يصدر عن مركز سيمو - باريس
ad a b
ad ad ad

عرش على مستنقع.. الوفاق الليبية تغرق في وحل الفساد المالي

الجمعة 16/أكتوبر/2020 - 05:54 م
المرجع
مصطفى كامل
طباعة
باتت شبهات الفساد في الداخل الليبي تلاحق حكومة الوفاق ومسؤوليها، حيث بدأت في الظهور على العلن عقب الضغط الشعبي الذي أظهره المواطنون في العاصمة طرابلس، في أغسطس 2020، إضافة إلى محاولات تفادي أي انفجار اجتماعي آخر، بسبب الغليان؛ نتيجة اتساع رقعة العبث بالمال العام، وانهيار منظومة الخدمات، الأمر الذي على إثره بدأ قسم التحقيقات بمكتب النائب العام في ليبيا بإصدار قرارات بالحبس الاحتياطي لعدد من المسؤولين بتهم فساد.
عرش على مستنقع..
المال الليبي المستباح
تعد ليبيا واحدة من أكثر دول العالم فسادًا، حيث جاءت في المركز 168 بين 180 دولة، وفق تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام 2019، حيث يعتمد المؤشر على تقييم الدول وفق مقياس من 100 نقطة، بحيث يقل الفساد كلما زادت أعداد النقاط التي حصلت عليها الدولة، ويشمل 180 دولة، ثلثها فقط حصل على أكثر من 50 نقطة.

وتلاحق شبهات الفساد ديوان المحاسبة الليبي، حيث سبق لرئيسه خالد شكشك أن طلب من القائم بمكتب أعمال النائب العام البدء بعملية تحقيق مصاحبة لإجراءات الديوان المعنية بمساءلة أحد أعضائه، بعد تورطه في شبهة فساد مرتبطة بعملية ابتزاز وطلب رشوة، وقال شكشك في رسالته الموجهة لمكتب النائب العام، إن الديوان رفع الحصانة عن العضو المتورط لإتاحة المجال للبدء بالتحقيق معه وفقًا للقوانين والتشريعات النافذة، منوهًا إلى أن مشاركة مكتب النائب العام المختص في التحقيقات الجنائية تعد خطوة مهمة لمكافحة الفساد في المؤسسات العامة.

وبدوره ، أصدر رئيس النيابة العسكرية بطرابلس أيوب إمبيرش قرارًا بضبط وإحضار رئيس لجنة ترشيد الرواتب بوزارة المالية الأمين بو عبد الله، والزج به في السجن؛  بتهمة التقصير والإهمال منذ توليه المنصب في الأول من سبتمبر 2020، علاوة على التأخر المتعمد في صرف رواتب موظفي وزارة الدفاع، بحسب لائحة الدعوى الصادرة عن النائب العام العسكري، الأمر الذي دعا وزارة المالية إلى استنكار حبس بوعبد الله، وقالت «إن الاستنكار جاء لعدة أسباب، أولها عدم وجود أي ارتباط أو علاقة وظيفية ما بين اللجنة ومكتب المدعي العسكري العام، حيث إن رئيس اللجنة موظف عام لا يحمل أي رتبة عسكرية، والواقعة التي يتم التحقيق معه فيها لا تعد جريمة من الجرائم التي ينطبق عليها القانون العسكري»، و«أن السبب الثاني يتمثل في كون الموضوع محل التحقيق إجراء إداري يتعلق برواتب مكتب المدعي العام العسكري، وأن هذه المواضيع يتم التعاطي معها وفقًا للتسلسل الإداري المعمول به».

وقال وزير مالية الوفاق فرج بومطاري، إن وزارته تستنكر واقعة الاحتجاز التي تمت بأمر من وكيل النيابة بمكتب المدعي العسكري العام، لافتا إلى أن الموضوع محل التحقيق هو إجراء إداري يتعلق برواتب مكتب المدعي العام العسكري، وهكذا مواضيع يتم التعاطي معها وفقًا للتسلسل الإداري المعمول به في هذا الشأن، وأن التأخير في إتمام الإجراء كان سببه التأخير طرف وزارة الدفاع في مد اللجنة بالمستندات المؤيدة.

ممنوعون من السفر
وكان مدير النيابة العسكرية الجزئية بطرابلس أيوب العجيلي أصدر قرارًا بوضع سبعة متهمين في قضية التجاوزات المالية، وإهدار المال العام بجهاز الطب العسكري،  ضمن قائمة الممنوعين من السفر إلى الخارج، مع استلام جوازات سفرهم.

والمتهمون السبعة الذين حددهم مدير النيابة العسكرية الجزئية طرابلس، هم: وكيل وزارة الصحة بحكومة الوفاق محمد هيثم عيسى الذي كان يرأس مجلس إدارة جهاز الطب العسكري سابقًا، إضافة إلى مدير عام الجهاز اللواء عمر هويدي، ومدير إدارة المشروعات بالجهاز محمد سالم، والمراقب المالي بالجهاز عمار التائب، فضلًا عن ثلاثة مهندسين بإدارة المشروعات هم عبد الحكيم عطية، ويونس مسلّم، وعدنان البشتي.

ملاحقة الفاسدين.
عرش على مستنقع..
أصدر قسم التحقيقات بمكتب النائب العام في ليبيا، خلال الأيام القليلة الماضية، قرارات بالحبس الاحتياطي شملت كلا من عبد اللطيف التونسي مدير مكتب محافظ مصرف ليبيا المركزي، ومصطفى معتوق رئيس مجلس إدارة الخطوط الأفريقية المتهم بإلحاق ضرر جسيم بالمال العام، وفوزي علي الرمالي مدير شركة إفريقيا للتجارة والاستثمار التابعة لصندوق ليبيا للمساعدات، والتي يوجد مقرها بدولة موريشيوس المتهم باستخدام ما عهد إليه من مال عام في غير الأغراض التي خصص لها، إلى جانب مزاولته للوظيفة رغم إعفائه من مهام منصبه واستخدامه وثائق مزورة.

وشملت قرارات مكتب النائب العام الليبي، قرارات بحبس وكيل وزارة تعليم الوفاق عادل جمعة لمدة 30 يومًا على ذمة التحقيق في قضايا تتعلق بشبهة فساد في عقد توريد مقاعد دراسية، وحبس وزير الحكم المحلي في حكومة الوفاق ميلاد الطاهر ووكيل وزارته صالح الصكلوك، على خلفية تهمة نهب مال عام، بذريعة تمويل شركات خدمة عامة في المنطقة الشرقية دون وصول المبالغ المالية للجهة المستفيدة، ورئيس المجلس البلدي لمدينة بني وليد، سالم نوير، على خلفية تصرفه في مبلغ ثلاثة ملايين دينار مخصصة للنازحين بالتواطؤ مع أفراد من أسرته بحسب الاتهام ونقلته وسائل الإعلام؛ بجانب تمديد سجن مدير مصرف ليبيا الخارجي محمد بن يوسف ومدير قطاع الاستثمار بالمصرف الشارف شلبي، وهو صهر رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ، وذلك بتهمة إصدار المصرف، في استثمارات غير مدرجة، ترتب عنها ضرر جسيم بالمال العام.

ووجه وكيل النيابة بمكتب النائب العام عبد الباسط شهران خطابا، إلى مدير مكتب المعلومات بوزارة الداخلية في حكومة الوفاق، ورئيس جهاز المباحث الجنائية، ورئيس جهاز الردع لمكافحة الجريمة، ذكر خلاله أن محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير تقدم ببلاغ ضد مدير المصرف الليبي الخارجي محمد بن يوسف لدخوله المصرف مصحوبا بمجموعة لممارسة أعماله كمدير عام للمصرف، حيث قال رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الصديق الصور، إنه تقرر إجراء تحقيقات في عدة ملفات تتعلق بالمال العام والجرائم الاقتصادية، وتم تكليف شركات دولية من أجل الوصول إلى الحقائق في عدد من القضايا المتعلقة بمؤسسة الاستثمار والمصرف الليبي الخارجي، مشيرًا إلى تعاون قضائي دولي للتحقيق في ملفات مصرف ليبيا المركزي في طرابلس غربا، والبيضاء شرقًا، إضافة إلى الأداء الحكومي، وأن هذا التعاون كشف عن إهدار المصرف الليبي الخارجي لـ800 مليون دولار في استثمارات غير مصنفة ترتب عليها ضرر جسيم بالمال العام.

خدعة المحاكمة
بينما اعتبر عضو مجلس النواب علي التكبالي أن القبض على بعض المسؤولين بحكومة الوفاق بتهمة الفساد حيلة لا تنطلي على أحد، فهي محاولة لإبعاد الأعين عن الفاسدين الحقيقيين، فالمساءلة يجب أن تطال جميع الرؤوس في حكومة الوفاق وغيرها من الحكومات، فقد استشرى الفساد، وأصبح من الصعب التخلص منه بالطريقة البطيئة التي تتبعها بعض الأجهزة الرقابية الآن.

"