«الإرهاب الدولي».. خطايا التعريف تعرقل المواجهة القانونية لجماعات العنف
الثلاثاء 13/أكتوبر/2020 - 09:40 م

نهلة عبدالمنعم
أصبحت الجماعات الإرهابية ذات البعد الدولي معادلة مهمة في المتغيرات الأمنية بالوقت الحالي، نظرًا لما تنتجه من خسائر فادحة على مستوى الأرواح والاقتصاد والسياسة، مخلفة أثارًا ملحة حول عمليات التقاضي والمحاسبة لتعدد الجنسيات الفاعلة بها، وتشعب هجماتها، وسط تخبط الدول حول ماهية التوصيف اللفظي والنوعي للقضية.
وفي كتاب «التعاون القانوني والقضائي الدولي في ملاحقة مرتكبي جرائم الإرهاب» يحاول الباحث في جامعة «مولود معمري» الجزائرية، «نسيب نجيب»، إلقاء الضوء على ظاهرة الإرهاب الدولي، وما يتبعها من محددات قانونية ولوجستية، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة ليست وليدة العصر، ولكن زادت حدتها إبان العهد الحالي لعدة توظيفات.

توظيفات الإرهاب
تبرز توظيفات الإرهاب في التقدم الهائل في التكنولوجيا المعلوماتية، وتطور وسائل الاتصالات التي استطاعت المجموعات الإرهابية استخدامها، بما يحقق أهدافها في التواصل بين العناصر المنتمية للجماعات، وكذلك عمليات التجنيد والتمويل عبر العملات المشفرة والحسابات السرية بمواقع التواصل ذات الخوارزميات الدقيقة وغير المخترقة أمنيًا.
وينضم إلى ذلك، الخطاب الذي تعتمد عليه الجماعات من حيث توظيف التهميش السياسي والاقتصادي لبعض الفئات، للحث على التطرف كنوع من التغيير في الاستراتيجيات السياسية بحجة البحث عن واقع أفضل.
ويرى الباحث أن أغلب المجتمعات تعجز عن حل معضلة التطرف القائم على (البعد الديني والتفسيرات الفقهية الخاصة) بطرق ناجعة تمنع تدهور الأوضاع أو تفاقم الأزمة؛ لأن الإرهاب ليس مقتصرًا على دين أو فئة بعينها، ولكنه سلوك يُوظف لأهداف خاصة يتربح منها بعض القوى، وبالتالي فإن إيجاد حل لأزمة التطرف قد يضع حدًّا للخلط بين الإرهاب والدين باعتبار الأول هو شكل جديد من أشكال الصراعات العالمية.

أسباب ضعف المواجهة القانونية للإرهاب الدولي
يعول الباحث نسيب نجيب، ضعف المواجهة للإرهاب الدولي رغم أخطاره وتطوره على الانقسام الدولي في معالجة الظاهرة، فمن ناحية تتجه الدول إلى المعالجات المنفردة من حيث القوانين والأطر الدستورية، مضيفًا أن هذه النقطة قد تكون شهدت تطورًا طفيفًا على مستوى التنظيمات الدولية كالأمم المتحدة التي تسعى لوضع معايير واضحة للقضية، ولكن بعض المناوشات السياسية بين الأنظمة أو الاختلافات القانونية تحول دون ملاحقة جادة للإرهابيين والمتورطين بالهجمات الدامية.
وبالفعل تبرز وجاهة الأطروحة الخاصة بالكاتب إذا ما طبقناها على النموذج البريطاني في التعامل مع قضايا التطرف، فمن جهة يعتبر الجماعة الليبية المقاتلة التي تتورط في أعمال عنيفة جماعة معارضة مسلحة إلى جانب استراتيجيته في التعامل مع العائدين من «داعش»، والتي يشوبها الكثير من التخبط.
وتنضوي معضلة المواجهة القانونية للإرهاب الدولي –من وجهة نظر الباحث- على بعض المعايير التعريفية إذ لا تزال الدول تختلف حول تعريف الإرهاب الدولي والممارسين له، وبالتالي الجرائم التي تحدث والمواد المُعاقب بها ما يخلق فجوة في المجتمع العالمي حول التعامل مع القضية.
ويبرز ذلك جليًّا في الخلط الغربي بين الإرهاب وحمل السلاح للترهيب، وفرض الوجود بالقوة وبين حق الشعوب في الدفاع عن نفسها، وتحديد مصيرها، ما يؤدي في النهاية لتعريف مجموعات متطرفة كمعارضة مسلحة، ووصم جماعات مقاومة سياسية بالإرهابية.
ويدفع الباحث بأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر فى عام 2001 شكلت منعطفًا تاريخيًّا في الأطر القانونية للتعاون العالمي لمواجهة الإرهاب الدولي، وحثت بعض الأنظمة نحو المزيد من التعاون لتقويض العمليات الهجومية الخطيرة، وبات التعاون المعلوماتي والاستخباري ضرورة ملزمة في بعض الأحيان، ولكن لم تتحدد بعد الأطر الملزمة للسياسات التي قد تخترق الأهداف الحقيقية للتعاون الاستخباري بما يضر السلم أو الأمن الحقوقي للمواطنين.