بريطانيا والداعشيات.. جدل أمني بين القانون واللاعودة
الثلاثاء 13/أكتوبر/2020 - 02:15 م
نهلة عبدالمنعم
شكلت مخيمات داعش في سوريا إشكالية خطيرة، ليس فقط بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، ولكن للقارة العجوز أيضًا، لما اكتشف مؤخرًا عن صلات تتعاظم بين العناصر النسوية بالمخيمات وبين الموالين للجماعات الإسلاموية الراديكالية في أوروبا.
أوروبا للداعشيات: لا تحلمن بالعودة
تتعامل القارة العجوز وبالأخص بريطانيا بمنهجية الرفض التام لعودة الداعشيات، إذ قالت وزيرة الداخلية بريتي باتل في 29 سبتمبر 2019 مخاطبة الداعشيات: لا تحلمن بالعودة، وكذلك قررت تجريدهن من الجنسية كشميمة بيجوم، وغيرها من العرائس التي تصاعدت مطالبتهم بالعودة للندن خلال المرحلة الماضية قبل أن توصد المملكة المتحدة أبوابها نهائيًا أمام طلباتهن.
ولكن مع اكتشاف شبكات تمويل تستخدم العملات المشفرة ومواقع الإنترنت ذات السرية في تحويل الأموال من أوروبا إلى العناصر القابعة بالمخيمات في سوريا، تصاعدت حدة الخوف من مستقبل الخطر الذي يشكله هؤلاء ضد بلادهن، ففي 29 سبتمبر 2020 أعلنت السلطات الفرنسية القبض على 29 متورطًا في تحويل الأموال إلى العناصر المسلحة بسوريا، والتي تعتقد الدولة بارتباطهم بتنظيم القاعدة.
بتكوين مشفرة
إلا أن بعض المتعاطفين مع المقبوض عليهم في فرنسا قد أعلنوا أن الأموال المرسلة بعملة البيتكوين المشفرة ترسل لرعاية النساء والأطفال بمخيمات داعش، وليس للعناصر الفاعلة بالقتال الدائر؛ ما أعطى لساسة بريطانيا مؤشرًا حول احتمالية تناسخ الفكرة في بلادهم، بالأخص بعد المطالبات التي قدمتها المؤسسات الحقوقية لاستقدام الأطفال والنساء البريطانيات من المخيمات في ظل الرفض التام من الحكومة.
المحاكمة بدلا من التآمر البعيد
في ظل المخاوف من العلاقات الممتدة بين نساء داعش وذئاب أوروبا غير المعروفين بعد، ينادي الرئيس السابق لقسم مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية البريطانية، ايفور روبرتس في 11 أكتوبر 2020، بضرورة تنفيذ الدولة خطة جيدة لإعادة الداعشيات بدلًا من تركهن للتحول المضاد لمهاجمة أهداف المملكة بالشرق الأوسط.
وأضاف الدبلوماسي السابق أن الكشف عن شبكات التمويل المرسلة للبتكوين من أوروبا إلى نساء المخيمات تساعدهن على الهروب، ومعها يتزايد خطرهن الذي قد يتفاقم إذا ما استطاع التنظيم إعادة التشكل مرة أخرى، مؤكدًا أن الأفضل للمملكة المتحدة ولأوروبا بشكل عام هو استقدام هؤلاء السيدات ومحاكمتهن بالداخل، وتطبيق القوانين الصارمة بدلا من تركهن لتشكيل قوى جديدة تهدد الأمن العالمي.
تطبيق القانون
وأشار روبرتس إلى أن الدول عليها التكاتف لمراقبة الوسائل الإلكترونية التي يستخدمها العناصر المتطرفة، وتطبيق القوانين بحزم لتقويض التواصل بين هذه المجموعات، ومنع التمويلات المتبادلة، وكذلك التوجيهات حول عمليات الاستهداف، وانتقد استراتيجية لندن في التعامل مع ملف العائدين، مشددًا على أن تركهم للهروب من المخيمات والسجون لهو الخيار الأسوء لأوروبا التي عليها أن تتحمل مسؤوليتها تجاههم، وتحاكمهم بدلا من عودة تنظيم داعش إلى سابق عهده بحلة جديدة، وبتراخٍ سياسي وأمني.
العائدون وبريطانيا
تتوازى انتقادات الدبلوماسي السابق لسياسة بريطانيا في التعامل مع ملف العائدين من داعش مع الاتجاهات السياسية الرامية إلى تخبط إداري في هذا الصدد، فمنذ أعلنت المملكة المتحدة عدم رغبتها في استقدام الداعشيات باتت تستقبل الأطفال فقط، وبأعداد محدودة جدا بدون ذويهم؛ ما يعني في منحى آخر رعاية الدولة لأفراد مشوهة نفسيًا، ومفصولة عن روابطها العائلية.
فضلا عن قضية البيتلز الداعشية التي أثارت الجدل، فبعد إسقاطها الجنسية عن عناصرها وهما شافعي الشيخ والكسندا كوتي وافقت في 2018 على إرسالهما للولايات المتحدة للمحاكمة هناك لتطبيق عقوبة الإعدام عليهما، وبعدما اعترضت الجماعات القانونية تراجعت ثم ألزمتها المحكمة في 2020 بالتعاون الاستخباري مع واشنطن لتقديم الأدلة حول تورط البيتلز في عمليات ذبح الرهائن الأجانب.





