.9%.

تعليمات أردوغان بخفض أسعار الفائدة أملًا في خفض معدل التضخم، يتنافى مع كل النظريات والشواهد العملية الاقتصادية، وأدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، وأدى انخفاض سعر صرف الليرة الى رفع الطلب على النقد الأجنبي باعتباره ملاذًا آمنًا بعد فقدان الثقة في العملة التركية، إذ بلغت نسبة الادخار بالعملات الأجنبية نحو 53% من جملة الادخار، كما ارتفع الطلب على العملات الأجنبية أيضًا لسداد الدين الخارجي واجب السداد خلال 12 شهرًا مقبلة، وهو ما يبلغ نحو 170 مليار دولار، فضلًا عن الحاجة للعملات الأجنبية من أجل الاستيراد.

ويأتي ذلك بالتزامن مع انخفاض الصادرات وانهيار الدخل السياحي بسبب تفشي فيروس كورونا.

ويشار الى أن «أردوغان» أقال محافظ البنك المركزي «مراد أويسال» من منصبه، وعين وزير المالية السابق ناجي إقبال بدلا منه، بحجة عدم تنفيذه سياساته التي أجهزت على الاقتصاد.

وأدى تدخل البنك المركزي لمحاولة التحكم في سعر الصرف إلى تآكل رصيده من العملات الصعبة، التي اقترضها عن طريق اتفاقيات تبادل العملة بعدما استنزف احتياطاته الخاصة حيث أنفق ما يزيد على 65 مليار دولار من الاحتياطى النقدي وعمل ذلك على تكثيف خروج المستثمرين الأجانب.
"